انتفاضة الأسرى في سجون العدو … صرخة من أجل الحرية والكرامة
موقع إنباء الإخباري ـ
د.محمد أبوسمره*
الأسرى الفلسطينيون الأبطال في سجون العدو الصهيوني يسكنون مركز اهتمامات الشعب الفلسطيني ، وهم مهجة الفلسطينيين ، وضميرهم الحي ، ووجدانهم المشتعل حبا وعشقا ، فهم عنوان عزة وصمود وكرامة وكفاح وبسالة وبطولة وصبر وعناد الشعب الفلسطيني ، ولذك فقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو المجرم ، هي محل إجماع جميع الفصائل والقوى والتيارات والأحزاب الفلسطيني ، وجميع شرائح المجتمع الفلسطيني وهيئاته ومؤسساته المدنية ، ولذلك فهي القضية التي على الدوام يكون فيها الحرك الفلسطيني ـ الشعبي والرسمي والمؤسساتي ـ حراكاً تلقائيا ، وفوريا ، فحركة الشارع الفلسطيني منذ سنوات بعيدة دائما ماتكون استجابة فورية لتحركات ومعاناة وآهات والانتفاضات المتتالية للأسرى الابطال ، في سجون الاحتلال الصهيوني النازي ، والذي هو أكثر اشكال الاحتلال بشاعة وعنصرية في العالم ….
ولمن لايعرف فليست ظروف وسنوات الاعتقال في سجون هذا الاحتلال الصهيوني النازي ، هي ظروف يمكن لأي إنسان إحتمالها ، فالعذاب والتعذيب في اقبية ومسالخ التحقيق والتعذيب في زنازين وسجون العدو ، اكبر كثيرا من مجرد وصفه أو توصيفه في كلمات معدودة ، او صفحات ، او حتى كتب ومجلدات ، لأن منهجية التعذيب الصهيونية للاسرى الصامدون الشامخون في السجون النازية الصهيونية ، ليس المقصود منها فقط كسر إرادة وصمود وبطولة وصبر السرى وحدهم ، انما المقصود من وراء هذا التعذيب الهمجي / الجنوني / الهستيري / السادي / الصهيوني ـ النازي ، هو كسر ارادة الشعب الفلسطيني باكمله ، وتذويب قضيته المقدسة ، وهزيمته في معركته الطويلة وكفاحه المستمر من اجل تحرير ارضه واستعادة مقدساته وحقوقه المسلوبة ، ولذلك فالعدو المجرم ، اعتاد على ارتكاب الجرائمه المتتالية بحق الاسرى الفلسطينيين والعرب ، وكذلك بحق جميع أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية ، وكانت على الدوام جرائم العدو المنهجية هي السمة التي تميز وجوده واستمراره وتمدده وعلو إفساده واستكباره ، وذلك منذ تفجر الصراع / الكوني / الدموي فوق تراب هذا الوطن المقدس / فلسطين مطلع القرن الماضي ، وحتى إعلان احتلال الجزء الأكبر من فلسطين خلال النكبة الفلسطينية والعربية الكبرى، واقامة الكيان الصهيوني في 15/5/1948 ، ثم احتلال الكيان الصهيوني لبقية أرض فلسطين يوم 5/6/1967، ومعها الجولان السوري ، وشبه جزيرة سيناء المصرية ، ولاحقا اقتطاع واحتلال اجزاء من جنوب لبنان والبقاع الغربي في اعتداءات واجتياحات متتالية ضد لبنان ، الى أن أرغمته المقاومة اللبنانية الباسلة على الانسحاب الذليل من الأراضي اللبنانية المحتلة في25/5/2000.
