النسخة الامريكية للاستعمار الحديث!
صحيفة الوفاق الإيرانية-
سعيد خليل العبسي:
من المتعارف عليه بأن الاستعمار بمفهومه القديم والتي عانت العديد من دول العالم منه كان من خلال استخدام القوه لاحتلال الدول ومن ثم فرض سيطرتها بقوة السلاح وهمجيته وذلك من اجل نهب وسلب ثروات البلاد المستعمرة.
فضلاً عن فرض سياساتها على شعوب تلك البلاد وتدمير واحلال تراثها الحضاري والثقافي عليها والتي مارسته العديد من الدول على دول وشعوب أخرى والذي وصل استمرار احتلالها في بعضها لمئات السنين من النهب والسلب والقتل والتعذيب والاجرام الذي مارسته الدول المستعمرة، ومع التغيرات التي حصلت في العالم وحالة الوعي العام وبفضل العديد من حركات التحرر والنضال الشرس ضد الاستعمار واحتلال الدول نجد ان هناك نسخة مستحدثة للاستعمار ابتدعه الغرب الامبريالي وتقوده الولايات المتحده الأمريكية والتي لا تستخدم الاحتلال المباشر الدائم وإنما من خلال السيطرة والهيمنة والبلطجة أي التهديد بالتدخل العسكري ان تطلب ذلك وفي أي وقت لتحقيق نفس اهداف الاستعمار القديم.
وللتدليل على ذلك وعلى سبيل المثال لماذا الولايات المتحدة الأمريكية تنشر مئات القواعد العسكرية في مختلف دول العالم وكذلك العديد من الاساطيل والقواعد الحربية وحاملات الطائرات في مختلف بقاع العالم ومحيطاته والتي ينتشر فيها مئات آلاف من الجنود المدججين بأفتك الأسلحة واحدث الصواريخ والقنابل النووية واسلحة الدمار الشمل وكل أنواع الفتك والاجرام والقتل والتدمير والتأمر؟
وهاهي حاملات طائراتها تجوب بحار العالم معلنة استعدادها الدائم لغزو أي مكان او اية بقعة في العالم ان ارتأت ذلك مناسبا لمطامعها ويضاف الى ذلك مئات السفارات المنتشرة في مئات دول العالم والتي لاهم لها الا التدخل في شؤون الدول والشعوب الداخلية وشراء الذمم وإثارة القلائل والفتن والمشاكل.
وهل من سائل يمكن ان يسأل لماذا كل هذه القوة الضاربة المنتشرة على بعد آلاف الأميال من أمريكا؟ هل يمكن لاحد ان يدعي وفي رأسه عقل صالح ليقول بان كل هذه القوه العاتية هي لنشر السلام والديمقراطية والعدل المساواة والعدل في العالم وبين البشر بكل تأكيد لا يوجد مثال واحد يمكن ان يعطى للتدليل على ذلك؟؟؟
وإنما في واقع الحال ان نشر كل تلك الترسانة العسكرية الضخمة هو بهدف البلطجة والتخويف وإخضاع الدول الأخرى لسياساتها والسيطرة على ثرواتها وتحقيق مصالحها؟
ولا احد يستطيع نكران بما تقوم به سفارات وعملاء أمريكا المنتشرين حول العالم من إثارة للفتن والمشاكل والانقلابات لصالح ممن تجدهم اعوانا لها او عملاء لها وهنا يمكن تقديم عشرات بل مئات الأمثلة عليها والذي يشهد التاريخ على العديد من الانقلابات التي حدثت بفضل سياساتها التأمرية ومعها من يسيرون في ذيلها.
ولا احد يستطيع نكران ما تستخدمه الولايات المتحدة من العقوبات والحصار الاقتصادي لملايين البشر حول العالم والذي بكل تأكيد هو بهدف اخضاع تلك الدول لسياساتها ولأن تدور في فلكها وهذه العقوبات الجماعية على شعوب بأكملها وما له من آثار كارثية على حياة الأطفال والرجال والنساء وعلى سبيل المثال وليس الحصر كوبا والتي تحاصرها منذ اكثر من ستين عاما.
وبالتالي اذا ما تأملنا فيما ذكر أعلاه فانه وبكل تأكيد هو الاستعمار بنسخته المتجددة وليس كما تتغنى الإدارات الامريكية المتعاقبة بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وهذا ما تنكره الوقائع ومنها على سبيل المثال احتلال العراق وحربها في فيتنام ومحاصرتها وفرض عقوباتها على العديد من شعوب العالم ومحاولاتها المستمرة في احداث القلائل والمشاكل للعديد من الدول.
وفوق ذلك كله دوسها على قرارات الأمم المتحدة وقوانينها عندما تتعارض مع سياساتها الجهنمية وأفضل مثال هو وقوفها على مدار سبعين عاما مع الدولة الصهيونية بالدعم العسكري والاقتصادي ودعمها المتواصل لكل الجرائم التي ترتكبها في حين لا تلتفت الى حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال كما تنص كل الشرائع.
ولكن كما تخلص العالم بفضل نضاله المتواصل من الاستعمار بصيغته القديمة فإن شعوب العالم أصبحت اكثر وعيا ونهوضا ومقاومة لكل أنواع الاستعمار ومهما تجبر المتجبرون والطغاة فإن مصير الظلم والقهر والاحتلال والبلطجة الى الزوال وبكل تأكيد؟