المهزومون وجهد العاجز
سقطت أوراق الخيارات التي راهن عليها فريق 14 آذار داخلياً وخارجياً واحدة تلو الأخرى. داخلياً هرب أحمد الأسير بعد أن جرى القضاء على عصابته، فسقطت من أيديهم ورقة التأثير على المقاومة جنوباً. ثم أدى دخول الجيش اللبناني بقوة وحسم إلى طرابلس إلى سقوط ورقة ثانية من أوراق 14 آذار، بعد أن فر زعماء العصابات المستقبلية وأخلوا زواريبهم متسترين هنا وهناك، ثم سقطت الورقة الثالثة من أوراق 14 آذار بإقفال الحدود العرسالية السورية وتشدد الجيش اللبناني في إجراءاته هناك، ومطاردته وإلقائه القبض على الإرهابيين الخطرين.
هذا في الشق الداخلي الميداني، أما في الشق الداخلي السياسي فقد تنازل فريق 14 آذار عن شرطه انسحاب حزب الله من سوريا من أجل مشاركته في الحكومة، كما رضيَ هذا الفريق بإيراد كلمة المقاومة وحق اللبنانيين فيها في البيان الوزاري بعد رفضه السابق لذلك. وقد ينسحب الأمر أيضا على رئاسة الجمهورية إذا صدر لهم الأمر الملكي.
خارجياً، تتوالى انتصارات الجيش السوري على العصابات الإرهابية في مناطق مختلفة من سوريا، لا سيما في منطقة القلمون المحاذية للحدود اللبنانية، الأمر الذي زاد من تعقيد التدخل السعودي والتركي وغيرهما في الشأن السوري، وقلل إلى أقصى مدى إمكانية تحقيق أي تقدم عسكري للمسلحين في المدى المنظور. ما أدى إلى تقلص هذين التأثيرين في الأحداث السورية، بغض النظر عن الحديث المستمر عن تسليح ما تسمى “المعارضة” السورية، والذي يبدو وكأنه محاولات كلامية لرفع معنويات المسلحين المنهارة.
إذاً، ما السبيل لإحداث تغيير في مجريات الأحداث يكون لصالح فريق 14 آذار، داخلياً في لبنان، ولصالح مشغله السعودي، خارجياً في سوريا؟ ما هي القشة التي يمكن لهذا الفريق ومشغله أن يتمسكوا بها في هذا البحر المتلاطم من الانهيارات المتوالية؟ هنا تفتقت عبقرية أحد ما في مكان ما عن أن القشة المنقذة هي العمل على إحداث شرخ بين السوريين من جهة وحزب الله من جهة أخرى. وعليه توالت الأمور التالية:
يجري تلفيق كلام على لسان بثينة شعبان مستشارة الرئيس الأسد تعلن فيه غضبها من إقدام “بعض المحطات الصديقة (في إشارة إلى محطتي المنار والميادين) في الآونة الأخيرة على بث مقابلات وتقارير توحي – نوعا ما- بأن سوريا ودولتها لم تكن لتصمد لولا دعم فلان وفلان من الدول والأحزاب (في إشارة إلى حزب الله) “. هذا الكلام الملفق نفته بثينة شعبان معلنة أن “حزب الله ولبنان في جبهة المقاومة، وما نسب إلي على فيسبوك لا يمكن أن يصدر عن أي مواطن سوري، نحن نواجه أعداء سوريا الذين يخدمون الصهيونية”.
رافق هذا التلفيق بث شائعة غامضة المصدر عن أن الجيش السوري قتل قيادياً في حزب الله ما دفع الحزب إلى الانسحاب من منطقة حلب اعتراضاً على الحادث. ثم جاء استشهاد مراسل المنار حمزة الحاج حسن ومرافقَيه على أيدي الإرهابيين ليستغل الوضّاعون هذا الحادث المؤلم لكل إنسان، ناشرين في صحفهم وصفحاتهم الفايسبوكية أكاذيب تقول إن الشهداء قتلوا على يد الجيش السوري، هذا على الرغم من أن تقارير عديدة تحدثت عن سقوط شهداء من الجيش السوري في محاولتهم إنقاذ شهداء المنار. ويبدو أن هناك تخبطاً لدى المسلحين السوريين وأصدقائهم اللبنانيين في كيفية استشهاد شهداء المنار، ففي حين يقول بعضهم إن الجيش السوري هو الذي قتلهم ينشر بعض الجهات الإعلامية التابعة للمسلحين شريط فيديو يظهر استشهاد أحد شباب المقاومة وجندي من الجيش السوري قرب سيارة فريق المنار وتحيط بهما مجموعة من الإرهابيين والفيديو عنوانه: “القلمون 14 04 2014طاقم قناة المنار الرافضي وكيف قضى”
كل هذه التلفيقات والأكاذيب محاولة خائبة يلجأ إليها المهزومون في المعركة السورية وفي السياسة اللبنانية الداخلية من أجل إحداث الفرقة بين حزب الله من جهة والجيش السوري والسوريين من جهة أخرى، محاولة خائبة كالعادة، هروباً من انهيار لا شك آت.
فيصل الأشمر – موقع العهد الإخباري