وقد ألقت الجرائم المتتالية ، وعمليات الإغتيال المنظمة والمنهجية التي ارتكبها ويرتكبها الاحتلال الصهيوني المجرم ضد اسرانا الفلسطينيين والعرب البواسل في سجونه النازية ، واستشهاد المئات من الأسرى الأبطال في سجون العدو الصهيوني منذ نشأة الكيان العنصري ، بظلال حزينة ومؤلمة وغاضبة على الحركة الأسيرة الصامدة في زنازين العدو ، ولذلك ومنذ عام 1948 والحركة الأسيرة الشامخة في سجون العدو النازي الصهيوني ، دائما تخوض الإضرابات عن الطعام ، وتفجر المواجهات والانتفاضات وثورات الغضب المتتالية في السجون الصهيونية ، وقد تطوركثيرا أداء ودور الحركة الوطنية السيرة عقب نكبة 1967 لتأخذ منحى جديدا ، وسياقا مختلفا عما سبق من سنوات الكفاح والنضال ، وقد عملت على تنظيم وتوحيد صفوفها داخل السجون ، واصبح لها قادة محددون ، وناطقون ومتحدثون باسمها ، واطرا تنظيمية وادارية تحكمها ، و خاض الأسرى انتفاضات وثورات غضب واضرابات اسطورية وبطولية ، مدعومين بتحرك الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، والمناطق المحتلة عام 1948، ومساندة اهالي الجولان السوري المحتل والمدن الرئيسة في سيناء المصرية اثناء احتلالها ، بالاضاة الى مساندة الشارع العربي ، والكثير من المؤسسات الدولية والعالمية المؤازرة لقضية الأسرى ، وإستطاعت الحركة الأسيرة من خلال هذه الثورات والانتفاتضات والاضرابات أن تحقق الكثير من المطالب ، والانجازات التاريخية والبطولية ، الأمر الذي كان يفرض على الدوام المحافظة على ماتم تحقيقه من انجازات ن والاستعداد لخوض معارك جديدة من اجل تحقيق المزيد من المطالب والانجازات ، والتصدي لجرائم الجلادين الصهاينة المجرمون ، فالعدو الصهيوني ، هوعدو لايراعي حرمة لأسير حرب ، ولا لمريض ، ولا لرجل مسن أمضى زهرة حياته خلف القضبان الملعونة ، ولا طفل أسير، اوفتاة ، او ام أو سيدة اختطفتها قوات الاحتلال لتبعدها عن اسرتها ومحيطها الاجتماعي الفلسطيني ، انه عدو مجرم نازي عنصري إنعدمت لديه كافة القيم والأخلاق ، وتجرد من جميع معاني الانساية والرحمة ، وتحول الى وحش ينتهك كافة حرمات الإنسان الفلسطيني والعربي ، الذي ناضل ويناضل من أجل حرية وطنه ، وأرضه ، وشعبه ، وإسترداد كافة الحقوق الفلسطينية والعربية المسلوبة ، ورغم هذه الوحشية التي تسيطر على عقلية وسلوك وسياسات هذا العدو الصهيوني النازي الغاصب لأرضنا وحريتنا ووطننا العزيز الغالي ، فإن الغضبات والهبات الشعبية المتتالية التي تنفجر تباعا في وجهه ، وضد جرائمه المنهجية ضد الأسرى ، وضد كافة ابناء شعبنا ، جعلت الاثار الشعبية والسياسية الناتجة عن هذه الجرائم ، ثقيلة على المؤسسة السياسية والأمنية والعسكرية في الدولة العبرية ، وهاهي الانتفاضة الجديدة للأسرى الأبطال في السجون الصهيونية التي أطلق عليها النشطاء الفلسطينييون إسم : حملة ، أو انتفاضة ، أو ثورة ( مي وملح ) من أجل الكرامة ، والتي بدأت بخوض مئات المعتقلين الفلسطينيين الإداريين في سجون العدو عن الطعام ، ثم بدأ الإضراب يتطور فانضم اليه مئات الأسرى المحكومين ، وكان في مقدمة الذين انضموا الى اضراب الأسرى الإداريين عن الطعام القائد الفلسطيني الفتحاوي مروان البرغوثي ، والقائد الفلسطيني / امين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات ، وتدهورت كثيرا الأوضاع الصحية لمئات الأسرى المضربين عن الطعام ، دخل منهم البعض في حالات غيبوبة ، وقد اربكت ردة الفعل الشعبية الفلسطينية القوية المتلاحمة والمتضامنة مع غضبة وانتفاضة الأسرى الأبطال في السجون النازية الصهيونية في كامل أراضي فلسطيني التاريخية ، وفي كافة أماكن التواجد والشتات الفلسطيني حسابات العدو الصهيوني ، بسبب خشيته من تدهور الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ، وعدم مقدرة الدولة العبرية على ضبط الأمور؛ مايؤدي الى تطور الأمور ، بشكل دراماتيكي على الساحة الفلسطينية لتقود نحو ( الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة ) المرتقبة والمتوقع انفجارها بأية لحظة ، وأصدر رئيس أركان جيش الاحتلال (الجنرال بيني غانتس) تعليماته إلى قادة جيش الاحتلال وكبار ضباطه بضرورة : ( الاستعداد لإمكانية اندلاع انتفاضة جديدة في الضفة الغربية ) ، ودعا لاجتماع عاجل وخاص مع كبار ضباط جيش العدو ، لدراسة كافة السيناريوهات المحتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، والخطط التي أعدها الجيش الصهيوني للتعامل معها ، وبدأ الإعلام الصهيوني المرئي والمسموع والمقروء والإليكتروني بالحديث الموسع عن احتمال و إمكانية ( اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، والعوامل المسببه لها، والطريقة الأمثل للكيان الصهيوني لمنع انفجارها وحدوثها ، وكيفية التعامل معها في حال انفجارها ) ، وطالبت صحيفة ( هآرتس ) الصهيونية بــ : ( عدم السماح بالانجرار للمواجهات في الضفة الغربية ، وضرورة إلزام الجنود بالتحلي بضبط النفس والتمهل في استخدام النيران، ومراعاة مطالب الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وعدم اعتقال الأسرى المحررين في صفقة التبادل الأخيرة ، و فتح أفق جديد للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية ).
