بعد قرار ترامب…القدس تتوهّج من جديد
موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
خمسة أيّام مرّت على القرار المهزلة، قرار وإن بدا متسرّعاً ومتهوّراً إلا أنه مخطّط له منذ زمن بعيد!
لقد كان الكيان الصهيوني الغاصب يحاول أن يفرض نفسه من خلال الهيمنة والسيطرة والتوسّع، كما كان يحاول فرض هيبته في تموز من عام 2006 محاولاً استنقاذها من ذل الهروب والتقهقر في انسحاب 25 أيار من عام 2000، فكان أن تلقّى صفعة قويّة جعلته أكثر تقهقراً، وانكفأ على نفسه، يحسب ألف حساب لأي تقدّم أو مواجهة مع لبنان؛ فالتفّ بمكره وخبثه نحو خيارات أخرى.
أُشعلت المنطقة بالحروب، أُوجدت داعش، الوحش الذي ظهر مرعباً قبل سنوات، وحاولوا من خلاله السيطرة على المنطقة، وإخضاعها، والهدف الأساس من إيجاده هو تدمير الجيوش القوية الممانعة التي تقف في وجه هذا الكيان الغاصب، وكان من وقت لآخر يظهر نفسه بشكل مباشر من خلال التدخّل العلني في سوريا.
ولكنّه أيضاً تلقى صفعة أقوى بانتصار قوى المقاومة ومحور الممانعة.
والأيام التي انصرمت، كانت الأخيرة للتواجد الداعشي؛ فبالأمس أعلن الانتصار الكامل في العراق وبسط السيادة العراقية على كامل أرجاء الأرض العراقية، وفي سوريا لم يتبقَّ منها إلا القليل القليل.
هي إذاً أيّام انتصارات، وأيّام احتفال بهزيمة نكراء لعدو شرس، ولصانعيه.
وفجأة ومن دون مقدّمات، يتحفنا الرئيس الأمريكي بقراره المشؤوم!
المشاريع الأمريكية في المنطقة مهزومة، واستراتيجيتها مفضوحة، ومع ذلك فقد تصرّف السيد الأمريكي كما لو أنّه سيد العالم!
من خلال جلسة مجلس الأمن التي عُقدت يوم الجمعة 8 كانون الأول 2017 بدا أن كل الدول معارضة لهذا القرار وبالإجماع، حتى تلك التي تعتبر حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، وربّما من المرّات القليلة التي يحدث فيها مثل هذا الأمر. وبدا واضحاً أن هذا القرار يخالف كل القوانين الدولية، وكل المواثيق والعهود.
وبما أن الكيان الصهيوني الغاصب يعتبر نفسه فوق القانون، ومعروف عنه نكثه بكل المواثيق والعهود التي يقطعها على نفسه، فقد يبدو الأمر غير ذات أهمية بالنسبة له وللولايات المتحدة الأمريكية التي دافعت عن قرارها بشراسة.
لا يهم!….
المهم ردود الفعل، حيث بدا العالم بأسره غاضباً، وخرجت التظاهرات في معظم البلدان والدول باستثناء تلك المغلوبة على أمرها والمبتلاة بشرذمة ممّن أسموا أنفسهم حكاماً وهم ليسوا سوى أشخاص مصابين بالعته والبله، ابتليت بهم بعض الدول العربية.
والمهم أن الشعوب في معظم البلدان العربية، وفي كثير من بلدان العالم انتفضت، وغضبت، وتظاهرت على الأرض، وعبر العالم الافتراضي بما يبشّر بالخير.
فالقدس لا زالت قلب العالم النابض، ورغم انطفاء الوهج عن اسمها في السنوات العجاف التي مرّت، فإنّه عاد ليتوهّج أكثر من أي وقت مضى.
والأهم أيضاً أن الشعب الفلسطيني، والذي هو المعني المباشر، أثبت أنّه شعب حي ومقاوم وصابر ونابض بالحياة، لن تنكسر إرادته. على العكس، فإن هذا القرار المشين أعطاه نبضاً أقوى، وجعله أكثر مقاومة، لا بل أكثر اندفاعاً لاسترداد كامل الحقوق المسلوبة، سيما وأنّه تبيّن للجميع وبشكل قاطع أن الجلوس مع الأمريكي ـ الشريك الفعلي للصهاينة ـ على طاولة المفاوضات العقيمة إنما هو انتحار، وتسليم واستسلام لهذا العدو. ـ ـ
محور المقاومة الذي خاض كل تلك الحروب، إنما خاضها من أجل مناصرة هذه القضية والتي كانت وما زالت هي القضية الأساس والمركزية التي لا يمكن التنازل عنها، وهذا ما عبر عنه مراراً، وإن حاول بعض الأعراب المتصهينين حرف الصراع، ورسم صورة أخرى له موجودة فقط في أذهانهم المريضة، لكن “يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون”.
هذا المحور المنتصر، أعلن أن القدس لنا وستبقى لنا؛ ولا يمكن لمن يظنّ أنّه سيد العالم أن يسلبها منّا بجرّة قلم، وإن كان توقيعه عرض الصفحة.
الدم يحكي، والشهادة تروي قصصاً والمرابطون على الثغور جاهزون، والكيان الصهيوني الغاصب ـ الذي لا يفهم إلا لغة القوة ـ عليه أن يفهم أنه كان وما زال هو الأضعف، ولن يستطيع تنفيذ أي خطوة من هذا النوع، فقد شهد العالم كيف تصنع دماء الشهداء الانتصارات.
القدس لنا وستبقى لنا…
وفلسطين ستتحرّر بإذن الله تعالى، إنّه وعد الله، وكان وعد الله مفعولا.