المقاومة تعطب سلاح المشاة في جيش العدو
صحيفة البناء اللبنانية ـ
حسن حردان:
في اليوم الثامن عشر على العدوان الصهيوني على قطاع غزة بدا واضحاً أن الجيش «الإسرائيلي» غير قادر على تحقيق تقدم في ميدان المعركة البرية، فهو عجز حتى الآن عن التقدم بضعة مئات من الأمتار نتيجة مواجهته مقاومة شرسة تصدت لقواته وجهاً لوجه، وتمكنت من توجيه ضربات موجعة لسلاح مشاته في أهم عناصر قوته وهي قوات النخبة، إذ استطاعت قتل أهم الضباط باعتراف صحافته، الذين يشكلون العمود الفقري لقوات المشاة المكلفة بتنفيذ عمليات الاقتحام والهجوم. في حين أن سلاح الطيران «الإسرائيلي» وعلى رغم سيطرته على الأجواء، فشل في منع استمرار إطلاق صواريخ المقاومة، التي تمكنت من شل الاقتصاد «الإسرائيلي» وتكبيده خسائر يومية قدرها الخبراء بمليار دولار يومياً، انطلاقاً من أن المعدل السنوي لحجم الاقتصاد «الإسرائيلي» 300 مليار دولار.
على أن الحركة الدبلوماسية لم تصل إلى اتفاق لوقف النار المتلهفة إليه حكومة نتنياهو، والسبب أن العروض المقدمة لا تلبي شروط المقاومة الأساسية، وهي فك الحصار عن قطاع غزة والإفراج عن الأسرى الذين اعتقلوا بعد إطلاقهم في صفقة الجندي شاليط وفتح معبر رفح، وتوسيع المجال البحري للصيادين بعمق 12 ميلاً، وآخر العروض المقدمة من وزير الخارجية الأميركية جون كيري جاءت في مضمونها أكثر تشدداً وسوءاً من المبادرة المصرية، وتصب في مصلحة «إسرائيل» بالكامل، وما طرحه كيري هو وقف موقت لإطلاق النار لمدة أسبوع ينسحب خلاله الجيش «الإسرائيلي» من غزة، وتجرى في هذه المدة مفاوضات بوساطة مصر والسلطة الفلسطينية للتوصل إلى ترتيبات دائمة وأكثر استقراراً، وتمنح الأمم المتحدة وأميركا والاتحاد الأوروبي ضمانات للجانبين بأن المفاوضات ستتناول قضايا تهمها، وضمنها يتحول قطاع غزة إلى منطقة منزوعة من الصواريخ والأنفاق بالنسبة إلى «إسرائيل»، ورفع الحصار وترميم القطاع بالنسبة لحماس.
غير أن هذا المقترح الأميركي يستهدف تحقيق الهدف «الإسرائيلي» الأساسي وهو نزع سلاح القوة الذي تملكه المقاومة والذي مكنها من فرض معادلة جديدة في الصراع مع العدو أحبطت أهداف عدوانه، وهو سلاح الصواريخ والأنفاق مقابل فك الحصار، وهو ما لا يمكن أن تقبل به المقاومة ولا شعبها الذي يطالبها بعدم التنازل والاستمرار بالمعركة حتى تحقيق المطالب بفك الحصار وحفظ المقاومة وسلاحها الذي يشكل الضمانة في مواجهة العدو الصهيوني، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني من التصفية.
انطلاقاً من ذلك فإن خيارات الحكومة «الإسرائيلية» تبدو كلها سيئة، فهي غير قادرة على الخروج من الحرب بمكسب يحفظ ماء وجهها، وتدرك أن جيشها لم يتمكن من إضعاف قدرات المقاومة التي تستطيع الاستمرار في حرب استنزاف طويلة غير قادر على تحملها، ومع أن «إسرائيل» تفكر جدياً في تنفيذ خيار الانسحاب الأحادي من القطاع وإعلان وقف النار من جانب واحد، على غرار عملية الرصاص المصبوب إلاّ أن مثل هذا الخيار يواجه إصرار المقاومة على مواصلة إطلاق القذائف الصاروخية، ما يجر «إسرائيل» إلى حرب استنزاف تسعى إلى التخلص منها، فيما المقاومة سوف تسارع إلى إعادة ترميم مخزونها من الصواريخ طويلة المدى والقذائف التي استخدمتها في المواجهة استعداد لجولة جديدة من القتال.