برحيل نتنياهو انتهى زمن ملوك “بني اسرائيل”..!
صحيفة الوفاق الإيرانيّة-
راسم عبيدات:
كل ما تباهى به نتنياهو في خطابه الوداعي امام الكنيست امس من عنتريات وتضليل وخداع، بتحويل اسرائيل الى دولة عظمى والوصول الى شعار السلام مقابل السلام بدل السلام مقابل الأرض والتطبيع مع دول النظام الرسمي العربي والتهديدات بشن حرب منفرده على طهران، والحديث الهوليودي عن عمليات أمنية وعسكرية تفوق الخيال في قلب طهران..
كل تلك “الزعبرات” و”الهوبرات” نتائجها واضحة في معركة “سيف القدس” والتي استمرت فقط 11 يوماً، وكانت مع الطرف الأقل قدرة وإمكانيات من محور المقاومة بسبب الحصار.. والتي كان من نتائجها “تهشيم” دولة الإحتلال عسكرياً وسياسياً، وكذلك إحداث فراغ أمني وعسكري وسياسي، اضطر نتنياهو الى طلب الحماية الأمريكية، ولكي تدخل دولته مرحلة “الإنتداب” الأمريكي.. فهي من توفر له الحماية تمويلاً وتسليحاً.
معركة ” سيف القدس” قالت بشكل جلي وواضح، بأن الإحتلال عاجز عن شن حرب برية ظل يلوح بها طوال فترة العدوان على قطاع غزة، حيث المقبرة لجنوده ودباباته كانت بإنتظار اي عدوان بري فـ(الكورنيت) جاهز والهدف مرصود، وكذلك القبب الحديدة التي صرف عليها المليارات من الدولارات، لم تستطع حماية قلب الكيان من صواريخ ا لمقاومة، والتي بقيت تنهمر على عمق دولة الإحتلال حتى آخر ساعة، قبل أن يعلن الإحتلال عن وقف لإطلاق النار.. وكذلك الإحتلال بات عاجزاً عن تحمل تبعيات شن حرب إقليمية، وكذلك التهديدات بشن حرب عدوانية منفردة على طهران، هي فقط شكل من أشكال “الببروغندا” السياسية والعنتريات العربية الفارغة، التي تعلمها نتنياهو..
من نتائج سقوط حكومة نتنياهو، والتي هي تعني تغير في الشخوص والتكتلات وليس في السياسات، بأن ما يسمى بقطار التطبيع العربي الرسمي الصاعد والمتواصل مع دولة الإحتلال،سيصاب بالعطب ومسننات عجلاته سيعلوها الصدأ، وللتدليل على ذلك المظاهرات الشعبية العارمة التي خرجت نصرة لفلسطين وغزة والقدس في المغرب والسودان، والتي اكدت على تمرد الشعوب على قياداتها العاجزة برفضها للتطبيع مع دولة الإحتلال، ففي المغرب حتى اللحظة لم يجد سفير دولة الإحتلال من يؤجره شقة كمقر لسفارته، في حين البحرين والسودان صوتتا في مجلس الأمن الدولي لصالح القرار الفلسطيني الداعي الى إدانة دولة الإحتلال في عدوانها على قطاع غزة.
