النصر الآتي من صعدة إلى كل اليمن
موقع الخنادق:
عام 2001 وبعد أحداث 11 أيلول في الولايات المتحدة، صنّفت إدارة جورج بوش دول العالم لقسمين على مبدأ “من ليس معنا فهو ضدنا”. وقتها تعاطت معظم الدول مع واشنطن بمنطق المسايسة في حربها المزعومة ضد الإرهاب والتي لم تكن في الواقع إلا سعياً “لأمركة العالم”. وكان نظام الرئيس علي عبدالله صالح في اليمن من الأوائل المُسلّمين إضافة لدول الخليج.
غير ان تطوراً نوعياً طرأ في البلاد، جعل من حكومة صالح تقرع أجراس الإنذار لبدء مرحلة جديدة، حيث ان رجلاً آتياً من قرى صعدة النائية، تلك المحافظة الشمالية المنسيّة التي تبعد عن العاصمة حوالي 242 كلم، قد رفع شعار الثورة “الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل”، هو السيد حسين بدر الدين الحوثي.
لم تتدخل حكومة صالح وتمنع نشاطه في البداية، لكن مع تطور الخطاب السياسي للسيد الشهيد حسين بدر الدين، الذي كان يشغل حينها منصب عضو مجلس نيابي في البرلمان اليمني، كان من الصعب عليها ان تتعامل معه كأي حركة هامشية، حيث اعتبرت ذلك من الخطوط الحمراء التي يمنع المس بها. لأجل ذلك أرسلت إليه طلباً لوقف نشاطه خاصة ما يتعلق بالعداء لواشنطن وكيان الاحتلال. لكنه لم يستجب لمثل هذه الدعوات وتوجه برفقة عدد كبير من أبناء القبائل المؤيدة له إلى جبال صعدة بعدما وصلته معلومات أمنية أن مسألة اغتياله أصبحت أمراً مطروحاً.
الحرب الأولى
في حزيران 2004 اشتعلت الحرب الأولى بين السيد حسين بدر الدين وأنصاره من القبائل وبين القوات الحكومية بقيادة محسن الأحمر، الذي أُرسل بهدف “القضاء على التمرد”. في تلك الحرب اعتُقل السيدحسين، وتم عرض مشاهد تثبت استشهاده لإحباط المعنويات، لكن ذلك أنتج مفعولاً عكسياً، وأوقد مجددا نيران الثورة في النفوس، وأصبح لهذه الحركة الآلاف من المؤيدين بين حجّة وعمران وأرحب وصعدة وغالبية شمال اليمن. لم يتم القضاء عليها بل نتج عن تلك الحرب سلسلة حروب أخرى.
الحروب الستة
6 حروب طبعت العلاقة بين الحركة ونظام علي عبدالله صالح، غير ان السعودية التي تورطت في الأشهر الأخيرة من الحرب السادسة التي استمرت من آب 2009 إلى شباط 2010 عجزت عن تحقيق أي من الإنجازات العسكرية، تماماً كما يجري في الحرب الآن التي فرضتها على البلاد.
أدركت الرياض بشكل متأخر وبخطأ استراتيجي ورطها في مستنقع لـ 7سنوات متواصلة لا تملك قرار انهاءه، بل وتدفع تكاليف استمراره، أن القلّة القليلة المؤمنة التي أتت من جرود صعدة ذات يوم، وقُتلت وقُمعت واُسر ما يزيد عن 5000 من أبنائها، هي نفسها التي جعلت العمق السعودي اليوم تحت الصواريخ التي صنعتها محلياً بإرادتها، واستطاعت أن تصمد 7 سنوات رغم أن قرار القضاء عليها كان قد اتخذ دولياً، كما أجبرت واشنطن ان تعترف بشرعيتها وتطالبها بالهدنة والمفاوضات.
هذا التطور في الحركة وبقدرات الشعب اليمني لم يكن محض صدفة، بل بإيمانهم بمسيرة السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، وما قابله من أخطاء استراتيجية وقعت بها المملكة التي لم تفقه بعد ان هؤلاء القوم هم أبناء أولئك الذين قاتلوا في صعدة قبل حوالي 20 عاماً فرادى محاصرين بالجبال، وهم أنفسهم قد حوّلوا الجبال لمصانع تصنيع عسكري، دفاعاً عن سيادة البلاد. وكما قال السيد الشهيد حسين بدر الدين ” قد جُرِب الحصار للعراق، وجربوا الحصار ضد إيران ولم يعمل شيئاً، الدنيا مفتوحة من كل الجهات”.