الولاءات التقليدية والديمقراطية تفوز في العراق
موقع الخنادق-
السيد جليل هاشم البكّاء:
إن نتائج الإنتخابات البرلمانية العراقية سواء المعلنة من خلال الفرز الأولى أو النهائي المصادق عليه، هي صورة مقاربة للواقع، حتى وان تم إعادة الإنتخابات لأكثر من مرة، الا بتغير بسيط وطفيف من خلال زائد أو ناقص في المقاعد من هنا أو هناك، مع ملاحظة دخول بعض القوى والوجوه الجديدة، الممثلة للحراك والاحداث الاخيرة، ولكنها مع ذلك فهي من الولاءات التقليدية بتغير بعض القناعات، فالمشاركون نسبة عالية جدا هم من القواعد الجماهيرية للأحزاب والتيارات، والمقاطعون هم بنسبة اكبر ضحايا الفساد والفشل، ومن الذين لم تستطع العملية السياسية ونتائجها المخيبة أن تقنعهم أو تعيد لهم الثقة بمواصلة الدعم للديمقراطية.
وبالرغم من تدني نسبة المشاركة بالتصويت العام، الا انها تعد مقبولة بالمقارنة مع الضغط الاعلامي والاحباط عند الناس وغضبهم وغيظهم من الفاسدين والفاشلين، وبعيدا عن قوانين وقواعد الربح والخسارة، فإن العراق هو المنتصر من خلال إنقاذ وبقاء الديمقراطية، وهي التي قد فرضت وجودها وهيمنتها على الجميع، سواء من شارك أو من قاطع، فإن الجميع عليهم ترقب ومتابعة النتائج، حتى وان كان هذا الترقب والمتابعة لغايات متباينة ومتعاكسة في الاتجاه.
لقد كان همنا ومازال وسوف يبقى هو المحافظة على الديمقراطية والإنتخابات، كأفضل واحسن وسيلة لتبادل السلطة بصورة سلمية، وعلى الجميع احترام رأي وارادة الشعب، فليس الحق هو كل ما نحب ولا الباطل هو كل ما نكره، حتى وان كان المتابع والمراقب ينظر ويعتبر نفسه من الاتقياء والصالحين، ومن عندهم صحة وصواب الآراء، ويمكننا رسم هذا التصور، من خلال قول الله تعالى: وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
نهني ونبارك لمن شارك وهو عنده الشعور بالقدرة على التغير والثقة بمن اختار، ونتمنى للمقاطعين متابعة جميلة لنتائج التصويت والفرز، ولا يقع اللوم على المقاطعين الشرفاء وحدهم، فإن اللوم كل اللوم على الفاسدين والفاشلين، فهم من عملوا على قتل واغتيال ثقة الناس بالديموقراطية، ولكن ارادة الله ومكره اقوى من خبثهم ومكرهم، وتبقى الشعوب والجماهير اقوى من الطغاة، وأن الجماهير ارادت وتريد أن تثبت نفسها رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية، وسوف تفلح بالمواصلة، ومن خلال المراقبة، والمحاسبة والمطالبة، ولابد للوسط الاعلامي الشريف والنظيف أن يستمر بدوره المواكب لحراك الجماهير المؤمنة والواعية، وأن يكون دور الاعلام، هو محاسبة ما كان، ومراقبة ماهو كائن والمطالبة بما يجب ان يكون.
إن اول خطوة على طريق الإصلاح، تتمثل في تعديل الفهم الخاطيء عند السياسين الفاسدين والفاشلين، وأن ترجع المعادلة ويكون التكليف مقدمًا على التشريف، فإن الفساد والفشل يتمثل بتقدم التعالي والتشريف على الواجب والتكليف، وهذه من أخطر وابرز الاسباب التي استفزت الشرفاء وجعلتهم ينظرون للسياسين مجرد نفايات، وأن العملية السياسية هي مجرد تدوير لهذه النفايات، ولا يريدون المشاركة بتدويرها، ولكن مع كل هذه المأسي ومرارتها، وبفضل الله سبحانه وتعالى، استطاع العراقيون إنقاذ الديمقراطية، وهي التي أراد الفاسدون والفاشلون قتلها ودفنها، ومع توقعنا لصعوبة الإصلاح التام والكامل والمتكامل، فاننا نؤكد ونقول، بأن الديمقراطية المعوقة أفضل من دكتاتورية مطلقة، وهكذا سوف نبقى ونعمل، ونوصي بذلك بعد الرحيل.