وطالب العديد من الكتاب والصحافيين والمحللين والمراقبين الصهاينة حكومة العدو بــ : ( الاستجابة لبعض مطالب الأسرى، مؤكدين أن ذلك أفضل من الدخول في “دوامة من العنف” ستكلف الكيان الصهيوني كثيراً) .
وظهر واضحا حجم التوتروالخوف والقلق الصهيوني من احتمال اندلاع انتفاضة جديدة، وشككت أحزاب وقيادات اليميني الصهيونية المتطرفة بإمكانية تفجر الانتفاضة الثالثة ، وأكدهؤلاء المتطرفون على :
أن الجيش الصهيوني ( لديه القدرة على التعامل مع الاضطرابات في الضفة الغربية ، وانه استعد جيداً لمثل هذه السيناريوهات ) .
و طالب (نداف شرغاي) في صحيفة ” إسرائيل اليوم ” الصهيونية اليمينية المتطرفة المقربة من نتنياهو بـ : (منح الجنود الحرية في استخدام النيران ضد المتظاهرين الفلسطينيين) .
وطالبت رئيسة حزب ميرتس المعارض (زهافا غالؤون) نتنياهو بـ : ( الإعلان من على منبر الكنيست عن الخطوات التي ينوي اتخاذها لمنع اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة الغربية) .
وأخذت حكومة نتنياهو اليمينة المتطرفة بتوصيات قادة الأجهزة الأمنية وقيادة الجيش الصهيوني ؛ وأصدر نتنياهو أوامره لوزارة المالية في الكيان الصهيوني بالإستمرار في تحويل أموال الضرائب إلى وزارة المالية الفلسطينية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، وطالب المبعوث الخاص لنتنياهو اسحاق مولخو القيادة الفلسطينية برام الله بــ : ( ضبط الوضع الميداني في الضفة الغربية ) .
و العوامل التي يمكنها الدفع تدريجيا نحو اشعال ( الانتفاضة الفلسطينية الثالثة الشاملة ) عديدة وكثيرة ومتراكمة ، ويمكن لانتفاضة الأسرى في سجون العدو أن تتحول بين عشية وضحاها : ( الشرارة ، وعود الثقاب التي تفجر برميل و بركان الغضب الشعبي الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة ، و قطاع غزة ، وبعض مدن وقرى وبلدات في المناطق المحتلة عام 1948 ) ، ومن أهم هذه العوامل :
1ــ السعي الصهيوني الحثيث ، اليومي والمتكرر على تقسيم المسجد الآقصى المبارك ، والحرم القدسي الشريف زمانيا ومكانيا ، بين المسلمين ، وقطعان وخنازير المستوطنين ، واليهود الغاصبين لأرضنا وممتلكاتنا ووطننا ، ومقدساتنا .
2ـ استمرار الاعتداءات والاقتحامات اليومية من قبل قطعان المستوطنين ، وجنود العدو ورجالات امنه وشرطته ، وأجهزة مخابراته الى باحات المسجد الآقصى المبارك ، والحرم القدسي الشريف ، وتصاعد مستوى وتكرار مرات وعدد الاقتحامات اليومية لهؤلاء المجرمين للمسجد الآقصى والحرم الشريف ، وتنامي مستوى وشكل الصدامات بين قطعان المستوطنين المدعون بجيش وشرطة ومخابرات العدو ، وبين الشبان والفتيات المرابطين الأطهار ، وطلبة وطالبات مصاطب العلم ، والرجال والشيوخ والنساء البواسل ، وبالتالي ازدياد عدد الجرحي الفلسطينيين ، والمعتقلين والمعتقلات من باحات المسجد الآقصى المبارك وساحات الحرم القدسي الشريف .
