الموقف العسكري السوري حيال الهجوم الأمريكي المحتمل

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:

ج1 الدفاع الجوي 

عندما نتناول الموقف السوري عسكريا (في حال أي هجوم أمريكي أرى حتى الآن أن احتمال حدوثه ضعيف) يجب أن نتناوله فى اتجاهين الأول هو اتجاه “الصد” والثاني هو اتجاه “الرد”..
بمعنى أوضح سأقسم القدرات العسكرية السورية فى مواجهة أي هجوم غربي إلى قسم يُستخدم فى صد الهجمات الجوية والصاروخية، وقسم آخر سيستخدم للرد على الهجوم الغربي .
بالنسبة لاتجاه “الصد”، يتمتع الجيش السوري بميّزة مهمة، وهي أنه صاحب الأرض، وهي ميزة كبيرة على الجانب الأستراتيجي.
لكن الموقف العسكري لسوريا يتأثر بعدة عوامل تتعلق بأهم سلاحين سيحتاجهما في اتجاه “الصد”، وهما الدفاع الجوي والقوة الجوية.

ـ بالنسبة لجانب الدفاع الجوى: المشكلة الأساسية التى تواجه الجيش السوري في هذا الجانب هي الضرر الواضح الذى أصاب شبكة الدفاع الجوي “رادارات وصواريخ” في الشمال والشمال الغربي بفعل الاستهداف الممنهج لها من قبل المعارضة السورية المسلحة.
هذا الضرر بالتأكيد سيؤثر بشكل كبير على قدرات الدفاع الجوي في هذه المنطقة، خصوصاً على مستوى الرصد الراداري بعيد المدى.
بالرغم من هذا الواقع، إلا أن شبكة الدفاع الجوي في باقي مناطق سوريا ما زالت تتمتع بقدر من التماسك، خصوصاً أنها السلاح الوحيد تقريباً الذي لم يدخل فى أي اشتباكات خلال المعارك الجارية منذ أكثر من عامين في سوريا إلا في مرة واحدة أثبت فيها نجاحاً تاماً وهي حادثة استهداف مقاتلة الفانتوم التركية.

يتميز الدفاع الجوى السورى(25 لواء) بعدد كبير من الأنظمة الروسية المحدثة والحديثة. فبخلاف الأنظمة التقليدية مثل “سام 2 و سام 3” يمتلك عدداً من الأنظمة ذاتية الحركة التي تكتسب أهمية إضافية في مثل هذه المواجهات التي يكون فيها الخصم مرتكزاً على القوة الجوية في هجومه. وهذه الأنظمة هي مثل “سام 6 و سام 8 و سام 9 و سام 13 ” .

ستعتمد قيادة الدفاع الجوي السوري في خطتها لصد الهجمات الصاروخية والجوية الغربية على التنسيق والتزامن في استخدام مجموعة من وسائط الدفاع الجوي وهي “سام 5 و بانتسير و بوك أم 2 إي” بجانب استخدام مدفعية الدفاع الجوي من مختلف العيارات 23 و 37 و 57 و 100 مللم كحواجز نيران.

بالنسبة لمنظومة سام 5 المعروفة باسم “اس 200” ستستخدم في استهداف طائرات التجسس والطائرات المقاتلة على الارتفاعات العالية حتى 30 كم بمدى مؤثر يصل إلى 300 كم. أما بالنسبة لصواريخ توماهوك ـ التي من المتوقع أن تكون رأس حربة أي هجوم امريكي ـ فإن التصدي لها سيكون مشاركة بين منظومتى بانتسير وبوك أم، حيث ستتكفل منظومة بوك أم بالتصدي للصواريخ الجوالة ضمن مدى يبلغ 60 كلم بامكانية اشتباك مع 24 هدف في آن واحد مع مقاومة كبيرة للتشويش وإمكانية لاستهداف أهداف بحرية.. وستتكفل منظومة بانتسير باستهداف الصواريخ الجوالة قريبة المدى من 20 كلم وحتى 200 متر مع إمكانيات لتتبع 20 هدف واستهداف هدفين فى وقت واحد.

ستكون المشكلة الأكبر التي تواجه قيادة الدفاع الجوي السورية هي الغزارة المتوقعة لصواريخ توماهوك التي ستطلقها القوات المعادية. فعلى الرغم من وجود منظومتى بوك أم وبانتسير، إلا أن قلة الأعداد المتوفرة منهما ستجعل مهمة توزيعها على المناطق المتوقع استهدافها مهمة صعبة.
ولهذه المشكلة حل بسيط كانت قيادة الدفاع الجوي العراقية في عام 1991 قد ابتكرته، وهو عبارة عن استخدام مدفعية الدفاع الجوي بشكل يجعلها تطلق ستائر نيرانية تدمر أي صاروخ يدخل إلى مجالها، وذلك اعتماداً على التوجيه البصري والراداري. وهذه الاستراتيجية أثبتت نجاحاً منقطع النظير في العراق، حجّم كثيراً من تأثير صواريخ توماهوك على العراق. في حال تم تنفيذ هذه الأستراتيجية في سوريا سيكون نجاحها بالتأكيد باهراً جداً.

جدير بالذكر إننى لم أتطرق إلى منظومة “أس 300” للدفاع الجوي نظراً لعدم تأكيد وجودها ضمن تسليح الدفاع الجوي السوري. ولكن لو أثبتت الأحداث وجودها ستكون عامل ردع مهم في يد قيادة الدفاع الجوي السورية.

الخلاصة أن الدفاع الجوي السوري يمتلك بالفعل منظومات تتيح له التصدي بكفاءة لصواريخ توماهوك. لكن، ونظراً للغزارة المتوقعة لهذه الصواريخ، سيكون النجاح رهناً بالتوزيع الجيد لهذه المنظومات وبحسن التنسيق بينها أثناء الأشتباكات.

في المقال القادم سنتطرق إلى دور القوة الجوية والدفاع الساحلي السوري في صدّ الهجوم الجوي الغربي المتوقع على سوريا.