بعد الإنفتاح العربي على دمشق.. المعارضة السورية إلى أين؟
موقع العهد الإخباري-
محمد عيد:
فشلت اجتماعات هيئة التفاوض السورية في جنيف ممثلة بكتلها الست في بلورة موقف سياسي واضح يتجاوز الأدبيات المعهودة عن المرجعية الدولية للتفاوض مع الحكومة السورية وفق التأويلات الخاصة بالمعارضة نفسها والتي تتطلب ما لا يتناسب مع حجمها وقدراتها وتأثيرها، خاصة بعد رفع اليد الإقليمية عنها وتعاطي العرب وغيرهم من دول الإقليم مع الحكومة السورية كممثل شرعي للشعب السوري ومباركة المبعوث الأممي إلى سوريا من الاجتماع نفسه لخطوة التقارب بين دمشق والعواصم العربية.
اجتماع فاشل لهذه الأسباب
يؤكد المحلل السياسي حسام طالب أنه بات معروفًا للجميع فشل المعارضة السورية بتوحيد موقف يقدم للمجتمع الدولي وللسوريين حول حل سياسي في سورية. وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري، أشار طالب إلى أن هذا الفشل لهُ عدة أسباب أبرزها:
1 – عدم توحد جسم المعارضة من منصات وائتلافات وقوى وهيئات، فكل جهة لها مرجعية وأيديولوجيا تجعل التوحد ضمن جسم واحد وتقديم ورقة حل وتفاوض مستحيلًا.
2 – إن هذه المعارضة لا يوجد لها تأثير على الأرض لا في مناطق سيطرة الدولة ولا المناطق المحتلة ويقتصر وجودها ككيانات على دعم بعض الدول المعادية لسورية والتي تستخدم هذه المعارضة كأوراق ضغط بات في إطار إعلامي لا أكثر.
وأضاف طاللب أن هذه القوى حاولت مدعومة بقرار أمريكي باستمرار الأزمة السورية، توحيد صفوفها من خلال لقاءات في واشنطن مع مسؤولين أمريكيبن واجتماع جنيف لما يسمى هيئة التفاوض الذي حضره بيدرسن، لكن النتيجة كانت متوقعة بزيادة حدة الخلافات وعدم الخروج بنتيجة أو جدول أعمال يقدم على أنه آلية للتفاوض مع الدولة السورية وفق رؤية هذه المعارضة بشكل موحد ليزداد الخلاف بين هذه القوى بعد كلام المبعوث الأممي إلى سورية والذي تحدث عن المصالحة الشاملة وضرورة تغيير آلية عمل اللجنة الدستورية.
من ناحية أخرى، أشاد المبعوث الأممي بالانفتاح على سورية وباجتماعات عمان والجامعة العربية ما اعتبرته الأجسام المعارضة انحيازًا لجانب الدولة السورية، وهي قراءة تثبت أن هذه المعارضة بعيدة عن الواقعية السياسية ومغيبة عن مجرى الأحداث التي تخص سورية والمنطقة.
3 – من جانبها ترى منصات القاهرة وموسكو أن طروحات الأجسام المعارضة باتت عاملًا لزيادة الفرقة والتفكك داخل المعارضة ما يجعل موقف الدولة أقوى على الصعيد السياسي أمام الدول العربية والمجتمع الدولي.
ورأى المحلل السياسي أنه في ظل كل هذه الأحداث يبرز الدور التعطيلي لجماعة الإخوان التي تعتبر أن أي حل سياسي في سورية سيكون على حسابها، لذلك تسعى لتعطيله ومنع التفاوض مع الدولة السورية وفق آلية تنهي الأزمة. لكن بالمقابل فإن الموقف التعطيلي لجماعة الإخوان سينتهي بعد التوصل لاتفاق بين سورية وتركيا التي يحكمها حزب إخواني برغماتي مستعد لتقديمهم قربانا للتقارب مع سورية كما حصل مع إخوان مصر.
وشدد طالب على أن كل ما حصل خلال الفترة الماضية والتحركات السياسبة المستجدة في المنطقة والانفتاح العربي على سورية بعد مشاورات وحوارات استمرت لسنوات نتج عنها استئناف شغل سورية لمقعدها في الجامعة العربية وعودتها للقيام بكامل مهامها في الجامعة يثبت أن هذه المعارضة لم تعد مؤهلة لتكون شريكا في إنهاء الأزمة السورية والوصول لحل سياسي.
ورأى طالب أن الحل هو عند بعض الشخصيات المعارضة الوطنية الداخلية والخارجية لأنه حتى في الخارج توجد شخصيات معارضة محترمة ووطنية وترفض التدخل الخارجي وتدين الإرهاب الذي يقتل السوريين، مشيراً إلى أن هذه الشخصيات مغيبة ومبعدة عن الساحة السياسية لأنها لا تلبي مصالح الدول المعادية لسورية التي كان وما زال هدفها تقسيم سورية وتشريد شعبها.
ولفت طالب إلى أن مواقف الدول اتجاه سورية متباينة بين من يريد الاستقرار فيها لأن ارتدادات الحرب بدأت تصل إليهم وبعض الدول كالأمريكي يسعى لتعطيل الحل السياسي لأن تحقيق الاستقرار في سورية يُنهي مشروعه في المنطقة، أما الموقف العربي بشكل عام فجيد جداً باستثناء قطر التي بدأت الآن بالحياد الإيجابي اتجاه سورية رغم اختراق هذا الحياد ببعض التصريحات التي باتت روتينية وغير فاعلة.
لحوار شامل بين السوريين
عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد أشار إلى أن الدول العربية أعادت حساباتها في مقاربة الأزمة السورية، لكن هذا لا يعني أن رغبة هذه الدول في احتواء سوريا قد انتهت.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري أكد الأحمد أن الأدوات الداخلية لهذا الاحتواء والتي يفاوضون عن طريقها هي تلك الأجسام المعارضة التي يعملون على فكها وتركيبها الآن بسبب أن ما كان يصلح من بنى معارضة في السنوات المنصرمة من الأزمة لم تعد صالحة الآن فالكثير من التحالفات تغيرت والدول الإقليمية المحيطة التي هي أكثر تأثيراً انسحبت عليها الكثير من التغييرات.
ولفت الأحمد إلى وجود “نوعية جديدة” من أساليب التعاطي مع سوريا وهذه النوعية لم تغفل القرار ٢٢٥٤ وهي ذكرته سواء ضمن اللجنة المشكلة عربيا أو حتى في البيان مشيراً إلى انه “بالنسبة لنا كقوى سياسية في الداخل، ونحن حزب إصلاحي متحالف مع الأحزاب الوطنية السورية، كنا طوال الوقت نشدد على ما طرحه السيد رئيس الجمهورية من حوار داخلي، وبالتالي الوصفة السحرية التي ندعمها هي حوار ليس لأجسام معارضة تتركب في الخارج بأي شكل من الأشكال ولكن نحن نتعاطى مع القوى السياسية السورية بوزنها السوري وليس بوزنها المثقل تركيًا أو خليجيًا أو من قبل أية دولة أخرى”.
وشدد على أن الحوار يجب أن يكون تحت سيادة الدولة السورية وبمشاركة الجميع من معارضة الخارج والداخل والأحزاب السياسية وفيها أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية والنقابات وكل أطياف الشعب السوري.