بعد 15 أيار ليس كما قبله والقرارات الكبيرة آتية…
جريدة البناء اللبنانية-
أحمد بهجة:
من موقع العارف والمطلع وضع وزير الأشغال العامة والنقل الدكتور علي حمية يده على مكمن الخلل الذي يحول دون الانطلاق بمشاريع اقتصادية وإنمائية تسمح للبنان بعد وقت غير طويل باستعادة توازنه الاقتصادي والمالي، على عكس ما يحاول بعض الخارج وبعض الداخل تصوير الأمور، وكأن لا أمل للبنان بالنهوض من جديد.
وأكد الوزير حمية أنه كوزير للأشغال لن يسمح ببقاء أيّ مرفق عام في وزارة الأشغال العامة والنقل رهينة تجاذبات سياسية خارجية أو داخلية… مؤكداً الرفض التامّ لأن يبقى البلد بأسره يتلقى مساعدات جزئية في إطار إغاثي خاصة على صعيد بعض بالمواد الغذائية والدوائية لا أكثر.
وما تجدر الإشارة إليه هو أنّ الوزير حمية ومنذ توليه مهامه الوزارية قبل سبعة أشهر وضع نصب عينيه تفعيل القطاعات التابعة لوزارته، فطرح موضوع النقل العام وضرورة أن يعود هذا القطاع إلى العمل بعدما أُهمل لفترة طويلة، فطرق باب فرنسا وطلب من سفارتها في بيروت ثم خلال زيارة قام بها إلى باريس أن يتمّ تزويد لبنان بهبة باصات فرنسية والمساعدة على إصلاح الباصات المتوقفة عن العمل وعددها نحو خمسين، وذلك من ضمن خطة متكاملة للنقل العام تُنفذ على فترات محدّدة.
وبالفعل تمّ في شهر آذار الماضي توقيع مذكرة تفاهم حول هبة الباصات الفرنسية للبنان، وقال الوزير حمية يومها إنّ الدعم الفرنسي لم يقتصر على الباصات، إنما أيضاً عبّرت مذكرة التفاهم عن استعداد الدولة الفرنسية للمساعدة في وضع إطار قانوني ينظم الشراكة بين القطاعين العام والخاص بحيث تصبح الدولة هي المنظم والقطاع الخاص هو المشغل.
كذلك في ما يتعلق بمرفأ بيروت وتطوير العمل فيه بما يؤمّن للخزينة العامة بعض المداخيل التي تحتاجها بشكل ملحّ جداً، حيث تمّ التوقيع في شهر شباط الماضي على عقد تلزيم مجموعة الشحن الفرنسية «CMA CGM» إدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مرفأ بيروت لمدة عشر سنوات، وبنتيجة هذا العقد سيتمّ رفد الخزينة العامة بعشرات الملايين من الدولارات الإضافية، وهذا يؤكد وفق ما قال الوزير حمية بأننا نستطيع وبالإرادة والتصميم، القيام بما يجب فعله لتفعيل المرافق العامة دون وصاية من أحد.
إلى هنا كانت الأمور تسير بشكل جيد، وإنْ كان الحذر واجباً دائماً في التعاطي مع مؤسسات وشركات تابعة لدول الغرب، كونها تدخل السياسة في إطار إدارتها للمشاريع الاقتصادية والإنمائية التي تتولى تنفيذها، ولعلّ أبرز مثال على ذلك ما حصل مع مجموعة الشركات التي كانت تقوم بأعمال التنقيب عن النفط في البلوك رقم 4 قبالة سواحل البترون، وأبرزها شركة «توتال» الفرنسية التي أوقفت العمل قبل انتهائه وفق ما ينص العقد الموقع مع الدولة اللبنانية، وهي إلى اليوم لم تسلّم لبنان تقريرها النهائي عن نتائج أعمال الحفر، الأمر الذي جعل التكهّنات والتخمينات تأخذ مداها في هذا المجال.
أما تصريح الوزير حمية عن عدم إعطاء البنك الدولي أي جواب بشأن القرض الخاص بخطة النقل لبيروت الكبرى، بعدما كانت الأمور بين الوزارة وموفدي البنك تسير بشكل جيد، وبالتالي لا تفسير تقنياً لعدم جواب البنك الدولي، علماً أن الوزير حمية يُبقي الأبواب مفتوحة بانتظار هذا الجواب، لأنّ لبنان يريد أكل العنب بعد كل المعاناة التي يعيشها شعبه.
لكن لا بدّ للمراقب من قراءة هذا الأمر في السياسة وليس خافياً على أحد ارتباط البنك الدولي بالسياسة الأميركية!
ربما أراد الأميركيون من خلال سلبية البنك الدولي، أن يوصلوا رسالة ما للبنان قبل الانتخابات، والقول للبنانيين إنّهم إذا أرادوا تحقيق أيّ إنجاز اقتصادي أو مالي، فإنّ عليهم أن يتصرفوا كما يجب في الانتخابات.
الرسالة وصلت بالطبع، والجواب عليها سيكون في صناديق الاقتراع حيث ستتلقى أميركا وسفارتها في لبنان ومعها حلفاؤها ومجتمعها المدني بكلّ تلاوينه وجمعياته وأشخاصه، كلّ هؤلاء سيتلقون في 15 أيار المقبل جواباً مدوياً بأنّ لبنان سينهض بالرغم من عراقيلكم، وشعبه المقاوم سيحقق الإنجازات الكبيرة تماماً كما حقق الانتصارات سواء ضدّ العدو «الإسرائيلي» أو ضدّ العدو التكفيري.
فالعروض السخية من أصدقاء لبنان وأشقائه الحقيقيين، من سورية والعراق إلى إيران والصين وروسيا، سوف يتمّ البتّ بها بعد الانتخابات، وكلام الوزير حمية واضح جداً بأننا لن نترك قطاعاتنا الحيوية رهينة مشيئة هذا وذاك، بل ستكون هناك قرارات جريئة بشأن العروض السخية الآتية من الشرق، لأنّها مفيدة جداً للبنان، ولأنّ لبنان بحاجة ماسة إلى هذه المشاريع التنموية، خاصة أنها تُقدّر بنحو أربعين مليار دولار، وتشمل الكهرباء والمحروقات ومصفاة النفط والطرقات وسكك الحديد والأنفاق وصولاً إلى العرض الإيراني الأخير المتعلق بتزويد لبنان بما يحتاجه من القمح، بينما كلّ ما قيل إنه سيأتي من صندوق النقد الدولي لا يتجاوز ثلاثة مليارات دولار في أربع سنوات…
القرارات الكبيرة والجريئة آتية لا محال بعد 15 أيار، خاصة مع الأكثرية النيابية المريحة المرتقبة في مجلس النواب المقبل.