الناتو لا يريد حلولاً
صحيفة البعث السورية-
ريا خوري:
استمر الصراع ساخناً بين الأقطاب العالمية، واتضحت معالمه وتبلورت رؤاه بعد قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العاصمة الإسبانية مدريد. فقد أعلنت تلك القمة عن خطة استراتيجية جديدة لمواجهة روسيا وحلفائها تضمّنت المضي قدماً في توسيع الحلف شرقاً، بدءاً من مملكة السويد وفنلندا، وانتهاءً بحشد مئات ألوف الجنود المدججين بأعتى الأسلحة الفتاكة. كما تمّ الاقتراب من الصين بشكلٍ مباشر عندما تم الزج بها في أتون الصراع الدولي من خلال نشر وثيقة للمرة الأولى على أنها “تحدٍّ” لمصالح الناتو.
في المقابل، أبدت الصين وروسيا انزعاجهما الكبير، ووجّهتا رسائل مباشرة تتحدى مخرجات القمة، فقد ندّدت الصين بمحاولات الناتو “العقيمة” لتشويه سمعتها عالمياً، ورأت أن هذه الوثيقة لا تمت للحقيقة بصلة. بينما روسيا، التي كانت محور المناقشات والحوارات الساخنة، أكدت أنه بما لا يدع مجالاً للشك أن الغرب الأوروبي- الأمريكي يبني “ستاراً حديدياً” بين روسيا والغرب.
لقد عزم الناتو من خلال خططه الجديدة على تحصين وتمكين نفسه، ورفع درجة التأهب والاستعداد، وزيادة قدراته العسكرية واللوجستية لمواجهة روسيا، بل إنه يتحضر متحفزاً لأي مواجهة عسكرية مقبلة، وما زال يحشد الجيوش ويؤجج نيران الحرب على الرغم من كل التحذيرات من القوة العسكرية للجيش الروسي وقدرته التدميرية السريعة جداً. وعلى الرغم من بعض الأصوات العاقلة داخل الناتو التي تحذر من الضغط على روسيا عسكرياً، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن معها، يصرون على إطالة أمد الحرب من أجل استنزاف روسيا ونسف طموحها في الصعود إلى القطبية. ولم يتم الاكتفاء بروسيا، بل تم جرّ الصين إلى المربع نفسه، واستيلاد المزيد من العداوات في أوساط المجتمع الدولي. من هنا، كل المؤشرات تدل على أن المجتمع الدولي برمته مقبل على فوضى عارمة قد تغيّر بموجبها الخريطة السياسية في العالم.