3 ـــ تصاعد حملات الاستيطان والتهويد في القدس الشريف ، والهجمة الاستيطانية الشرسة فيها ، وفي محيطها ، وفي الأحياء المجاورة لها ، وداخل البلدة القديمة ، واستمرار الحفريات التي تهدد اساسات المسجد الآقصى والحرم الشريف ، والمحاولات الصهيونية اليومية المستميتة لتغيير الملامح الخارجية للحرم القدسي الشريف ، ولكل مايحيط به من احياء إسلامية / عربية / حضارية / تاريخية .
3ـ انسداد الأفق السياسي على مستوى المفاوضات ، وعلى مستوى إمكانية إقامة الفلسطينيين لدولتهم الفلسطينية المنشودة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وسقوط ، أوتراجع إمكانية تحقيق وتنفيذ حل الدولتين ، رغم ان غالبية الفلسطينيين تقبل بهذا الحل كحل مرحلي مؤقت ن ولاتقبل به حلا نهائيا ، ولكن الكيان الصهيوني لايقبل ان يعيد أي شيئ من الحقوق المغتصبة للفلسطينيين ، ولايقبل سوى بما يفرضه هو من ( حلول تسكينيه مؤقتة ) سعيا لكسب الوقت لحين فرض وقائع جديدة على الأرض الفلسطينية ، مثلما يحدث كل يوم وساعة ودقيقة في القدس والضفة الغربية المحتلة ، ومثلما هو يفرض حصاره ـــ بقوة النيران ـــ البري ، البحري ، الجوي على قطاع غزة .
4ـ مصادرة أراضي ومنازل المقدسيين ، وطردهم منها ، وهدم المنازل ، ومصادرة المقابر والمتاحف والمراكز والمؤسسات والمدارس الإسلامية التاريخية وهدمها ن وبناء على أنقاضها كنس ومتاحف وحدائق صهيونية.
5ـ طرد المقدسيين من القدس المحتلة نحو الضفة الغربية المحتلة ومصادرة هوياتهم ، مما يحدث انقلابا ديموغرافيا في القدس لصالح المستوطنين الصهاينة .
6ــ الاستمرار في النشاط الاستيطاني، ومصادرة الأراضي ، والتهويد باشكاله مختلفة ، ومستويات عديدة في الضفة الغربية المحتلة .
7 ـ استمرار حصار وخنق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ن والقدس الشرقية بواسطة الجدار العازل العنصري .
8 ـ تدهور الوضع الاقتصادي الصعب للفلسطيني ، وانهيار المنظومة الاقتصادية والبنية التحيتية للاقتصاد الفلسطيني بالضفة والقطاع .
9ـ تضييق الخناق على السلطة الوطنية الفلسطينية، والتعمد في تأخير تحويل اموال الضرائب الفلسطينية ، مما يتسبب بتأخير صرف رواتب قرابة 150الف موظف حكومي بالضفة والقطاع .
10ـ هناك مخاوف صهيونية من تعاظم قوة حركة “حماس ” في الضفة الغربية بعد صفقة تبادل الأسرى ، واثر ” حرب الأيام الثمانية ، وما نتج عن هذا العدوان الصهيوني على قطاع غزة من مواجهة بطولية لرد العدوان ، شاركت فيه حركة حماس وفتح والجهاد ، وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية ، وكان اداء المقاومة الفلسطينية أداء رائعا ومميزا .
11ـ استمرار الاعتداءات الصهيونية ضد قطاع غزة ، منذ اعلان التهدئة التي أعقبت حرب ( الأيام الثمانية ) التي شنتها قوات العدو ضد القطاع نهاية العام 2012، ورغم التهدئة التي تمت بوساطة ورعاية مصرية ، وضمانة اميركية ، والالتزام بها من الجانب الفلسطيني ، الا أن الدولة العبرية لم تتوقف عن اعتداءاتها بحق المدنيين الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة ، وهناك شهداء وجرحى فلسطينييون يسقطون برصاص الغدر الصهيوني ،عدا عن الاعتداءات الصهيونية المستمرة بحق الصياديين الفلسطينيين .
12ـ استمرار الحصار الصهيوني الظالم لقطاع غزة ، واستمرار تضييق الخناق على سكان القطاع .
