المقاومة تطور معادلتها.. معادلة مفتوحة وشاملة
موقع العهد الإخباري-
إيهاب شوقي:
كعادته وبثقة كاملة وشجاعة فريدة، يخرج الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، راسمًا لمعادلات جديدة، ومجددًا العهد لمعادلات سابقة، لإقامة الحجة على من يتصور سقوط المعادلات بالتقادم.
ولعل السيد نصر الله، في خطابه في ذكرى الشهداء القادة، قد ثبت معادلة “كاريش” بمضمونها الواسع، ووضع معادلة جديدة مفتوحة وواسعة المجال. ونرى من المفيد بيان ذلك عملًا بروح وضوح الرسائل وإقامة الحجة، التي تتحلى بها المقاومة على الدوام:
أولًا: تثبيت معادلة كاريش بمضمونها الواسع
كان المضمون الرئيسي لمعادلة كاريش، هو عدم السماح باستمرارية استفادة العدو من الثروات العربية المنهوبة في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من الانهيار الاقتصادي وفرض الحظر على استفادته من ثرواته. وكانت معادلة المقاومة قائمة على فلسفة أن العدو لا يحق له شيء من هذه الثروات فهي فلسطينية – لبنانية، وإن كانت المعركة الكبرى وتحرير كامل التراب والثروات هو مسألة وقت، فإن الجانب العاجل من المعركة والذي لن يسمح بتمريره في الوقت الراهن، هو عدم السماح للعدو بالاستفادة من حقول جديدة، ما لم يستطع لبنان الاستفادة من حقوله.
وهنا كانت معادلة كاريش، والتي كانت شكلًا متمثلة في حقل كاريش مقابل بدء الاستفادة من الحقول اللبنانية، بينما المضمون الواسع هو عدم السماح للعدو باستمرار النهب والتوسع، بينما يعاني لبنان من المراوغات والخداع والمماطلات وشلل التوصل لحلول تخرجه من أزمته بسبب التدخل الأمريكي وفرض الوصاية على أتباعه في الداخل والدفع للأمور نحو الفوضى والانهيار.
وهنا كان التذكير واجبًا بأصل المعادلة، وهو ما فعله السيد نصر الله، وتأكيده أن العدو قد رصد ولمس بنفسه جديّة المقاومة وتأهبها للحرب، وأوضح أن المعادلة قائمة، ولن يسمح لأحد بالمراوغة والاكتفاء بحل شكلي دون بداية عملية تحقق مضمون المعادلة وجوهرها.
ثانيًا: المعادلة الجديدة المفتوحة
أرست المقاومة وعلى لسان السيد نصر الله، معادلة جديدة، وهي عدم السماح بالرهان على الجوع والفوضى، وهي معادلة متقدمة، وتعد في سياق المبادرات، حيث كانت المرحلة السابقة تقتصر على تثبيت قواعد الاشتباك في إطار دفاعي ويقتصر على العدوان العسكري من جانب العدو.
وبعد نجاح المقاومة في تثبيت توازن الردع العسكري، وهو ما يشهد به الجميع، وأولهم تقارير العدو وجنرالاته التي اعترفت بتجنب الكيان لأي اشتباك مع المقاومة خوفًا من ردها وخطورته على الكيان وعمقه، تم تنويع وسائل الحرب لتشمل الحرب الاقتصادية والرهان على الفتنة والفوضى في لبنان. وقد طورت المقاومة معادلات ردعها لتشمل هذه الجوانب ومساواتها بالعدوان العسكري، حيث اعتبرت أن استمرار الحصار هو عدوان عسكري سيقابل برد عسكري، بل وبحرب كبرى يصعب تلافي انزلاقاتها.
هذه المعادلة موجهة لأمريكا بالأساس باعتبارها راعية الكيان، وهي أوسع من معادلة كاريش ومفتوحة على مجالات أوسع من التنقيب والاستخراج للغاز والنفط.
إن بعض المحبطين ينظرون إلى ألم الحصار وتمادي العدو الصهيو-امريكي في تنويع وسائل الحرب، بينما يغفلون الجانب المشرق من الصورة، وهو تنامي قدرات المقاومة وتطور معادلاتها التي استطاعت ردع العدو في حربه العسكرية برًّا وجوًّا، ثم ردعه بحرًا في معركة الاستخراج والتنقيب عن الطاقة، ثم إطلاق معادلة ردعه في معركة الرهان على الفوضى واستمرار الحصار والمراوغات والتعطيل، وهو ما يعني حتمية انتهاء الوضع الراهن الخانق، إما بردع العدو وفشل رهاناته، وإما بحرب كبرى إن أرادها العدو الذي يعلم جيدًا مصداقية المقاومة وجديتها.
هي معادلة جديدة مضمونها: الحياة في مقابل الحياة، وأن بيئة المقاومة لن تموت جوعًا عقابًا لها على خيارها، بل ستقطع ذراع الاستعمار الصهيونية ولن تكون الفوضى عنوان لبنان، بل عنوان المنطقة.