الملف النووي الإيراني ، إرتباك وسجال صهيوني متصاعد
موقع قناة المنار-
علي علاء الدين:
يعيش الكيان الصهيوني في حالة ارباك وانقسام حاد على المستوى الامني والسياسي والاعلامي، ورغم المحاولات الدائمة للرقابة العسكرية الصهيونية في ضبط ايقاع المؤسسات الاعلامية الا ان الملفات التي تعيشها المنطقة والتي تتعلق بمستقبل الكيان من الحدود البحرية مع لبنان والازمة الاقتصادية العالمية والتي تؤثر على الكيان بشكل سلبي وصولا الى أبرز الملفات التي تشكل انقساما داخليا صهيونيا وهو الملف النووي الايراني . فمن خلال مراقبة الاداء الاعلامي للكيان الصهيوني ما بين مؤسسات ومحللين امنيين وعسكريين تبدو الامور وكأنها تخرج من سيطرة الرقابة العسكرية ولو بشكل بسيط .
السجال الحاد حول الملف النووي الايراني بدأ من رأس هرم السلطة التنفيذية في الكيان حيث إستمرّ السجال حول التقصير والفشل في التعاطي مع الملف النووي الإيراني بين رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، يائير لابيد، وزعيم المعارضة، رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة سابق)، رغم الإحاطة الأمنية التي منحها لابيد لنتنياهو خلال اللقاء الذي جمعهما عصر الإثنين . فقبل اللقاء اعتبر لابيد ان ما قام به نتنياهو عام 2015 تسبّب بضرر مستمر حتى اليوم للكيان المؤقت، فردّ عليه نتنياهو قائلاً “إنّ الحديث يجري عن إخفاق تاريخي لرئيس الحكومة لابيد”. ورغم محاولة لابيد تهدئة الامور من خلال اللقاء الا ان نتنياهو وبعد اللقاء صرح : “أنا أشعر الآن بقلق أكبر منه حين دخلت الإجتماع. مع الأسف، لست أرى موقفاً إسرائيلياً حازماً ضدّ الإتفاق النووي الخطير”. وأضاف نتنياهو: “لقد قال رئيس الموساد عن حق إنّ هذه الإتفاقية أسوأ من سابقتها. غانتس ولابيد لم يقوما بأيّ شيئ. بينما نحن تصرّفنا بشكل مختلف والضغط الذي مارسناه أخرج الولايات المتحدة من الإتفاقية”.
وخلال اللقاء، طلب لابيد من نتنياهو أن يدعم بشكل علني موقف الحكومة في الموضوع الإيراني، لكن نتنياهو أوضح في اللقاء أنّ موقفه مختلف عن اللهجة الحكومية وصورة تطرّق الحكومة للموضوع الإيراني
وبعد ظهور الخلاف إلى العلن مع انتهاء لقاء لابيد– نتنياهو، أطلق وزير الحرب بني غانتس موقفاً من الأمر، فكتب في تغريدة له في موقع تويتر:
• “ينبغي على قضايا الأمن القومي لدولة إسرائيل أن تبقى فوق الخلاف السياسي في فترة الانتخابات”.
• “محاولة إيران الإختراق نحو قنبلة نووية لا تفرق بين حكومة وأخرى”.
• “في مواجهة التهديد الإيراني، يجب أن نظلّ متّحدين ونركز على الهدف”.
الانقسام الداخلي الصهيوني لم يتوقف عند المستوى السياسي بل وصل الى المستوى الامني في الكيان، و برز خلاف حاد في المواقف حيث صدر عن رئيس الموساد السابق، يوسي كوهِن، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً، تشاك فرايليخ، موقفان متباينان من طريقة التعاطي في إسرائيل مع الملف النووي الإيراني، إذ في حين زعم كوهِن خلال مشاركته في مؤتمر للمنظمة الصهيونية العالمية في سويسرا، بمناسبة الذكرى الـ 125 للمؤتمر الصهيوني الأوّل إنّ الكيان الصهيوني نفّذ في ولايته عمليات لا حصر لها ضدّ البرنامج النووي الإيراني، وإنّه سيفعل كلّ ما هو ضروري لتأخير الإيرانيين ومنعهم من صنع قنبلة ذرية؛ في حين رأى فرايليخ في مقال كتبه في صحيفة هآرتس أنّه لا جدوى من تكرار الشعار المثير للشفقة بأنّ إسرائيل ليست ملزمة بالاتفاق، وأنّها ستدافع عن مصالحها بنفسها، إذ ليس لديها خيار عسكري مستقل، مضيفاً بأنّ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الإتفاق النووي مع إيران، بتشجيع رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق بنيامين نتنياهو، “خطوة ثبت أنّها كانت كارثية”معتبرا أن إيران كانت يومها تقف على مسافة سنة من الحصول على مواد إنشطارية مطلوبة لصنع قنبلة واحدة؛ أمّا اليوم، فهي بحاجة إلى بضعة أيام فقط للحصول على مواد إنشطارية تكفي لإنتاج أوّل قنبلتين ، وخلص في مقالته بالقول أنّ “نهج نتنياهو– بينيت – لابيد حوّلنا (بنظر الأميركيين) من حليف يشعر بالقلق- وهو محق- إلى مصدر إزعاج، تأثيره محدود في أفضل الأحوال”.
وبين الانقسام السياسي والخلاف في التحليل الامني برز على المستوى الاعلامي بين المُعلّقين وجهتا نظر متباينتان حول مدى اقتراب التوقيع على الإتفاق أو ابتعاده بعد كلام الرئيس الإيراني السيّد إبراهيم رئيسي، الذي ربط فيه التوقيع على الإتفاق بوقف تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. المُعلّقون أشاروا إلى أنّ الإتفاق سيكون له نتائج “مدمّرة” على الكيان ، لأنّ إيران، إضافة إلى النووي المزعوم، ستمتلك الكثير من الأموال التي تستطيع أن تستثمرها في أماكن متعدّدة: حزب الله، حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وغيرها.
في الخلاصة يحاول الكيان الصهيوني الضغط على الولايات المتحدة والاوروبيين لمنع حصول الاتفاق مع ايران و الذي يعتبره كارثيا على مستوى مستقبل الكيان ورغم علمه بعدم قدرته على التأثير المباشر على الرئيس الاميركي بايدن فهو يدرك مسبقا أن باتفاق او بدونه فان ايران لن تتوقف عن تطوير التكنولوجيا النووية السلمية ، ولكن ما يبحث عنه الصهاينة هي الذريعة التي تسمح له بالقيام باعمال عدائية ضد ايران والتي لن تكون موجودة في حال حصول اتفاق وغطاء دولي على الانشطة النووية الايرانية .