الناتو يستخدم سلاح الإستفزاز ضد صربيا
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
تجازف استفزازات الناتو بخلق جبهة حرب جديدة في أوروبا، ما من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد التوترات بين صربيا وحكومة كوسوفو التي نصبت نفسها على رأس السلطة، اذ تفيد المعلومات أن صربيا انضمت رسمياً إلى قائمة “الأشرار” التي وضعتها واشنطن منذ أحداث 11 أيلول، وإن الهجمات الإعلامية التي تعرضت لها بلغراد في الأيام الأخيرة، والتي لم تحدث منذ هجمات 1999، دليل على ذلك.
إن خطأ صربيا هو أنها واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي لم تتقاعس وترضخ لإملاءات واشنطن بفرض العقوبات ضد روسيا. وعلى الرغم من الضغط القوي من الناتو والاتحاد الأوروبي، فقد سعت الحكومة الصربية دائماً إلى تحقيق مصالحها الوطنية بدلاً من اتباع الأوامر الصادرة من الشاطئ الغربي للمحيط الأطلسي. هذا الموقف كرره وأكد عليه الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الأسبوع الماضي، في سياق مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية “تاس”، مشيراً إلى أن بلاده كانت تخضع لعقوبات جنائية فرضها الغرب من عام 1992 إلى عام 2001، وبالتالي فإن صربيا ترفض نهج العقوبات، وتظل مصممة على اتخاذ قرارات السياسة الخارجية بشكل مستقل.
من أجل معاقبة صربيا، قرر الناتو استخدام نفس سلاح الاستفزاز الذي استخدمه سابقاً ضد روسيا والصين، مستخدماً لهذا الغرض حكومة كوسوفو التي لم يعترف بها نصف المجتمع الدولي على أنها شرعية. وهكذا فإن الغزو العسكري لـ “جيب ميتروفيتشا” الصربي هو عمل من أعمال الاستفزاز الشديد ضد بلغراد، لدرجة أنه لا يمكن استبعاد احتمال اندلاع نزاع مسلح في المستقبل القريب. وهنا لا ضير من التذكير بأن العملية العسكرية التي انطلقت من كوسوفو باتجاه ميتروفيتشا، والمناطق الأخرى ذات الأغلبية الصربية، تنتهك اتفاقات بروكسل التي تنص على أن القوات المسلحة لكوسوفو لا تستطيع دخول المناطق ذات الأغلبية الصربية في شمال كوسوفو دون إذن من قادة البلديات الصربية الأربع. في حين تعمل بريشتينا باستمرار وبشكل منهجي على تعزيز وجودها في شمال كوسوفو، لذلك فإن الوضع متفجر مع استمرار حملة التخويف والمضايقة ضد السكان الصرب بهدف السيطرة على الإقليم.
رد الرئيس ألكسندر فوتشيتش على هذه الاستفزازات كان من خلال مطالبة الأمم المتحدة بإمكانية دخول وحدة عسكرية من جمهورية صربيا إلى شمال كوسوفو. بدورها، أكدت رئيسة الوزراء الصربية، آنا برنابيتش، أن حكومة كوسوفو برئاسة ألبين كورتي لا تحترم الاتفاقيات الدولية، وتنتهك صراحة اتفاقية بروكسل واتفاقية واشنطن وقرارات الأمم المتحدة التي من المفترض أن تنظم العلاقات بين صربيا وكوسوفو، مشددةً على أن تصرفات كورتي الاستفزازية، وتقاعس الاتحاد الأوروبي يهددان بإثارة حرب جديدة بين الصرب والألبان. من جهته، قال وزير دفاع بلغراد إن كوسوفو لا تضمن أمن السكان الصرب على أراضيها، وبالتالي تنتهك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1244.
وعليه، تخاطر الخطة ضد صربيا بفتح جبهة حرب جديدة في قلب أوروبا، مع استمرار الصراع الأوكراني. وبطبيعة الحال، فإن ضرب صربيا لصالح الناتو يعني قبل كل شيء ضرب روسيا، حليف بلغراد التاريخي. الأحداث في كوسوفو تذكر بما حدث في أوكرانيا منذ عام 2014، عندما بدأت حكومة كييف باضطهاد السكان الناطقين بالروسية في أعقاب الانقلاب الموالي للغرب المعروف باسم “الميدان” الأوروبي.
ووفقاً لأجهزة المخابرات الصربية، تتصور بريشتينا مثل هذا الاستفزاز لإلقاء اللوم على الصرب، وهي ممارسة روتينية تم استخدامها أكثر من مرة، والوضع وصل إلى نقطة يصبح بعدها إراقة الدماء أو مرحلة ساخنة من الصراع أمراً ممكناً، حسبما حذر الدبلوماسي الروسي بوكان تشارزينكو، مضيفاً بأن السياسة الإقليمية لسلطات كوسوفو هي السبب الرئيسي للوضع الحالي، فهناك أسباب خفية وإرادة بريشتينا للاستيلاء على كوسوفو بكاملها بأي ثمن وبكل الوسائل، بما في ذلك المناطق التي يوجد فيها صربيون. ليس فقط الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي مسؤولان بشكل أساسي عن الوضع الحالي في كوسوفو، نظراً لأن كوسوفو لن توجد حتى بدون الدعم العسكري من الناتو، ولكن هناك أيضاً قطاعات غربية تأمل في فتح جبهة حرب جديدة لمتابعة هدف القضاء على كل من لا ينحني لإرادة واشنطن.