المقاومة الشعبية السورية
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
ظهرت في الأعوام القليلة الماضية تشكيلات شعبية سورية مقاتلة خاضت معارك مشرفة إلى جانب الجيش العربي السوري في مناطق عديدة ضد عصابات الإرهاب والتكفير وتعددت مسمياتها لكن الحقيقة الجوهرية هي انها وحدات شعبية بالفعل من حيث تكوينها وعرفت مرة بقوات الدفاع الوطنية ومرات بالوحدات الرديفة والمؤازرة واتخذت أحيانا تسميات محلية.
شاركت تلك الوحدات في التدريب والقتال بعضا من خبرات حزب الله ونخبته المقاتلة في الميدان السوري طيلة سبع سنوات وهذا ما يشكل دافعا كافيا لأسوأ مخاوف العدو الصهيوني من ظهورها لا سيما بالقرب من الجولان المحتل واليوم تشارك تلك المخاوف قيادة قوات الاحتلال الأميركي التي تختبر بعض المعارك مع مجموعات شعبية مقاتلة في الشرق والشمال السوريين وقد انطلقت أمس هواجس تركية من عواقب دخول قوات شعبية إلى عفرين صرح بعض مقاتليها للمراسلين انهم شاركوا الجيش العربي السوري الكثير من معاركه وإنجازاته في العديد من انحاء وطنهم السوري وأنهم قادمون لطرد الاحتلال التركي لأراض سورية بالشراكة مع رفاقهم وأخوتهم من وحدات الحماية الشعبية الكردية.
إننا أمام تشكل نسيج المقاومة الشعبية السورية التي سوف تتصدر مشهد الكفاح لطرد قوات العدوان الثلاثي التي هي العدو الرئيسي للدولة السورية ممثلا بالحلف الأميركي الصهيوني التركي الذي يسعى بكل قواه لإطالة امد استنزاف سورية ويسعى لاقتطاع أراض سورية طرفية والاستحواذ على قسط من ثرواتها تحقيقا لأطماع تاريخية معروفة ومعلنة.
الولايات المتحدة تريد الهيمنة على قسم من النفط والغاز في البر والبحر السوريين واختراق جدار العقود السورية الروسية طويلة الأجل للاستكشاف والاستخراج والاستثمار في مخزون ضخم وواعد بعائدات هائلة كما تفيد تقارير ودراسات المجموعات المتخصصة ولا صحة للهراء الشائع عن توافقات على التقاسم بين موسكو وواشنطن بل إن التناقض والمواجهة بهذا الحافز يتخذان بعدا حادا وعميقا.
تجد تركيا أولويتها بعد هزيمة مشروعها للهيمنة الأخوانية في سورية عبر صد خطر الحالة الكردية التي تغذي تمردا صعبا ومكلفا عبر الحدود بينما الكيان الصهيوني الساعي لتثبيت اغتصاب الجولان العربي السوري المحتل العائم على بحيرة نفط وغاز ومياه يجد في إضعاف الدولة الوطنية السورية وعرقلة انتصارها ونهوضها منعا لخطر إقليمي كبير قادم.
فالانتصارات السورية المتلاحقة كما ترى من تل أبيب باتت نذيرا بظهور مارد عربي جديد منتصر يستقطب التأييد الشعبي العربي ويدعم المقاومة في لبنان وفلسطين ويلاقي طموح الناس بين المحيط والخليج لاسترجاع زمن النهضة القومية ويحيي الفكرة العربية.
كل شيء يوحي بالخشية الكبيرة في مواقع التخطيط والتوجيه الاستعمارية والصهيونية من سطوع نجم الرئيس بشار الأسد وهو ما يفسر السعي المستميت لطمس حقيقة إسقاط الطائرة الصهيونية على يد الجيش العربي السوري وبأوامر من الرئيس بشار الأسد الذي يمتلك مقدرات التحول إلى بطل قومي إذا اكتملت ملامح انتصار سورية على العدوان الاستعماري الذي تجسده القوات الأميركية التركية الصهيونية المتناغمة في مضمون الدور والوظيفة والأهداف مهما جرى اصطناع بعض التباينات للتحايل على التعقيدات.
المقاومة الشعبية السورية التي تظهر اليوم في الميدان قابلة للنمو والتطور ولتوسيع دورها في الكفاح لاسترجاع السيادة الوطنية السورية وصون الاستقلال السوري التام وكسر عنجهية دول العدوان وتحقيق نبوءات روبرت فورد باقتلاع الاحتلال الأميركي ونضيف الاحتلالين الصهيوني والتركي.
القيادة السورية التي هي مرجعية هذه المقاومة الوطنية مصممة على تحقيق الهدف السامي بتحرير كل حبة تراب سورية واستعادتها إلى كنف الدولة الوطنية ولعل أعقد المحطات كانت بداية الموالفة بين القوات الشعبية ووحدات الحماية الكردية التي ارتكبت قياداتها اخطاء جسيمة باللهاث خلف الوعود الأميركية الاستعمارية رغم حصاد الخذلان التاريخي المتراكم لمثل هذه الأوهام ورغم التمسك الأميركي المعلن بمراعاة الأطماع التركية التي تنتمي واقعيا لمنظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية التي قادت العدوان على سورية مهما كان شكل مناورات التكيف الصعب التي تقوم بها حكومة أردوغان عبر الرقص على الحبال الروسية والإيرانية.
إن السقف المحقق في مشاريع الاحتواء التي نفذتها طهران وموسكو كان تعطيل الدور التركي الهجومي في العدوان على سورية واستثمار توازن القوى واختلالاته الساطعة منذ تحرير حلب لكن جميع مسارات التكيف التركي ظلت عاثرة ومتأرجحة إلى ان يتولى الجيش العربي السوري الحسم في مناطق التجميد التي أخل فيها الراعي التركي بتعهداته وصمم على مواصلة تغطية واحتضان عصابات القاعدة والأخوان التي ساهم في إنشائها ورعايتها منذ سنوات.
المقاومة الشعبية السورية قادمة في الميادين السورية وهي ستكسر الحلقات المفرغة وتفرض توازنات جديدة بالتكامل مع الجيش العربي السوري والدولة الوطنية السورية لإتمام آخر فصول المسيرة الوطنية الكبرى التي يقودها الرئيس بشار الأسد والغاية هي سورية محررة مستقلة قوية رغم انف الحلف الإمبريالي الصهيوني الرجعي وعملائه في كل مكان.