بعد تدخل بكركي.. هل ستحل الأزمة بين “التيار” و “القوات”؟
يبدو أننا سنشهد خلال الساعات الثماني والاربعون المقبلة، بداية حلحلة للأزمة بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، خصوصاً بعد دخول بكركي على خط الأزمة.
و علم أن اجتماعاً قد يعقد اليوم بين وزير الاعلام ملحم رياشي والنائب ابراهيم كنعان قبيل الاجتماع الذي دعيا اليه في الديمان برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. وأفادت معلومات لـ”النهار” ان البطريرك الراعي ربما قام اليوم بزيارة لقصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واطلاعه على اجواء اللقاء الذي عقده بطاركة الشرق مع البابا فرنسيس السبت الماضي في ايطاليا ومن ثم البحث معه في احتواء تداعيات الخلاف بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”.
وأشارت المعلومات لصحيفة “الجمهورية” الى أنه من غير المُستبعد أن يُقدم الراعي على جَمع الدكتور سمير جعجع والوزير جبران باسيل تحت سقف بكركي في وقت قريب، من أجل إعادة الأمور الى نصابها الصحيح وعدم تأجيج الصراع، لأنّ البطريرك الماروني لا يرضى أن تعود الساحة المسيحية الى مرحلة الصدامات.
وفي السياق، أكد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ”الجمهورية” أنّ بكركي تضع كل ثقلها لضبط الخلاف على الساحة المسيحية، ومعالجة ذيول الإشكال الأخير بين “القوات” و”التيار الوطني الحرّ”. وشَدّد صيّاح على أنّ بكركي ترفض العودة الى مرحلة حرب الإلغاء بين الطرفين، والدخول في حروب سياسية تضرب المجتمع المسيحي والوطني، بل إنها تعمل على ترميم التفاهم وعدم الذهاب الى حرب الإخوة.
وقبيل هذه الاجتماعات، لاحظ مجموعة مراقبين على الساحة الداخلية، وجود مؤشرات عدة تصب اتجاه التهدئة ما بين الطرفين، بما يستدل منه ان التفاهم أدخل مجدداً غرفة العناية الكثيفة بدءا بالتهدئة بين الفريقين. وعلمت “النهار” ان بشائر التهدئة انطلقت مع تعميم قيادتي الفريقين على المحازبين وقف الحملات المتبادلة حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت “الجمهورية” انّ الجهود نجحت في إعادة بناء خط “التواصل الجدي” بين القوات- والتيار الوطني الحرّ، وبحسب مشاركين في هذه الجهود، فإنه لا يمكن الكلام منذ هذه اللحظة عن أيّ مُعطى حسّي. ولكن كل ما يمكن قوله انّ البلاد دخلت اعتباراً من هذا الاسبوع في تحرّك جديد، والايام المقبلة ستكون كفيلة بتظهير ما اذا كان هناك إمكانية لأن يحقّق الاختراق المطلوب ام انّ الامور ستبقى في مجال المراوحة.
و أشارت أوساط بعبدا لـ”النهار” الى إن ما جرى قد تكون له فائدة بوضع كل الأوراق على الطاولة، بما يعيد صياغة التفاهم على أسس واضحة ومتينة، من شأنها ان تساهم في تسهيل اخراج التشكيلة الحكومية. وشددت على ان رئيس الجمهورية حريص على المصالحة المسيحية، ويرى أن ورقة “اعلان النيات” التي ولدت في الرابية جوهرها المصالحة المسيحية التي لا يمكن أحداً العودة فيها الى الوراء أو التنكّر لها. أما “التفاهم السياسي” الذي تمّ في معراب فهو تفاهم سياسي، ومن الطبيعي ان يكون عرضة لطلعات ونزلات وتباين حيناً واتفاق حيناً آخر.
الوزير الرياشي اكد لـ”النهار”، “التمسّك بالمصالحة المسيحية التي أصبحت في وجدان المسيحيين، وبالاتفاق رغم كل ما تعرضا له”. واعتبر “أن رأب الصدع ما زال ممكناً، خصوصاً أننا في اعلان النيات الذي هو اساس المصالحة اتفقنا على عدم تحويل الاختلاف الى خلاف، وعلى أهمية الشراكة في السلطة، وهو يمثّل ملحقاً ملزماً للاتفاق المبدئي والاساسي، وهو حق للقوات اللبنانية وحلفائها”.
طمأن كنعان من جهته عبر “النهار” الى “أن المصالحة المسيحية نهائية ولا عودة فيها الى الوراء، لا من التيار ولا من القوات، خصوصا أننا شهدنا الالتفاف الشعبي المسيحي حولها منذ الإعلان عن الاتفاق، ورأينا كم كان التأييد كبيراً لإعلان النيات وللتفاهم، حتى ان الانتخابات النيابية أظهرت كم كان التمثيل لهذين الحزبيْن الكبيريْن وكيف فاق الثمانين في المئة، من غير ان يتحول إلغائياً كما روّج البعض، إذ بعكس تبشير هؤلاء، كان الدافع الاساسي لإنتاج قانون الانتخاب النسبي الذي أمّن للأقلية المسيحية أن تتمثل. لذلك، شعبياً وسياسباً وحزبياً، المصالحة لا عودة عنها، ونعتبرها من المقدسات وخطاً أحمر لا تمسّ”.
مصادر بارزة في “التيار الوطني الحر” لفتت عبر “الجمهورية” الى ان هذا الاتفاق السياسي الذي اعتراه خَلل، يجب ان يخضع لتقييم. فالخلل نَتج احياناً عن سوء فهم لبعض بنوده، وفي مكان آخر اتخذت خيارات متناقضة برأينا كانت بعيدة برأي «التيار» عمّا تفاهمنا عليه. هذا كله يحتاج الى تقييم. كذلك يحتاج الى هدوء وحوار من اجل إعادة الامور الى نصابها. فإمّا ان نصل الى تطويره وإمّا الى تفسيره وإمّا الوصول الى “أمر جديد”.