اليمنُ يعيدُ تشكيلَ الوعي العربي بحتمية هزيمة الهيمنة الأمريكية
صحيفة المسيرة اليمنية-
عبدالحكيم عامر:
على مر العقود الماضية، عملت أمريكا جاهدةً لترسيخ انطباع في الوعي العربي بأنها لا تُهزم، وأسلحتها الفتّاكة لا مثيل لها، وأن مواجهتها مستحيلة، وقد تمكّنت من زرع هذه الثقافة في الوعي العام العربي، حَيثُ أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التصور الشائع، وأصبح من الصعب على أي شعب تجاوز هذه الأفكار الانهزامية.
وبالنظر من زاوية هيمنة العدوّ، تكون الهزيمة محتومةً قبل بدء المعركة، وقد تمكّنت أمريكا من تعزيز الهزيمة والذل والضعف في نفوس الدول العربية، وكلّ ذلك بالتعاون مع الحكام الخونة الذين ساهموا في حروبها في المنطقة، وبالتالي، لم تعد أمريكا بحاجة إلى خوض المعارك بعد الآن؛ إذ يكفيها أن تتجوَّلَ بأساطيلها في البحار لتُرهب خصومها، وتحَرّك سفرائها ليبثوا تهديداتها.
ومع ذلك، نشهدُ اليومَ وضعيةً جديدةً وفريدةً في المنطقة؛ فأمريكا تظهر بشكل غير معتاد؛ كضعيفة ومهزومة ومتخبطة، محاولة بسلاحها ونفوذها العالمي، إيقاف الصفعات التي تتلقاها في البر والبحر من اليمن في البحرين العربي والأحمر، وقد عمدت باستخدام بوارجها ومدمّـراتها المتطورة، وتحاول بكل أسلحتها إيقاف هذا الطوفان اليمني المناصر لغزة، ولكن دون جدوى.
اليوم نشهدُ هزيمة لأمريكا وهذا ما لم تتوقعه من قبلُ، حيثُ إن القوات اليمنية قد أظهرت قدراتٍ قتاليةً وتكتيكات قوية وإرادَة صلبة، وتمكّنت من تطوير قدراتها العسكرية واستخدام التكتيكات البارعة لمواجهة العدوّ الأمريكي، وتكبيده خسائرَ فادحة في البحرَين العربي والأحمر.
المثير للدهشة أن اليمنَ، الذي يعاني من حربٍ ضد تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي وحصار اقتصادي قاس منذ تسع سنوات، يستطيع تحدي القوة العسكرية العظمى الأمريكية، وإحداث تغيير في المشهد الإقليمي، يعكس هذا الإنجاز الإيمان القوي للشعب اليمني بالله، وقوة إرادته وعزيمته وقدرته على تحمل الصعاب والوعي الكامل بقدرته على الوقوف في وجه الظلم والاستكبار والهيمنة الأمريكية الهشة.
اليمن اليوم يقدم درساً للشعوب العربية والإسلامية أن عليها أن تعي فهم القرآن الذي يقول: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} وهذا ما يجعل الشعب اليمني يرى أمريكا بكل هيمنتها سوى “قشة” وذليلة وليست عصاً غليظة كما تصوره للشعوب لتفرض هيمنتها عليهم.
وقد بدأت اليمن بتفكيك الصورة النمطية التي رسّختها أمريكا بأنها القوة التي لا تهزم في وعي الشعوب العربية، ويعيد تشكيل الوعي العربي المهزوم بأن القوة الحقيقية لا تكمن في الأسلحة والتكنولوجيا فحسب، بل تكمن في تقوية الإيمان بالله، وعزيمة وإرادَة الشعوب والمقاومة الثابتة ضد الظلم والهيمنة الأمريكية.