اوساط الديار: بري سمع أجواء ايجابية ايرانية حول مبادرة تجاه السعودية
اعتبرت اوساط سياسية مطلعة ان مهمة رئيس مجلس النواب نبيه بري “لرأب الصدع” بين طهران والرياض، اقله في الملف اللبناني، تبدو مستحيلة في الظروف الراهنة، ودونها عقبات كثيرة.
وبحسب تلك الاوساط فأن الرئيس بري، سمع كلاما ايجابيا من المسؤولين الايرانيين حيال أي مبادرة تجاه المملكة العربية السعودية، لكنه سمع ايضا شكوى واضحة من “التعنت” السعودي الرافض لاي محاولة جدية للحوار، واذا كان رئيس مجلس النواب قد حصل من طهران على “ضوء اخضر” للقيام بمسعى يؤدي الى فتح قنوات اتصال تؤدي الى “تفاهمات” ولو جزئية تتعلق بتحييد الساحة اللبنانية عن الصراع الدائر في المنطقة، فان المشكلة الاساسية تبقى في عدم وجود اي اشارة ايجابية من السعودية. يضاف اليها أمر جوهري يتعلق بمدى وجود رغبة لدى المملكة في أعطاء بري هذا الدور “المحوري”، بعد ان رفضت سابقا التجاوب مع مساع دولية واقليمية.
وبحسب الاوساط، فان اتفاق جنيف “الايراني” قد ساهم في تعقيد الازمة بدل ان يساهم في تعبيد الطريق امام الحلول، فطهران لا يمكنها الدخول في اي عملية تفاوض جدي مع المملكة بمعزل عن “الانتصار النووي” المحقق، فأيران قبل الاتفاق هي غير ما بعده، وبات موقعها التفاوضي اقوى بعد نجاحها في كسر العزلة الدولية، والاعتراف بدورها الاقليمي، وهي لن تقبل بحوار مع السعودية الا وفق معادلة واضحة تقوم على مراجعة جدية من المملكة لاستراتيجتها “الخاطئة” في المنطقة، بمعنى آخر ان اي تسوية يجب ان تقوم على اساس اعتراف السعودية بفشل خياراتها، وهذا يمهد للوصول الى تقاهمات واقعية تعكس حقيقة المعادلات السياسية والامنية على الارض. لكن استمرار الرياض في رفع سقوف مطالبها السورية واللبنانية يعقد الامور ولن يؤدي الى اي انفراجات. فما هي خلفيات التعنت السعودي؟ وما هي المؤشرات الدالة على التصعيد؟
ووفقا لاوساط دبلوماسية عربية، فان المملكة مقتنعة بان الاتفاق الاميركي الايراني لن تكون له اية تداعيات على الازمة السورية، وبرأيها ما حصل في جنيف اتفاق موقت عمره ستة أشهر، وخلال هذه المرحلة القصيرة من اختبار النوايا المتبادلة ، لن تكون هناك أثمان تدفع، لأنه اتفاق معرض للاهتزاز ولن يعمر طويلا بسبب “انعدام الثقة” بين ايران والغرب.
وبعد “الانجاز الايراني” في جنيف، ازدادت قناعة المملكة بان اضعاف طهران لم يعد متاحا الا من “البوابتين” السورية واللبنانية، ولهذا لن يتم التفريط بهاتين “الورقتين”، ولذلك ستكون الاولوية في الاشهر الستة المقبلة، لتكرار محاولة اسقاط النظام في سوريا باعتباره يمثل خسارة فادحة لنظام إيران ويضعفه قبل انطلاق المرحلة الثانية من التفاوض، كما تعتقد المملكة ان استمرار الضغط على حزب الله في لبنان جزء من الاستراتيجية الرابحة للضغط على طهران، ولذلك لن تقدم عبر حلفائها اي تنازلات في السياسة أو في الامن، تؤدي الى اراحة الحزب داخليا، وهذا يعني المزيد من التأزم السياسي والانفلات الامني الذي دخل مرحلة شديدة الخطورة، بعد محاولة تفجير السفارة الايرانية.
وبحسب تلك الاوساط، فان القمة الخليجية الثلاثية التي جمعت العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز واميري الكويت الشيخ صباح الاحمد، وقطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فشلت في احتواء الخلاف السعودي – القطري بسبب موقف البلدين المتباين من الوضع الراهن في مصر، لكن المعلومات المتوافرة تفيد بانه تم عزل هذا الخلاف عن الملف السوري، حيث تم الاتفاق على توحيد الجهود الميدانية في سوريا بهدف استعادة مسلحي المعارضة “زمام المبادرة”، وقد عقدت خلال اليومين الماضيين اجتماعات على مستوى مسؤولي الاستخبارات بين البلدين وتم خلالها الاتفاق على مزيد من التنسيق بين الاجهزة الامنية القطرية والسعودية التي لها علاقات مباشرة مع الجماعات السورية المقاتلة. ويهدف هذا التنسيق الى عودة الجماعات الاسلامية المسلحة المحسوبة والمدعومة من قطر للمشاركة في القتال مع الوية “الجيش الحر” في مختلف المناطق السورية خصوصا في ضواحي دمشق، وكان التركيز السعودي خلال هذه اللقاءات على ضرورة وقف الانتصارات العسكرية التي حققها النظام السوري في ريف دمشق ومنطقة القلمون.
وقالت الاوساط: اذا كانت السعودية، قد اختارت تصعيد الموقف الميداني في سوريا بالتزامن مع الاتفاق النووي في جنيف، فهي ترجمت غضبها سياسيا بنقضها التعهد الملكي الذي تم اعطاؤه لروسيا، من خلال النفي الرسمي السعودي لكلام مستشار الرئيس فلايمير بوتين حول وعد قدمته المملكة بالمساعدة على عقد مؤتمر جنيف -2 الخاص بالازمة السورية، علما ان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قد وعد خلال المكالمة الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمر بوتين بهذا الامر، وتم الايعاز الى الائتلاف السوري المعارض باعلان الموافقة على المشاركة بمؤتمر جنيف2، وبارسال وفد الى موسكو . لكن الرياض عادت وانقلبت على الاتفاق، ردا على الاتفاق الغربي مع ايران، وقد ترجم هذا الامر باعلان رئيس اركان الجيش الحر سليم ادريس مقاطعة المؤتمر والاستمرار بالخيار العسكري حتى اسقاط النظام، فيما اشترط بالامس رئيس الائتلاف الوطني السوري احمد الجربا، خروج حزب الله والحرس الثوري الإيراني من سوريا لحضور جنيف2.
وأوضح أن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل كان صريحا مع نظيره الاميركي جون كيري، عندما ابلغه أن المملكة لن تقبل بان يكون النظام المقبل في سوريا مختلفا عما آلت اليه الاوضاع في العراق، فاذا كانت السلطة التنفيذية اعطيت هناك للشيعة باعتبارهم اغلبية، فأن غالبية الشعب السوري من السنة، وعددهم يتجاوز السبعين في المئة، ولذلك لا يمكن بعد اليوم القبول برئيس علوي ومن طائفة صغيرة ليحكم البلاد والاغلبية.