“باع الخطيب” و “قبعة لافروف” في ميزان صلابة السوري وتراجع الأمريكي
موقع سلاب نيوز الإخباري ـ
جمال شعيب:
سيرغي لافروف خريج معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية والتلميذ النجيب للدبلوماسية السوفيتية لا بل ظلها المسيطر على السياسة الخارجية لروسيا ليس وزير خارجية عادي عندما يتعلق الأمر بالشأن السوري بل لعله حكومة متنقلة أو وزير بحقائب متعددة، ساحر متعدد المواهب بهدوئه ومصطلحاته وردوده الثلجية، فهو تارة يتحول الى وزير اعلام يصنف المؤسسات الاعلامية ويجادل في مهنيتها وتارة أخرى محلل سياسي من طراز متقدم وفي لحظات الحسم ناقد لاذع يعرف كيف يحول من ينتقدهم الى “خيال فوق الجليد” عندما يستهدفهم، ويبدو ان سوء حظ الرئيس “الطازج” للإئتلاف السوري معاذ الخطيب اضطره أن يقول “لا” للروس بطريقة غير معتادة دبلوماسياً، فجاءه الجواب الروسي عن “باعه القصير” في السياسة وعن تحكم أطراف خارجية بمواقفه ومواقف المعارضة التي يمثل، ولذا توجه لافروف لهذه الجهات منبهاً “أنه ينبغي على الجهات الخارجية العمل على دعوة الأطراف السورية للجلوس معاً، ولافتاً “إلى أن اللاعبين الخارجيين لا يمكن أن ينوبوا عن السوريين بل يجب أن يعملوا على تهيئة الظروف لإطلاق حوار سوري داخلي”.
تصريح لافروف وكعادته لم يكن مجرد ردود بل ضمنه تصعيد متجدد تمثل بمطالبة روسيا بضم ايران والسعودية الى مجموعة العمل حول سوريا في اشارة الى ضرورة اشراك اللاعبين الأساسيين على مستوى الآقليم بدلاً عن اللاعبين الاحتياطيين أو الطارئين غامزاً مجدداً من قناة قطر ودورها في الأزمة السورية.
مواقف لافروف لم تكن معزولة عن التطورات السورية من الميدان “الثابت” على مواقعه وتفجره إلى زيارة الابراهيمي ولقائه الودي – الصعب بـ “لاءات الأسد” وسماعه لجواب واضح بأن لا تفاوض على المسائل السيادية وخاصة بقاء الرئيس الأسد حتى الانتخابات القادمة.
في الوقت نفسه، وعلى الضفة الأخرى من المحور كانت الرسائل الايرانية تواصل تدفقها فمن داعٍ الى حل سياسي في طهران الى متابعة سفرائها حول العالم تسليم نسخ عن مبادرتها لهذا الحل السياسي إلى المواقف “الصاروخية” على مساحة مليون كيلومتر في مناورات البحرية الايرانية، تابعت ايران حياكة المواقف الصلبة بخيوط الدبلوماسية الناعمة فدعا الرئيس نجاد خلال إستقباله سفير سورية الجديد لدى طهران الجميع إلى بذل الجهود لإيقاف الحرب في سورية وإعادة الأمن والإستقرار إليها، ترافق هذا كله مع تصريحات لقادة عسكريين تؤكد أن لا أحد بامكانه اسقاط الرئيس الأسد عسكرياً.
ويبدو أن الروس والايرانيين يستغلون بشكل جيد “الغياب أو التغيب” الأميركي المتمثل بالتبديل الوزاري التكتيكي في الخارجية الأميركية والذي انسحب على المواقف والتصريحات الأمريكية وفسره البعض توكيلاً للروس بحده الأقصى أو تراجعاً الى الضفة “الآمنة” بحده الأدنى، لمراجعة الحسابات بعدما فشلت المعارضة المسلحة في تحقيق أي تقدم ميداني يحتسب لها في السياسة وفشلت كل الهجمات المدعومة بالسلاح النوعي والإمداد البشري المفتوح من درعا الى الحدود التركية، والتي كان أخرها “الليلة” (الأحد) في شمال حلب وتمثل بدخول مجموعات كوماندوس متخصصة (مرتزقة بريطانية) حاولت الوصول الى مراكز عسكرية استراتيجية متزامنة مع محاولة لاستخدام مضادات حديثة للطيران وقعت الأولى في كمين للجيش السوري ودمرت الثانية بواسطة سلاح الجو قبل أن يبرد شحمها.
الوقائع الميدانية انعكست بشكل ايجابي “تشدداً” على محاور الدبلوماسية السورية من أعلى الهرم الرئاسي وصولاً الى الوفد الذي زار موسكو بعيد وصول الابراهيمي، ويبدو واضحاً من حديث الدبلوماسيين السوريين في “الخارجية والخارج” أن الفصل الجديد من المفاوضات بات قاب قوسين أو أدنى من خشبة المسرح الدولي ولا يحتاج الا الى فتح الستارة ورفع قبعة الساحر التي لا تزال الى هذه اللحظة بحوزة “لافروف” الروسي ولعلها تحمل في ثنياتها سر غياب “كيري”.