مع رحيل نتنياهو، فالحكومة الإسرائيلية القادمة،لن تكون حكومة قادرة على صنع سياسات، فبينت اعترف بوجود ازمة داخلية، وهذه الأزمة في دولة الكيان تتعمق، وبالمناسبة هي ليست ازمة فرد او قائد،بل هي ازمة نظام سياسي، وكذلك التهديدات الوجودية لدولة الإحتلال تزداد ومصيرها بات على المحك، ونتنياهو كان يأمل بتنفيذ أكبر عملية تطهير عرقي في الداخل الفلسطيني -48- والقدس، حيث العنصرة والتطرف و”دسترة” و”شرعنة” القوانين، مثل قانون أساس القومية الصهيوني، وقانون تهويد النقب، قانون “برفر” وقانون تسريع هدم المنازل العربية، قانون “كامينتس”، لعل هذه القوانين والتشريعات تقوده الى دولة يهودية نقية، ولكن هبات مدينة القدس الثلاثة مع بداية شهر رمضان في نيسان الماضي، باب العامود والأقصى والشيخ جراح والإسناد العسكري لها من قطاع غزة، بتدخل غزة لصالح القدس والأقصى في معركة “سيف القدس”، وتأهب محور المقاومة للتدخل، اذا ما أحدق الخطر بقوى المقاومة، قالت بشكل بما لا يقبل الشك ان مشاريع الدمج والتذويب والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني لن تمر، لا في القدس ولا في الداخل الفلسطيني، وان العبث بهوية القدس ومقدساتها سيجر الى حرب إقليمية، ونتنياهو كان يحلم بأن تنكفئ دولته خلف الجدران، والآن جاء بينت، والذي قال نتنياهو بانه لن يكون قادراً على قول “لا” لأمريكا.. ولأن معركة “سيف القدس” فرضت على دولة الإحتلال الدخول في زمن الوصاية والإنتداب الأمريكي.. بينت لن يغير سياساته العنصرية ولن يفكك المستوطنات، ولن يذهب لتسوية وفق حل الدولتين، وامريكا لن تجبره على ذلك، أي العمل على تقديم تنازلات للفلسطينيين، بل ستستمر في إدارة الصراع ومسلسل التفاوض من أجل التفاوض مع تيار فلسطيني ادمن على ذلك ويعتاش على مشروع استثماري. فأمريكا تعرف جيداً بأن أي اضعاف للكيان أمام محور المقاومة يعني قرب نهاية الكيان.
المهم حكومة اسرائيلية قادمة تحت حماية المظلة الأمريكية.. لتهتم بالشؤون الإقتصادية، وتبريد حدة الصراعات والتناقضات بين مكونات المجتمع الصهيوني لمنع نشوب حرب أهلية داخلية، يؤجل قيامها العامل الفلسطيني. حكومة لن تصنع سياسات، حكومة في طريقها الكثير من المطبات والألغام، حيث اولى قراراتها ستكون حول الموافقة على إقامة مسيرة الأعلام ومسارها، وفق ما اتفق عليه ما بين قيادة شرطة الإحتلال والمستوطنين، او تعديل هذا المسار، او الخضوع لتوصية المستويات الأمنية والسياسية والغاء هذه المسيرة، التي ربما تؤدي الى تفجير للوضع، بما يتجاوز حدود مدينة القدس، ويستتبع ذلك تدخل غزة عسكرياً مجدداً.
امريكا تحاول أن تحتوي الوضع وتطالب دولة الكيان بعدم التصعيد في مدينة القدس، وخصوصاً بان تهديدات محور المقاومة، بأن العبث بمصير القدس يعني حرباً إقليمية، هي تهديدات يجب اخذها على محمل الجد، وبينت بين نارين الغاء المسيرة وهجمة شاملة ستشن عليه من قبل معسكر نتنياهو، وحتى من بعض حلفائه بالخضوع للمقاومة وشروطها وإملاءاتها، في قضية مفصلية تشكل عنوان الصراع، قضية السيادة على القدس، أو القبول بشروط المستوطنين، واقامة المسيرة وما قد ينتج عنها من تداعيات، تفجير الوضع في القدس والداخل الفلسطيني، في وقت يحتاج فيه بينت للتهدئة، لكي تقلع “سفينة” حكومته، الضيقة والتي تم المصادقة عليها بصعوبة، بأقل من 61 عضو كنيست.
مسيرة المستوطنين المتطرفين المعروفة بـ (مسيرة الأعلام)، والتي دعت قوى وفصائل فلسطينية ولجنة متابعة القوى الوطنية والإسلامية، الى اوسع استنفار ومشاركة شعبية في التصدي لها، من قبل اهلنا وشعبنا في مدينة القدس والداخل الفلسطيني- 1948، وكذلك بتسيير مسيرات ومظاهرات شعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي سوريا ولبنان، بالإضافة الى بقاء محور المقاومة على جهوزية عالية،تحسباً لأي طارئ، يضع دولة الإحتلال وامريكا أمام خيارين، الأول التصعيد والمواجهة الشاملة الان، او التراجع ورسم قواعد اشتباك جديدة، تقول من اليوم الأول للحكومة، بان القدس خط أحمر.