بري لـ«السفير»: «هذا ما اتفقت عليه مع السنيورة» و متمسّك بـ«المعادلة الثلاثية»
يتجنب الرئيس نبيه بري الإفراط في التفاؤل أو التشاؤم عندما يُسأل عن توقعاته حيال فرص تشكيل حكومة جامعة في وقت قريب. هو اختار طريق الواقعية التي قادته حتى الآن إلى «التفاؤل بحذر»، في انتظار ما ستحمله الايام القليلة المقبلة من معطيات قد تحسم وجهة السير.. صعوداً نحو التأليف او انحداراً نحو هاوية الأزمة.
ولئن كانت المفاوضات الجارية تتطلب قدراً من التكتم، إلا أن ذلك لم يمنع بري من ان يقول لـ«السفير» إن «فـي الإمكان ان تولد الحكومة خلال 48 ساعة إذا صفت النيات وحُسمت الخيارات»، لافتاً الانتباه الى ضرورة الاستعجال والضغط لتشكيلها في أقرب وقت ممكن، وموضحاً ان الرئيس سعد الحريري لا يزال على إيجابيته حيال تأليف الحكومة الجامعة.
ويكشف بري عن أنه تفاهم مع الرئيس فؤاد السنيورة خلال اللقاء الأخير بينهما على اعتماد المداورة الشاملة التي تطال كل الحقائب والطوائف، بما فيها الصغرى، وفق قاعدة الشمولية والعدالة، على أن تصبح هذه القاعدة ثابتة ومعتمدة في كل حكومة، من الآن وصاعداً.
ويشير بري الى ان الاتفاق المبدئي مع السينورة يقضي بأن «تطال المداورة الإدارات العامة ايضاً، باستثناء الأجهزة الأمنية، لأنه لا يجوز أن تصبح الإدارة مطوّبة باسم هذا الشخص او ذاك لسنوات طويلة»، معتبراً أن المداورة في الإدارة تساهم في الحد من الفساد. ويتابع: «هناك تجربة مشجعة في هيئة النفط التي كنت قد اقترحت المداورة في رئاستها، وحتى الآن تولى رئاستها اثنان من الأعضاء، والأمور تسير على ما يرام».
ويؤكد بري أن «البيان الوزاري يجب أن يُناقش بعد التأليف، وليس قبله، لأن الحصان يوضع أمام العربة لا خلفها، وهذا لا يعني أنه لن تعترض البحث في البيان لاحقاً مشكلات وصعوبات، سنستطيع في نهاية المطاف تجاوزها بالحوار وتدوير الزوايا».
وعما إذا كان السينورة قد طلب منه ضمانات أو تطمينات في ما خص البيان الوزاري، يقول بري: «لا أحد يستجوبني وأنا لا أستجوب أحداً.. لم تطرح لا ضمانات ولا تطمينات ولا أسئلة ولا أجوبة، بل هناك حوار منفتح بغية إيجاد مقاربات مشتركة للملف الحكومي».
ورداً على سؤال حول مصير المعادلة الثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» التي يرفض فريق «14 آذار» إدراجها في البيان الوزاري، يجيب: «حتى لو وافق حزب الله على عدم إدراج هذه المعادلة في البيان الوزاري، فأنا سأتمسك بها لأن لدينا الف شهيد ضد إسرائيل». ويضيف: «إذا كان الطرف الآخر يرفضها وله أسبابه، فإن هذا الأمر يُناقش خلال إعداد البيان الوزاري على مدى 30 يوماً ينص عليها الدستور، ولا بدّ من أن نجد المخارج المناسبة».
وبالنسبة الى مطلب فريق «14 آذار» بضمّ «إعلان بعبدا» الى البيان الوزاري، يشير بري الى انه لا ينكر انه ساهم في إقرار «الإعلان» على طاولة الحوار في قصر بعبدا، معتبراً أن بالإمكان إدراجه ايضاً على جدول أعمال لجنة صياغة البيان الوزاري.
ويلفت بري الانتباه الى انه عندما اقترح عبر مبادرته الحوارية الشهيرة «ان يُبحث ضمن مهلة أيام معدودة شكل الحكومة وتوجّهات بيانها الوزاري لتسهيل تشكيلها، قامت الدنيا ولم تقعد، وهوجمت بشدة، وقيل لي إن ما أطرحه ينتقص من صلاحيات الرئيس المكلف ومجلس الوزراء وينتهك الدستور، فكيف ما كان مرفوضاً بالأمس بات مطلوباً اليوم؟».
وحول ما يتردد عن حرج لدى قوى «14 آذار» إزاء المشاركة في الحكومة الجامعة بالتزامن مع بدء اعمال المحكمة الدولية، يقول بري: «إذا كان أهل الشهيد يفصلون بين الأمرين، كما لمست في بعض المواقف، فلماذا نربط بينهما؟».
ويشدد بري على أن المناخ الإقليمي ملائم لتشكيل حكومة جامعة، موضحاً أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أبلغه خلال الاجتماع بينهما تشجيع طهران على المضي قدماً في عملية تأليف هذه الحكومة وإنجازها بأسرع وقت ممكن، لمواجهة الأخطار المحدقة بلبنان.
ويؤكد بري حرص إيران على بناء أفضل العلاقات مع السعودية، مشيراً إلى انه لمس هذا التوجه من ظريف.
كما يشير بري الى ان المعطيات المتوافرة لديه تفيد بأن السعودية لا تعارض تشكيل حكومة جامعة، مشدداً على ضرورة «توظيف هذا المناخ الإقليمي في اتجاه الإسراع في تشكيل الحكومة وتحمّل مسؤولياتنا الوطنية».