بعد الإرتطام القضائي الكبير.. من سيُفجر لبنان القرار الظني أم إقالة البيطار؟
وكالة أنباء آسيا-
زينة أرزوني :
في سابقة لم تخطر على بال المشرع القانوني، دخل القضاء في معركة مع القضاء، فالمحقق العدلي طارق البيطار إدعى على المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وأمر بإخلاء سبيل خمسة موقوفين بملف تفجير مرفأ بيروت.
وبما أن حسابات البيطار لم تتطابق و”بيدر” النيابة العامة التمييزية، فقد قررت بعد اجتماع مطوّل إخلاء سبيل جميع الموقوفين في ملف المرفأ من دون استثناء، مع منعهم من السفر وجعلهم بتصرف المجلس العدلي في حال انعقاده.
وجاء في حيثيات القرار الذي وقعه عويدات، “أن البيطار المكفوفة يده في قضية انفجار مرفأ بيروت، اعتبر نفسه مولجاً بصلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز لاتخاذ ما يراه مناسباً من اجراءات، فيكون بذلك قد استقى صلاحياته وسلطته من الهيئات القضائية جمعاء. وبما أن هذا الأمر ينسحب أيضاً على النيابة العامة التمييزية فيسري على الأصل أيضاً. وبما أن كف اليد يبقي الملف بدون قاض للنظر في طلبات إخلاء الموقوفين فيه منذ أكثر من سنة. وبما أنه بالاستناد إلى المادة 9 بفقرتيها 1 و3 من المعهد الدولي الخاص التي أقرت في 16-1-1966 ودخلت حيز التنفيذ في 23-3-1976 والتي صادق عليها لبنان في 3-11-1972، لذلك، تقرر إطلاق سراح الموقوفين كافة في قضية انفجار مرفأ بيروت دون استثناء ومنعهم من السفر وجعلهم بتصرف المجلس العدلي في حال انعقاده وإبلاغ من يلزم”.
الإرتطام القضائي الكبير، لم تقف ارتداداته عند هذا الحد، بل قرر عويدات مواجهة الادعاء بالادعاء، حيث إدعى على البيطار أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بجرم “اغتصاب السلطة واستغلال مركز”، ومنعه من السفر، وكلف الأمن العام تنفيذ قرار منعه من السفر.
قرار عويدات جاء بعدما كان قد أرسل ضباطاً من قوى الأمن الداخلي إلى منزل القاضي البيطار، وأبلغه للحضور أمامه للاستماع إلى أقواله وإبداء دفاعه، وعندما رفض البيطار الحضور إلى قصر العدل قرّر القاضي عويدات الادعاء عليه.
في غضون ذلك، أكد عويدات: “لا أحد يريد إقالة البيطار، وليكمل كما بدأ وستشهدون في الأيام المقبلة تجاوزات قانونية بحقي من قبل البيطار”.
وأشار الى أن “مجلس القضاء لن يطرح تعيين قاض بديلعن البيطار”، نافياً أي علاقة “للعقوبات الأميركية باخلاء الموقوفين”. وعن سبب إقدامه على هذه الخطوة، أجاب أن “الأمر لم يكن مطروحا من قبل”.
وتعليقاُ على قرار عويدات، قال البيطار: “أي تجاوب من قبل القوى الأمنية مع قرار النائب العام التمييزي بإخلاء سبيل الموقوفين سيكون بمثابة انقلاب على القانون”، مؤكداً انه لن يتنحى عن الملف، مشيرا الى ان عويدات لا يملك الصلاحية للادعاء عليه، بل هو المدعى عليه بالملف، ولا صلاحية له بإخلاء سبيل الموقوفين ولا يجب تنفيذ هذا القرار.
وشدد البيطار على انه لم “يسلق” القرار الاتهامي، فهو بحسب تعبيره لا يعمل تحت ضغط رد الفعل، مشيرا الى انه سيصدره بعد استكمال التحقيقات، سواء كان في منزله أو مكتبه أو في السجن.
ومع ارتفاع حدة الصراع القضائي، تسمرت المراجع القانونية، مذهولة من تسارع الاحداث والقرارات التي تُتخذ، فبحسب تعبير هذه المراجع لوكالة انباء اسيا هي المرة الاولى التي يُضرب فيه القضاء بسيف القضاء في لبنان، فكل قاضٍ لديه وجهة نظر تُقابلها وجهة نظر أخرى، وكل دراسة قانونية تقابلها دراسة.
ونظراً للتخبط الحاصل داخل قصر العدل، وانطلاقاً من كتاب وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري الخوري الذي طلب فيه من مجلس القضاء الأعلى عقد جلسة لمناقشة “قرارات البيطار”، دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، أعضاء المجلس لعقد جلسة الخميس، لمناقشة مجموعة من البنود القضائية التي من ضمنها “خطوات القاضي البيطار الأخيرة”، بغية إيجاد الحلول السريعة لمعالجة هذا الأمر.
ورجحت مصادر قضائية ان يتخذ مجلس القضاء الأعلى قراراً بإقالة البيطار نهائياً من مهمته كمحقق عدلي في قضية المرفأ، وتعيين قاضٍ بديل.
الاشتباك القضائي المفتوح على كل الاحتمالات، دخل على خطه أهالي ضحايا تفجير المرفأ الذين نزلوا الى الشارع، فيما تجمهر عدد منهم أمام منزل القاضي عويدات، احتجاجاً على اطلاق سراح الموقوفين، والذي كان بدري ضاهر أول المفرج عنهم، بعد حضور وكيلته الى النيابة العامة التمييزية، لتسري بعدها الشائعات أن ضاهر اجرى اتصالاً بوزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل يبلغه فيه حضوره الخميس الى عمله في مديرية الجمارك، وهو ما نفاه المكتب الاعلامي في وزارة المالية.
وفي هذا الاطار، اعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب ابراهيم الموسوي أن “قرارات القاضي عويدات خطوة في الطريق الصحيح لاستعادة الثقة بالقضاة والقضاء، بعدما هدمها بعض ابناء البيت القضائي!”.
اما “القوات اللبنانية”، فقد ناشدت مجلس القضاء الأعلى بتحمّل مسؤوليّته التاريخيّة في الاجتماع المزمع عقده اليوم لإنقاذ القضاء وعدم السماح بانفراط عقده وسقوط هيبته.
ودعت الى ان يكمل “القاضي البيطار تحقيقاته واخضعوا لسلطة القانون ولا تعبثوا بأمن لبنان ولا بمؤسّساته”.
بدوره، علق ويليام نون شقيق احد ضحايا تفجير المرفأ جو نون، قائلاً: “ما يحصل في القضاء مسخرة ولا زلنا كأهالي مصدومين مما يجري”.