الموسم السياسي الجديد في العراق؛ “تَهديدات وسيناريوهات مُعقّدة”
وكالة مهر للأنباء-
مهدي عزيزي:
لطالما كان العراق محور أزمات ومؤامرات معقدة بسبب خصائصه الفريدة وجغرافيته السياسية الخاصة في هندسة الدول الإسلامية والعربية بالإضافة إلى مكوناته المختلفة.
وبعد عام 2003 ( الاحتلال الأمريكي للعراق )، كان اهم ما تسبب بازدياد حجم الأزمات والتوترات الداخلية في البلاد هو الفراغات السياسية والاقتصادية التي تم ايجادها، فقد كان المُتسبب بهذه الازمات بطريقة أو بأخرى الجهات الخارجیة بمساعدة بعض الأحزاب السياسية في الداخل. لذلك، فإن أي محاولة لبعض التيارات والاحزاب في العراق التي کانت تريد إنقاذ هذا البلد من التبعیة السياسية والاقتصادية وُوجهت بطبيعة الحال بمجموعة من الجهات الخارجية.
ومن الأمثلة على ذلك تشكيل نماذج مقاومة جديدة في العراق والتي لعبت دورا هاما في ايجاد التوازن الميداني والأمني وكانت عاملاً حاسماً في ايجاد الاستقرار السياسي في العراق.
في حين استغلت امريكا وبعض الدول العربية الاحزاب السياسية في العراق التي تتبع بشكل مباشر او غير مباشر لهم لضرب المقاومة الشعبية العراقية وخلق حالة من التوتر والفراغ السياسي والتخبّط في العراق، فلا تزال هذه السيناريوهات والازمات السياسية تلقي بظلالها الثقيلة على العراق بهدف محو المقاومة الشعبية، وكانت امريكا تقوم بتجنيد بعض التيارات والساسة العراقيين عن طريق تقديم مبالغ طائلة لهم. كما أن تجنيد التيارات الموالية للولايات المتحدة من بين أهم المؤامرات التي يتم تنفيذها دائما في هذا البلد.
يواجه العراق سيناريو جديد وخطير يضاعف الحاجة إلى اليقظة السياسية، وخاصة عند المکون الشيعي
کانت أحداث أكتوبر، المعروفة في الوسط السياسي العراقي باسم تشرين، مفصلية ومصيرية في تاريخ هذا البلد حيث قامت الولايات المتحدة بتجنيد بعض الاطراف العراقية وتمكنت من اعطائها وزن سياسي ثقيل في البلد، ناهیك عن أكثر من 3000 منظمة غير حكومية في العراق أسسها الأمریكان لتغيير النسيج الاجتماعي والثقافي للعراق، من أجل تسهيل التغيير السياسي والديني في المجتمع العراقي.
ففي السيناريو الاخير الذي رسموه للعراق؛ كان من المُفترض ان يخلق فراغاً سياسياً في البلاد لتمكينهم من من ايجاد نسخة جديدة للعراق شبيهة بلبنان. وفي الخطوة التالية لهم، حاولوا تمهيد الطريق لهذه الانتخابات من خلال التزوير في البرمجيات وتغيير قانون الانتخابات، لكن البيت الشيعي فهم خططهم ومخططاتهم، خاصة الاطار التنسيقي، وقاموا بمنع تنفیذ هذا المخطط بشکل کامل. واستخدمت سیناریوهات مختلفة، بما في ذلك ما يلي لاستمرار التوتر في العراق:
– توليد الضغط الاجتماعي من خلال تحريك الشارع بذريعة المطالب الاقتصادية.
– التأخير أو عدم إجراء الانتخابات.
– خلق انقسامات في صفوف البيت الشيعي وغيره من التيارات السياسية.
– تجنيد الأحزاب والحركات السياسية المعارضة لطموحات الشعب العراقي.
– خلق توازن جديد في العراق ضد خطاب المقاومة.
– تحريض داعش على شن المزيد من الهجمات على العراق تزامنا مع الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق لتبرير تواجدهم.
– نقل قادة داعش من مخيم الهول في سوريا إلى المحافظات العراقية.
– تشكيل سلسلة من الهجمات المُخطط لها مسبقاً على السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء تأتي في اطار ايجاد التوتر والفراغ السياسي في العراق.
وقد شهدنا منذ لیلتین، السيناريو الجديد الذي خُطط له من قبلهم للهجوم علی السفارة الأمريكية لتبریر بقاء القوات الامریکیة في العراق، واستغلال هذا التواحد بالقضاء على المقاومة.
في حين اكد الامين العام لـ”عصائب اهل الحق” الشيخ قيس الخزعلي، عبر تغريدة له ان الهجوم الذي تم على المنطقة الخضراء في الظروف الحالية كان محاولة لخلط الاوراق. مشيرا الى ان هناك خطة جادة من قبل امريكا وبعض الساسة لتأخير الاستقرار السياسي في العراق. كما ان الهجوم على مقر ائتلاف العزم ( بقيادة خميس الخنجر ) واستهداف مكتب حزب التقدم برئاسة محمد الحلبوسي في حي الاعظمية في بغداد يمكن تحليله في هذا السياق، ومن المثير للاهتمام أن كل هذه الحوادث وقعت في ليلة واحدة !.
وتظهر الانقسامات بين التيارات السياسية التي تزامنت مع الهجمات على السفارة الأمريكية، أن العراق يواجه سيناريو جديد وخطير يضاعف الحاجة إلى اليقظة السياسية، وخاصة عند المُکوّن الشيعي. فمن ناحية، انخرط النظام السياسي في نزاعات داخلية، ومن ناحية اخرى، استنفاذ المقاومة الشعبية العراقية طاقاتها وقدراتها في مواجهة تنظيم «داعش»، مما يعني أن الأمريكيين يريدون استخدام كل قوة العراق السياسية والعسكرية لافتعال الأزمات في البلاد لخلق حالة من الفراغ السياسي في البلاد.