اليابان تحيي شبح الماضي العسكري
صحيفة البعث السورية-
هناء شروف:
كان ملفتاً طلب ميزانية الدفاع الذي قدّمته وزارة الدفاع اليابانية قبل أيام، والذي يعدّ الأكبر على الإطلاق، وإذا تمّت الموافقة فسوف تستمر اليابان في الإنفاق العسكري المتزايد للبلاد الذي بدأ خلال العقد الماضي.
سيتجاوز المبلغ المقترح البالغ 5.6 تريليون ين (40 مليار دولار) للسنة المالية 2023 التي تنتهي في آذار 2024، 5.4 تريليون ين في الإنفاق المخطّط للسنة المالية الحالية، حيث سجلت ميزانية الدفاع اليابانية لهذا العام بالفعل رقماً قياسياً للعام العاشر على التوالي.
ومع ذلك تشير تقارير وسائل الإعلام الأجنبية واليابانية إلى أن الميزانية المقترحة قد ترتفع إلى 6 تريليونات ين، أو حتى 6.5 تريليون ين بزيادة 20 في المائة عن هذا العام، لأن الطلب الأخير لا يشمل تكاليف الصواريخ للضربات الوقائية التي اقترحها مؤخراً بالإضافة إلى العشرات من الأسلحة الأخرى.
اعتادت اليابان على تحديد سقف إنفاقها الدفاعي السنوي بنحو 1٪ من ناتجها المحلي الإجمالي، ولكن مع سعي الدولة إلى إعادة التسليح بشكل شامل، أصبحت الدعوات بأن يكون إنفاقها العسكري على قدم المساواة مع الإنفاق المطلوب من أعضاء الناتو مرتفعاً بشكل متزايد، ليس فقط في اليابان ولكن أيضاً في واشنطن، مما يشجّع اليابان على أن تكون في الطليعة من توسّع الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
من المفترض أن يكون الإنفاق العسكري لأعضاء الناتو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والذي إذا حذت اليابان حذوها سيجعل ميزانيتها العسكرية ثالث أكبر ميزانية في العالم. وغنيّ عن القول إن طوكيو بحاجة إلى عذر لتبرير ارتفاع الإنفاق العسكري المستمر، إذ أعطى الصراع في أوكرانيا دفعة لإثارة الرعب هذا العام.
يشير الإنفاق العسكري المتزايد لليابان إلى انتعاش النزعة العسكرية اليابانية، ونيّة الساسة اليابانيين اليمينيين جعل اليابان أقوى عسكرياً مرة أخرى، وهو في نظر كثيرين في آسيا بمثابة إحياء شبح الماضي العسكري الياباني.
اختارت طوكيو الاقتراب من التحالف الأمريكي، واندفعت بحماس إلى الصدارة في الاحتواء الاستراتيجي للولايات المتحدة ضد الصين، وأحدثت موجات حول المصالح الأساسية للصين والمخاوف المشتركة. في الداخل انتهز السياسيون اليمينيون المتطرفون في اليابان كلّ فرصة لدفع بلادهم إلى كسر حدود دستورها “السلمي” بشكل مطرد.
ومن ثم فإن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها اليابان لزيادة ميزانيتها الدفاعية ليست فقط غير مسؤولة، ولكنها خطيرة لأنها ستقلّل من شعور جيرانها بالأمن، وتزيد من سباق التسلح الذي يختمر في المنطقة، ويلقي بظلاله على السلام والاستقرار الإقليميين.