13ـ تنامي مشكلة البطالة في الضفة والقطاع والقدس المحتلة ، والتي وصلت ارقاما قياسية غير مسبوقة .
ولدى الأوساط الأمنية والسياسية الصهيونية قناعة بأن السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله غير معنية بإشعال الأوضاع في الضفة الغربية ، و أكدت تصريحات العديد من المسئولين الفلسطينيين في رام الله ، وفي مناسبات ومواقف مختلفة أن : ( السلطة الوطنية الفلسطينية لا تنوي ، ولن تسمح بالانجرار إلى مواجهة مع الاحتلال في الضفة الغربية ، ولا تريد أن تتفجر فيها انتفاضة فلسطينية ثالثة ) .
ومن الواضح أن المؤسسة الأمنية الصهيونية والجيش الصهيوني هما من يتحكم بطبيعة وكيفية تعاطي حكومة الكيان الصهيوني مع السلطة الوطنية الفلسطينية ؛ وهذه الجهات النافذة والحاكمة ، تتحمل تبعات أية قرارات للحكومة الصهيونية تجاه السلطة الوطنية الفلسطينية ، ومعروف بالطبع ثقل وحجم تأثير المؤسسة الأمنية الصهيونية على القرار السياسي في الكيان الصهيوني ، وخصوصا في المسائل التي تتعلق بالأمن ، ولذلك تتدخل الأوساط الأمنية الصهيونية للجم العديد من القرارات الحكومية التي يمكن أن تهز او تضعف السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل كبير؛ لتصبح المعادلة هي : ( الضغط على السلطة ، مع عدم السماح بانهيارها !! ) .
و لكن المسألة بالنسبة للفلسطينيين ، وللقيادة الفلسطينية لم تعد فقط تحويل أموال الضرائب ، وتقديم تسهيلات حياتية محدودة جدا للفلسطينيين ، فالشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية المحتلة ، وقطاع غزة المحاصر ، وقيادته وكافة فصائله وقواه وتياراته يناضل ويكافح للتخلص والتحرر من الاحتلال الصهيوني ، وذل البقاء تحت حرابه وسيطرته وقيوده ، و( انتفاضته الثالثة المبتغاة والتي ينتظرها ويتوقعها الجميع ، ستكون الرافعة الأهم والأكبر للقضية الفلسطينية وانجاز مشروع التحرر من الاحتلال في هذه المرحلة من النضال والكفاح الفلسطيني ) ، وستكون الانتفاضة الثالثة من أهم العوامل التي ستساعد على تطوير الأداء والنضال الفلسطيني بكافة أشكاله ، ولذلك من المهم جدا في هذه المرحلة الفلسطينية الحساسة جدا والحرجة تخلي القيادات والفصائل والقوى الفلسطينية عن خلافاتهم الحزبية والسياسية ، والتعجيل بانهاء حالة الانقسام المؤسفة وانجاز وتحقيق مشروع المصالحة، وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني باسرع وقت ممكن ، ويتوجب على الجميع عدم وضع أية عراقيل في وجه اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، والتي يمكن للقيادة الفلسطينية ، والسلطة الوطنية الفلسطينية توظيفها بشكل جيد أمام المجتمع الدولي ، والضغط الشديد من خلالها على العدو الصهيوني للمطالبة بالاستقلال الفلسطيني، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة والقطاع ، وعاصمتها القدس الشريف ، وخصوصا أن كافة المعطيات والمؤشرات والظروف الذاتية والموضوعية على المستوى الفلسطيني والاقليمي والعربي تشير بوضوح الى أن : ( الانتفاضة الفلسطينية الثالثة هي في الطريق ، لتزهر ربيعا فلسطينيا مشرقا بروح العطاء والتضحية والتحدي والانتصار والعزة والكرامة ، ربيعا يزهر استقلالا عن الاحتلال الصهيوني ، والتخلص من ظلماته وقمعه وجبروته وافساده وعلوه ) …
