النار تشتعل في باريس.. جرحى ومعتقلون بالمئات
اشتعلت النيران في العاصمة الفرنسية باريس، لم يترك أصحاب السترات الصفراء، فرصة لقوات الأمن لفض التظاهرة، وبالمقابل لم تأل الشرطة جهداً لاعتقال مئات المتظاهرين، وعلى وقع هذه الأحداث تحولت باريس وخاصة جادة الشانزليزيه لساحة مواجهة بين المحتجين وعناصر الشرطة. وكان لافتاً أنه لأول مرة منذ اندلاع حركة “سترات الصفراء” في فرنسا أدخلت الشرطة المدرعات لوقف الاحتجاجات وسط العاصمة باريس.
وقالت السلطات الفرنسية، السبت، إن أعداد المتظاهرين المعتقلين من حركة السترات الصفراء ارتفعت، في وقت باتت المواجهات بين الطرفين على شكل كر وفر في العاصمة باريس، التي تحولت إلى مدينة أشباح، في وقت يفترض أن تعج بالمتسوقين.
وأعلن نائب وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونيز، أن نحو 31 ألف شخص شاركوا في تظاهرات حركة “السترات الصفراء” في أنحاء فرنسا، مشيرا إلى ارتفاع عدد الموقوفين إلى 700، وفق “فرانس برس”.
وكانت إحصائيات سابقة تحدثت عن توقيف 500 شخص مع اندلاع المواجهات، جرى وضع نحو 200 منهم قيد الحبس الاحتياطي.
وبدا لافتا لجوء الشرطة إلى الاعتماد على رجال أمن بزي مدني، لاعتقال عدد من المتظاهرين، وفق ما أوردت قناة سكاي نيوز.
واستبقت قوات الأمن التظاهرات المرتقبة باعتقال أكثر من 300 شخص في باريس، التي نشرت فيها السلطات قوات معززة بمدرعات، تظهر للمرة الأولى في العاصمة الفرنسية منذ 2005.
واندلعت احتجاجات هذه الحركة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إثر قرار رفع أسعار الوقود الذي تراجعت عنه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن المتظاهرين رفعوا سقف مطالبهم، وهتفوا بإقالة ماكرون الذي حملوه مسؤولية التوتر الذي ساد البلاد.
وتركزت مواجهات السبت بين قوات الأمن ومحتجي حركة السترات الصفراء، الذين يخرجون للشوارع للأسبوع الرابع على التوالي، في شارع الشانزليزيه وقرب القصر الرئاسي، الذي حاولوا الزحف نحوه، لكن قوات الأمن منعتهم من ذلك.
وفي وقت لاحق، راحت المواجهات تتجدد بين الحين والآخر في مناطق مجاورة، حيث أطلقت قوات الأمن وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى إصابة عدد من المتظاهرين بحالات إغماء، ورد المحتجون برشق قوات الأمن بالحجارة، وأغلقوا عددا من الشوارع وأضرموا النيران.
وتبدو اشتباكات اليوم، على ما شهدته، أقل عنفا في منتصف النهار مقارنة بالفترة ذاتها خلال الأسبوع الماضي، عندما شوهت الحشود قوس النصر، وحرقت مركبات ونهبت متاجر.
لكن مع حلول ساعات المساء، بدأت التظاهرات تتحول إلى أعمال شغب أحرقت فيها عدد من المركبات.
وبدت باريس في معظم أجزائها كما لو كانت مدينة أشباح في وقت مبكر السبت، حيث أغلقت المتاحف والمتاجر في يوم كان يفترض أن يكون للتسوق في أجواء احتفالية قبيل عيد الميلاد، وفق “رويترز”.
وكان عدد السائحين قليلا وناشدت السلطات السكان البقاء في منازلهم قدر المستطاع. وأُغلقت عشرات الشوارع أمام حركة المرور كما أغلقت متاحف ذات شهرة عالمية مثل متحف أورسيه واللوفر ومركز بومبيدو، إلى جانب وبرج إيفل أبوابها.
وغطيت العديد من المتاجر بألواح لحمايتها من النهب وأزيلت مقاعد الشوارع والمواد المستخدمة في مواقع البناء لتجنب استخدامها كمقذوفات.
ماكرون غائب عن السمع
ولم يظهر ماكرون نفسه، الذي يطالب المحتجون بإقالته، إلى حد كبير في الأيام الأخيرة، تاركا رئيس وزرائه وحكومته يحاولون التفاوض مع المتظاهرين.
وقال رئيس الوزراء، إدوار فيليب :”سنبذل قصارى جهدنا ليمر اليوم دون عنف كي نستطيع مواصلة الحوار الذي بدأناه.. في ظل أفضل ظروف ممكنة”.
وبدوره، قال وزير الداخلية، كريستوف كاستانير :” أخذنا الاستعداد لرد قوي”، داعيا المحتجين السلميين إلى عدم التواجد في المكان ذاته مع “مثيري الشغب”.
وانتشر حوالي 8 آلاف شرطي في باريس لتجنب تكرار أحداث الفوضى التي وقعت السبت الماضي، عندما أضرم المحتجون النار في السيارات ونهبوا المحلات التجارية في شارع الشانزليزيه وشوهوا قوس النصر برسم غرافيتي يستهدف الرئيس إيمانويل ماكرون.