بقرادوني لـ”الأنباء”: اتفاق جنيف 2013 بين إيران والغرب كاتفاق اشنطن والأسد الأب عام 1990
رأى الوزير السابق كريم بقرادوني ان اتفاق جنيف 2013 بين مجموعة الخمسة زائد واحد وإيران، أشبه باتفاق العام 1990 بين الولايات المتحدة والرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، حيث أطلقت بنتيجته يد النظام السوري في لبنان وفلسطين والأردن مقابل مشاركته الرمزية في تحرير الكويت من الغزوة العراقية، معتبرا بالتالي ان الولايات المتحدة أعادت من جنيف الكرّة من جديد، إنما هذه المرة مع الدولة الإيرانية مقابل تخفيضها لنسبة التخصيب النووي كمرحلة أولى، على أن تكون في المرحلة الثانية شريكة أساسية في إدارة أزمات المنطقة الممتدة من لبنان وسورية وصولا الى أفغانستان في مواجهة الصعود الاسلامي المتطرف، بمعنى آخر يعتبر بقرادوني ان اتفاق جنيف شكل نهاية الربيع العربي وبداية لمرحلة جديدة من الاستقرار في المنطقة على غرار ما كانت عليه مرحلة التسعينيات.
وردا على سؤال لفت بقرادوني في تصريح لصحيفة «الأنباء» الكويتية الى ان اتفاق جنيف متشعب ولم يكتمل بعد كون مرحلة الستة أشهر المعطاة لتنفيذه كناية عن مرحلة تمهيدية بمنزلة اختبار نوايا، ترشحه ليكون اتفاقا نهائيا ودائما، إلا أن أبرز ما حصدته إيران في اتفاقها مع مجموعة الخمسة زائد واحد، هو أنها حجزت مقعدا لها في مؤتمر جنيف2 الى جانب المملكة العربية السعودية، أي أنها أصبحت شريكة في صياغة ما سينتج عنه من مقررات حيال أزمات المنطقة وتحديدا السورية منها، وهو ما سيعطي النظام السوري دفعين أساسيين على مستوى أزمته وهما: تكريس حربه على أنها ضد «الارهاب»، وليست ضد ثوار ومسلحين، وتكريس مرحلة انتقالية له تمتد حتى يوليو 2014 موعد الانتخابات الرئاسية السورية.
وعما اذا كان الاتفاق الإيراني مع الغرب قد أدخل لبنان في زمن الوصاية الإيرانية عليه على غرار الوصاية السورية ما قبل العام 2005، أكد بقرادوني أن زمن الوصايات والتلزيمات انتهى وحل مكانه زمن المواجهات المضنية مع الصعود الاسلامي الارهابي والانتحاري، وذلك لاعتباره أن مسألة الخليج والعراق انتهت بسرعة فتحول مع انتهائها الاتفاق الأميركي مع الأسد الأب الى وصاية على لبنان وفلسطين، أما في مسألة الارهاب فالأمر مختلف وأكثر تعقيدا وأطول مما يعتقده البعض، وهو ما سيجعل من إيران شريكة في مواجهته وليست وصية على هذه الدولة أو تلك.
وعن قراءته لمصير سلاح “حزب الله” في لبنان في ظل التفاهم الإيراني مع الغرب، لفت بقرادوني الى أن لإيران وجهين أساسيين، الأول براغماتي كبير أظهرته في الملف النووي وفي مفاوضاتها مع الولايات المتحدة والغرب، والثاني عقائدي وثابت وهو الصراع مع إسرائيل، وسلاح حزب الله يندرج في إطار الوجه العقائدي ويشكل جزءا رئيسيا من مقومات الصراع المشار اليه، لذلك يعتبر بقرادوني أن إيران ستتمسك بهذا السلاح انطلاقا من ثوابتها ومبادئها، ما يعني أن سلاح حزب الله باق طيلة المرحلة المقبلة، الأمر الذي أزعج إسرائيل فبدت وكأنها خسرت قضية إستراتيجية، لشعورها بأن اتفاق جنيف ثبت إيران قوة اقليمية في مواجهتها، فوجدت نفسها وحيدة في مواجهة مرحلة جديدة غير مسبوقة.
واستطرادا، لفت بقرادوني الى أن التوازن بين فريقي 8 و14 آذار بقي قائما بالرغم من الفوضى السياسية التي شهدتها وتشهدها الساحة اللبنانية، إلا أن التغيير القادم سيكون على مستوى الخيارات أكثر مما سيكون على مستوى التوازنات، مشيرا الى أن فريق 8 آذار أثبت ودون أدنى شك انه كان القارئ الجيد والأكثر تبصرا واستشرافا لمستقبل لبنان والمنطقة، أي أن رهان قوى 8 آذار على المحور الإيراني نجح مقابل سقوط رهان قوى 14 آذار على المحور الآخر، مستدركا بالقول ان مشاركة “حزب الله” في الحكومة أصبحت امرا حتميا ولو أخذت حيزا من الوقت لإيجاد المخارج الديبلوماسية والسياسية.