وهنا تأتي أهمية انتفاضة وثورة غضب الأسرى الأبطال في سجون العدو ، فرغم الانشغال الفلسطيني الداخلي بحوارات الفصائل لانمهاء حقبة الانقسام الفلسطيني الأسود ، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ، ورغم إنشغال المحيط العربي في الإستنزاف السوري ، والنزيف العراقي ، والنزيف الليبي ، ومصر في الانتخابات الرئاسية والوضع الداخلي ، وتونس في الخلافات الداخلية ، وغيرها من الدول الشقيقة في مشاكلها الداخلية العديدة ، إلا أن هذه الانتفاضة / الثورة من أجل الحرية والكرامة والوطن ، جاءت في توقيتها المناسب ، لكي يعلو الصوت الفلسطيني مجددا ، ولينتبه الجميع فلسطينيا / عربيا / اسلاميا ، أن هناك آلاف الأسرى الأبطال من إخواننا وأخواتنا واباءنا وامهاتنا وبناتنا وابناءنا ، وأطفالنا الصغاريقبعون في زنازين العدو ، في أسوا سجون الكون ، في أسوا أوضاع يمكن ان يتم فيها وضع إنسان ، أوضاع لاتصلح لاستمرار أي نوع من الحياة الآدمية بأي شكل من الأشكال ، هؤلاء الأسرى الأبطال هم في سجون العدو يقضون زهرة عمرهم وسنوات حياتهم نيابة عن كل فرد في الشعب الفلسطيني ، ونيابة عن كل ابناء الأمة الأمة الاسلامية والعربية ، أنهم يقضون أجمل سنوات عمرهم في زنازين الموت والقهر الصهيوني دفاعا عن كرامة الأمة وعرضها وشرفها وحضارتها ووعيها وتاريخها ن وليس فقط دفاعها عن فلسطين وشعبها الباسل ، فقضيتهم هي قضية عربية / اسلامية / انسانية / دولية / اممية ، بقدر ماهي فلسطينية ، وعلى الجميع أن يتحرك لأجلهم ، ان يقف الى جانبهم ، أن يؤازرهم حتى لو بالكلمة ، حتى لوبالتضامن الصامت الذاتي ، ولكن يجب أن يكون الحراك الفلسطيني في الضفة والقطاع والداخل المحتل لأجلهم مدويا ، حتى يتأكد هؤلاء البطال انهم ليسوا وحدهم ، علينا أن نؤكد بالقول والفعل والوجدان والغضب لهؤلاء الفرسان :
لستم وحدكم … نحن معكم أيضا ، من اجل الحرية والكرامة والعزة والوطن والانتصار …
وانني على يقين أن انتفاضة الربيع الفلسطيني مقبلة بقوة ، ولن يستطيع أحد أن يوقفها ، فالشعب الفلسطيني تعب من طول الانتظار ، وتعب من خذلان الأشقاء ، وقرر ــ كما كان دوما ــ أن يأخذ بيديه زمام المبادرة ، لتعود القضية الفلسطينية الى مكانتها المعهودة ـ درة القضايا ، وعنوان عزة الأمة وكرامتها، الشعب الفلسطيني بدأ زحفه الجديد المقدس نحو باب الشمس وباب الكرامة وبوابة الانتصار والدولة ، انه ايها القوم زمن الصعود الفلسطيني الجديد ، زمن الربيع الفلسطيني الذي سيزهر دولة فلسطينية مستقلة ، وعاصمتها القدس الشريف ـ بإذن الله ، وعيوننا ترنوا الى مصر العزيزة وقد بدات فيها مرحلة جديدة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية فيها ، أن تعود في ظل قيادة الرئيس المشيرعبد الفتاح السيسي الى سابق عهدها المعروف في تصدر زعامة وقيادة الأمة ن واعادة احتضان القضية الفلسطينية ، مثلما كان الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ( رحمه الله ) يعتبرها القضية المركزية له وللشعب المصري ن ولامة الاسلامية والعربية ن وكان يعتبرها أم القضايا ، نريد من مصر ان تعود الى احتضان الشعب الفسلطيني المعذب ، وان ترغم العدو الصهيوني على رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة وتفتح معبر رفح الحدودي على مدار الساعة ، ونأمل منها ان تتوج اتفاق الشاطئ لتنفيذ المصالحة ، باحتضان ودعم ومساندة ورعاية تنفيذ المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام الأسود ، ودعم تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ، ونرجو أن تضع قضية الأسرى الفلسطينيين والمصريين والعرب في سجون الاحتلال على راس اهتماماتها حتى يتم اطلاق سراح جميع الأسرى الأبطال ، ويزهر الربيع الفلسطيني انتصارا وورودا ووحدة وتكامل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أسير محرر سابق / مؤرخ وخبير استراتيجي
رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني ، ومركزالقدس للدراسات والاعلام والنشر.
البريد الإليكتروني asglan@hotmail.com