المقاومة تطوّر قدراتها استراتيجياً وتكتيكياً
تُظهر صواريخ المقاومة الفلسطينية التي ضربت عمق الأراضي المحتلة، وعملية «الكوماندوس» التي حصلت على قاعدة «زيكيم» البحرية، تعزيزاً للقدرات العسكرية على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي، في الوقت الذي يرى فيه محللون أن هذا التقدم أتى بمساعدة من إيران وسوريا.
وفي حين أعلنت إسرائيل عن أن هدف عمليتها العسكرية على قطاع غزة هو تقويض القدرة العسكرية للمقاومة الفلسطينية، فإنّ الأخيرة تمكنت من استخدام أنواع جديدة من الصواريخ قادرة على بلوغ مسافات بعيدة.
كما أن العملية «غير المسبوقة» التي قام بها أربعة من عناصر المقاومة الذين تسللوا من البحر مهاجمين قاعدة عسكرية إسرائيلية بحرية تظهر نجاح المقاومة في وضع معادلة جديدة بالقدرة على كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة.
ويعتبر الباحث من مركز «رويال يونايتد سيرفيزس» في لندن الكولونيل ريتشارد كيمب أن المقاومة كانت قد «منيت بخسائر كبيرة على يد القوات الإسرائيلية في العام 2012، ولكن منذ ذلك الوقت، أعيد تجهيزها بشكل كبير من قبل إيران، وأيضا بأسلحة من سوريا».
وقبل العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2012، كان عدد الصواريخ التي تمتلكها المقاومة يقدّر بحوالي عشرة آلاف صاروخ. ويؤكد المحلل من مركز «كانتري ريسك لتحليل المخاطر» فراس أبي علي أنه من المرجح أن المقاومة «لا تزال تمتلك الآلاف من الصواريخ». وتشتمل الترسانة الصاروخية هذه على صواريخ «فجر-5» الإيرانية الصنع التي يبلغ مداها 75 كيلومتراً وصواريخ «أم-75» المصنعة في غزة والتي يبلغ مداها 80 كيلومتراً. ويستطيع هذان الصاروخان بلوغ القدس وتل أبيب. غير أن المقاومة استطاعت الحصول على صواريخ «أم-302» السورية الصنع أيضاً التي يصل مداها إلى 160 كيلومترا.
وسقط أحد هذه الصواريخ في مطلع الأسبوع الحالي، على بلدة الخضيرة التي تبعد 116 كيلومتراً شمال غزة، بينما قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية ان اثنين من هذه الصواريخ تحطما في البحر قرب ميناء حيفا على بعد 165 كيلومتراً شمال غزة، ليكون ذلك الهدف الأبعد التي تبلغه صواريخ المقاومة حتى الآن.
وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك المقاومة الآلاف من صواريخ «القسام» التي يصل مداها حتى 20 كيلومتراً.
ويؤكد أبي علي أن إطلاق هذه الصواريخ بكثافة قادر على إرباك نظام «القبة الحديدة» الإسرائيلي، لافتا إلى أن المقاومة استطاعت خلال «السنوات القليلة الماضية زيادة عدد الصواريخ التي تمتلكها، لا بل انها حسنت من وتيرة إطلاقها».
وفي تطور عسكري تكتيكي لافت، مثّل الهجوم البحري الذي نفذته قوة خاصة من «الكوماندوس البحري» التابع للمقاومة مفاجأة كبرى أخرى لإسرائيل. ويشير أبي علي إلى أن «كل هذا هو أمر غير مسبوق»، موضحاً أن «هذا يعني تدريباً متطوراً وتخطيطاً متقدماً، واستخبارات جيدة على الإسرائيليين، وقدرة على القيام بمفاجأة تكتيكية».
من جهته، يلفت كيمب إلى أنه من المرجح أن «يكون ذلك يشمل معدات و تدريبات إيرانية».
وتبقى الأرقام المتعلقة بتعداد فصائل المقاومة العسكري غير واضحة أيضاً، غير أن تقرير «الميزان العسكري للعام 2014» الصادر عن «المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية» ذكر أن لدى المقاومة «نحو 10 آلاف عنصر بينما يبلغ عديد مجموعات الأمن الداخلي حوالي 12 ألفاً».
وتشير فرضيات المحللين العسكريين إلى أن لدى المقاومة وداعميها هدفا واضحاً هو جر إسرائيل إلى معركة برية.
وفي هذا السياق يشير أبي علي إلى أن «التصعيد الذي تخوضه المقاومة يهدف إلى جر إسرائيل الى معركة برية في غزة، ستكبّدها المقاومة فيها عددا كبيرا من الإصابات».
ويقول المحللون إنّ أي قوات إسرائيلية تدخل غزة ستتعرض على الأرجح لهجوم من أسلحة مضادة للدبابات، مثل صواريخ «كورنيت» الروسية التي استخدمها «حزب الله» في حرب تموز العام 2006، وعبوات ناسفة محلية الصنع، كما أن هناك احتمالاً كبيراً لأسر جنود إسرائيليين لتتم مبادلتهم.
صحيفة السفير اللبنانية