بتوقيع مصرف لبنان.. رغيف الخبز سيُفقد خلال 20 يومًا
سيُفقد رغيف الخبز من الأفران والسوبرماركت اللبنانية خلال 20 يومًا، لتشتد الأزمة مجددًا بعد أن خفتت لأسابيع، خصوصًا بعد أن قرر مصرف لبنان تسديد ثمن القمح بالقطّارة على الرغم من تخصيص مبلغ من صندوق النقد الدولي للبنان لشراء القمح.
وفي هذا السياق، أكّد نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف أنّ “القمح مفقود في بعض المطاحن، وهذا ما يفسّر إقفال بعضها، لا سيما في البقاع”، لافتًا الى أنّ “بعض المطاحن يملك القمح إلّا أنّ مصرف لبنان لم يسدّد ثمنه المدعوم، لذا هو غير معروض للبيع، كما لا يمكن للمطاحن أن تبيع مخزونها بسعر غير مدعوم بسبب القرار الصادر عن وزير الاقتصاد، والذي يقول إنّ كل القمح الموجود على الأراضي اللبنانية هو مخّصص فقط للخبز اللبناني من أجل توفير الأمن الغذائي”.
وفي حديث صحافي، أشار سيف إلى أننا “متّجهون الى أزمة، فمصرف لبنان يسدّد ثمن القمح بالقطّارة، على الرغم من تخصيص مبلغ من صندوق النقد الدولي للبنان لشراء القمح”، مضيفًا أنّ “هذا المبلغ شارف على الانتهاء، ويقدّر ما تبقّى منه بنحو 7 الى 8 ملايين دولار، بالكاد يكفي لتسديد ثمن القمح الموجود على الأراضي اللبنانية”.
وعن الخطوة التالية، أوضح سيف أن “التفاوض مع البنك الدولي بدأ من أجل تأمين مبلغ 150 مليون دولار بهدف تأمين القمح للبنان لمدة سنة، شرط أن يُستعمل فقط لصناعة الخبز اللبناني. لكن المشكلة أننا لا نزال في طور التفاوض، وهذه الخطوة تحتاج الى موافقة من مجلس النواب إلى جانب الاتفاق على الترتيبات اللوجستية، مثل إلى أي جهة سيحوّل البنك الدولي الأموال؟ من سيكون مسؤولًا عنها؟ من سيستفيد منها؟ كل هذه التفاصيل وغيرها لا تزال غير واضحة، وسيستغرق البتّ فيها واستيراد القمح وشحنه شهرين على الأقل”.
وقال إن “المشكلة أننا لا نملك هذا الوقت، لأنّ كل القمح المتوفر حاليًا في لبنان، ومع تخصيصه فقط لصناعة الخبز اللبناني، بالكاد يكفي 20 يومًا، وبعدها سيُفقد الرغيف من السوق. كذلك فإنّ الطحين متوفر بشكل محدود لبقية الأصناف والمنتجات، والتجار يستوردونه من تركيا وبلدان أخرى، إنما من دون دعم. وهذا ما سينعكس ارتفاعًا إضافيًا في أسعار منتجات الأفران”.
ورأى سيف الى أنّ “هناك حلًا وحيدًا متوفرًا حاليًا وهو الأقرب الى التنفيذ، قد يشكّل حلًا موقتًا ريثما يتمّ البت بقرض البنك الدولي، ويقضي بطلب الحكومة من مصرف لبنان رصد 15 مليون دولار من الاحتياطي الإلزامي لتأمين نحو 30 الف طن من القمح تكفي لبنان حوالى الشهر ونصف الشهر المقبلين، أي فور انتهاء المخزون الحالي، في أسرع وقت ممكن، أي يتمّ تأمينها خلال مدة لا تتجاوز الـ 20 يومًا كحدّ أقصى، لمدّ السوق بالطحين فور انتهاء المخزون الحالي، وذلك لتغطية النقص المتوقع بين الفترة التي ينتهي فيها مخزون المطاحن أي بعد 20 يومًا، إلى حين بدء الاستفادة من قرض البنك الدولي أي بعد شهرين كحدّ أدنى”. وقال: “لتجنّب الوقوع بالنقص يجب اعتماد هذا الحل في أقرب وقت ممكن، أي خلال 24 الى 48 ساعة، وبعدها يمكن تأمين القمح بعد 20 يومًا”.
كما أكّد سيف أنّه “حتى الآن هناك ضياع في إدارة المرحلة المقبلة، ومن غير المعلوم كيف سيتمّ تأمين القمح بعد انتهاء المخزون المتوفر”، محذّرًا من أننا متّجهون نحو أزمة فقدان للرغيف.
وأبدى خشيته من هدف تجنّب الأزمة المتوقعة، الطلب الى المطاحن استيراد القمح غير المدعوم، ليُرفع بذلك الدعم كلياً عن الخبز، وأضاف: “إذا كانت هناك نية فعليًا لرفع الدعم عن القمح، نطلب من المعنيين إبلاغ المستوردين بذلك في أقرب فرصة، كي يتسنّى لهم تأمين القمح قبل الـ20 يومًا المتبقية، لتجنّب أزمة رغيف، لأنّ أي شحنة قمح تحتاج أقله الى ما بين 20 الى 30 يومًا لتصل الى لبنان”.
وردًا على سؤال، عزا سيف تفاوت الأزمة بين منطقة وأخرى الى سوء ادارة في موضوع توزيع الطحين، من خلال طريقة توزيع مصرف لبنان لفتح الاعتمادات إلى جانب إعطاء الدعم بالقطارة، فعلى سبيل المثال، سدّد مصرف لبنان ثمن حمولة باخرة أتت لمطحنة الجنوب، في حين أرجأ تسديد ثمن بقية البواخر لمدة تتراوح ما بين الأسبوع الى 10 أيام كل واحدة، ما سبّب نقصًا في بقية المناطق.
ويتابع “في الواقع تعاني اليوم مطاحن البقاع من فقدان القمح. في بيروت مطاحن بقاليان متوقفة عن العمل وليس لديها قمح، لدى مطاحن التاج مخزون يكفي نحو 10 أيام ولديها باخرة في طريقها الى لبنان، لكن إذا لم يسدّد المركزي ثمنها لن توزّع، مطاحن “الشهبة والبركة” لديها القمح، لكن ينتظرون أن يسدّد المركزي ثمنه، كذلك القمح متوفر في الجنوب بانتظار أن يسدّد المركزي ثمنه، كما تنتظر المطاحن وصول باخرة قمح، وكذلك لن تُوزع إذا لم يسدّد المركزي ثمنها. ومن المفترض أن تغذي هذه الباخرة بعضًا من مناطق البقاع والجنوب والضاحية. في الشمال سدّد المركزي ثمن حمولة باخرة، لكن كل المطاحن في كل لبنان أسرعت لتأمين حصة، وهي بالكاد قادرة على تلبية حاجة كل الزبائن”.
وأكّد سيف أنّ “كل هذه الكميات المتوفرة والبواخر المنتظر وصولها ستكفي حاجة لبنان 20 يومًا فقط”.
وعن قدرة الانتاج المحلي على تأمين حاجة السوق، أوضح أنّ “موسم الحصاد يبدأ اعتبارًا من نهاية تموز، ومن المتوقّع أن يؤمّن ما بين 60 الى 70 الف طن. لكن هذا القمح لا يصلح للخبز اللبناني انما يمكن استعماله لبقية المنتجات. والدولة مدعوة من اليوم لشراء القمح من المزارعين بالدولار تمامًا كما يدفعون للمستوردين”.