بايدن وسجل الإنسحابات العسكرية الأميركية
صحيفة الوطن السورية-
تحسين الحلبي:
استعرض بعض المحللين السياسيين الأميركيين في الآونة الأخيرة، سجل الإنسحابات العسكرية للجيش الأميركي من دون شروط مسبقة أو من دون تحقيق الأهداف المطلوبة، فوجدوا أن الرئيس الأميركي دونالد ريغان قرر سحب وحدات المارينز عام 1983 بعد أن نشر عدداً منها في بيروت، ففجر المقاومون في لبنان قاعدتهم في لبنان ما أسفر عن مقتل 241 منهم في ساعة واحدة، وجعله يطلب انسحاب كل الوحدات من لبنان فورا، كما وجدوا أن الرئيس بيل كلينتون أجبر على سحب قوات المارينز بعد الكارثة التي وقعت لوحدات المروحيات العسكرية الأميركية الصقر الأسود عام 1993 في الصومال ودافع عن قرار انسحابه لكي لا يفقد المزيد من الخسائر البشرية.
كان المحلل العسكري في المجلة الأميركية العسكرية «تاسك أند بيربوز» أي «المهمة والهدف» جيف شوغول، قد تساءل في تحليل نشره في 16 أيلول الماضي: «هل أصبح هدف الوحدات العسكرية الأميركية في شمال سورية بعد انتهاء وجود داعش هو حماية المجموعات الكردية المسلحة ودفعها للعمل ضد الجيش السوري؟ وهل تشكل مثل هذه المهمة قيمة إستراتيجية للولايات المتحدة أم تصبح قابلة للنجاح»؟ وفي واقع الأمر لا أحد يمكن أن يشك بأن انتصار الجيش العربي السوري على مئات الآلاف من الإرهابيين وحلفائهم في حرب السنوات العشر الماضية ضد سورية وفوق أراضيها وعبر حدودها، سيولد قاعدة لميزان قوى ترجح كفته لصالح سورية وحلفائها وخاصة في مواجهة المجموعات المسلحة من ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية – قسد» بصفتها مجموعات خارجة عن القانون وكذلك في مواجهة أي تدخل عسكري لحلفائها ويستذكر شوغول كيف تخلى الرئيس ريغان عام 1983 عن حماية حلفائه من المجموعات اللبنانية المسلحة بعد الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وقرر سحب كل وحدات المارينز التي نشرها هناك تاركاً لبنان لموازين قوى لم تكن في مصلحته ولا مصلحة حلفائه.
يستنتج شوغول أنه إذا كانت وحدات «قسد» قد شاركت في الحرب ضد مجموعات داعش بدعم عسكري أميركي مباشر، فإن أي مواجهة لها ضد الجيش السوري وحلفائه ستكون هي الخاسر الأكبر فيها.
وبالإضافة إلى ذلك لن يكون بمقدور الوحدات العسكرية الأميركية أن تراهن على قدرة وحدات «قسد» على كسب أي معارك ضد الجيش السوري بسبب عددها المحدود وافتقارها لحاضنة سورية في منطقة وجودها الصعبة بين الجيش السوري والشعب السوري الرافض لوجودها من جهة، وبين الوحدات التركية التي تبرّر غزوها للأراضي السورية بحجة وجودها.
إذا كان هذا الوضع الذي لا يوجد فيه عامل واحد يشير إلى قدرة الوحدات العسكرية الأميركية على البقاء فوق الأراضي السورية، فإن المبرر الذي استخدمته واشنطن لنشر وحداتها العسكرية في تلك المنطقة وهو «محاربة داعش» و«حماية وحدات قسد» سيسقط أمام ميزان القوى الذي شكله انتصار الجيش السوري وحلفائه على كل أعداء سورية وعبر حدودها، ولذلك استخدم الرئيس الأميركي جو بايدين في آخر تصريح له حول وجود وحداته العسكرية في شمال شرق سورية عبارة أن «انسحاب الوحدات الأميركية من سورية لن يكون قريباً جداً» وكأنه يرغب بتوجيه رسالة إلى حلفائه في «قسد» بأن الوجود الأميركي العسكري لن يبقى ولكنه سوف يختار الوقت المناسب لانسحابه، وهذا يعني أنه يسلّم بعدم قدرته على فرض «شروط مسبقة ثابتة» لكي ينسحب بموجب الموافقة عليها، ولا شك أن الطرف الذي انتصر في هذه الحرب الكونية على سورية وهو الجيش العربي السوري وحلفاؤه، هو الذي يفرض على كل محتل الانسحاب عاجلاً أم آجلاً، وهذا ما سوف ينطبق على كل قوات الاحتلال التركية والإسرائيلية طالما أنه من الطبيعي أن يستمر المنتصر السوري بزيادة قدراته العسكرية وتعزيز ثقة الشعب بهذه القدرات وقيمتها الإستراتيجية في حماية مصالحه ودحر كل أشكال الحصار والاحتلال.