«المقاتلون المرتزقة» من أين يأتون وأين يختفون… بلحاج، الحاراتي، سام الإيرلندي: انتهى الدور أو المهمة؟
أخذ «مهدي» استراحة وعاد إلى ليبيا في زيارة قصيرة، هكذا أخبر الحاراتي من التقاهم في ليبيا بعيد عودته من سوريا، ولعله أيضاً كان قد أخبر «الثوار السوريين» بذلك قبل رحيله من سوريا، عاد آمر كتيبة طرابلس السابق، واليد اليمنى لعبد الحكيم بلحاج، والرجل الثاني في ما يسمى المجلس العسكري لطرابلس الذي ساهم في الإطاحة بمعمر القذافي إلى إلى ليبيا لكنه لم يعد منذ ذلك الحين إلى سوريا، وما لم يقله الحاراتي قاله اليوم «رفيق سلاحه» وغربته الإيرلندية، حسام نجار، نسيبه، والمعروف بالقناص الإيرلندي أو «سام الإيرلندي» (Irish Sam) عندما صرح لمجلة «النيوزويك» الأميركية قائلاً «أظن أننا قمنا بما يجب، ثم حان وقت الرحيل، أكملنا مهمتنا».
هل هذه هي الثورة؟ أم أن توقيت «الجهاد» انتهى ؟ أم هو دور ومهمة انتهت بإنتهاء بريد المهمات «الغامض» الذي حمل «مهدي الحاراتي» يوماً على قارب إلى غزة، ثم على متن طائرة من الدوحة إلى طرابلس الغرب، ليحط رحاله لاحقاً في إدلب، في رحلة هي اشبه برحلة بلحاج الطالباني حيناً وصديق الأمريكيين حيناً آخر؟
هل هي الصدفة التي تجمع هؤلاء ببعضهم؟ أم أن هناك جهازاً آخر يتولى خلق الصدف وتمويلها؟ ما الذي يجمع مهدي الحاراتي وسام الإيرلندي مع عبدالكريم بلحاج وأين تفرقوا؟.
عبد الكريم بلحاج
عبدالكريم بلحاج العضو السابق في مجموعات الأفغان العرب الذين تدربوا وحصلوا على التمويل من المخابرات الأمريكية للقتال في الحرب السوفيتية الأفغانية، فعبد الكريم بلحاج الذي تنقل طويلاً في الشرق الأوسط قبل أن يعود إلى ليبيا في أوائل التسعينات، حيث انضم إلى الجماعة الليبية الاسلامية المقاتلة وحاول الإطاحة بالعقيد القذافي، انتقل بعد هربه مجدداً عام 1998 إلى أفغانستان وانضم إلى طالبان عام 2002 وبعد هجمات 11 أيلول وتصالح القذافي مع الغرب، قامت السلطات الليبية بإصدار مذكرة اعتقال باسمه، وذكرت المذكرة أن بلحاج تربطه علاقة قوية بزعماء تنظيم القاعدة وخاصة الملا عمر زعيم طالبان، وبحسب رئيس وزراء أسبانيا السابق أثنار، يشتبه بوجود علاقة بين بلحاج وبين تفجيرات مدريد عام 2004، وبالرغم من علاقاته المريبة مع المخابرات الأمريكية فقد تم اعتقاله في بانكوك، وترحيله إلى سجن سري في ليبيا عام 2004، حيث بقي في السجن إلى أن قام بالهرب وأصبح قائداً الثورة الليبية وفاتحاً لطرابلس بتمويل من المخابرات المركزية الأمريكية وقطر، وتحول بعد اسقاط نظام القذافي الى زعيم لحزب سياسي يوصف بأنه «حزب قطر» في ليبيا، ولم يستطع الحصول على أكثر من مقعد واحد في انتخابات المؤتمر الوطني الليبي الأخيرة.
مهدي الحاراتي
الحاراتي الذي شاءت الصدف أن تفضحه في إيرلندا، حين تمت سرقة مبلغ 200 ألف يورو وعدد من المجوهرات القيمة من منزله في دبلن، بحسب تقرير لصحيفة «صانداي وورلد» التي أوضحت أن عصابة إجرامية في تلك المنطقة عثرت على مظروفين يحتويان على رزم من فئة 500 يورو أثناء السطو على منزل عائلة الحاراتي في 6 تشرين الأول من عام ٢٠١١، وقالت الصحيفة في حينه، التي يبدو أنها استقت معلوماتها من مصادر في الشرطة أن الحارّاتي الذي كان مقيما في دبلن وعمل كمدرس للغة العربية لمدة 20 عاما، قال للشرطة الأيرلندية أنه “تلقى الأموال التي سرقت من عملاء لوكالة المخابرات الأمريكية”.
مهدي الحاراتي الذي كان من ضمن «الناشطين» المتواجدين على متن أسطول الحرية وعلى سفينة «مرمرة» التركية بالتحديد، عام ٢٠١٠، إنتقل عام ٢٠١١ إلى سوريا في مهمة جديدة، حيث أسس ما يسمى لواء الأمة، عمل خلالها على تدريب المقاتلين ومساعدتهم على مهاجمة مراكز الجيش السوري وحواجزه، قبل أن يعود إلى ليبيا معتزلاً ثم يختفي بعد أنباء عن نيته الترشح للرئاسة، دون أن يوضح الأسباب ولا الدوافع، يبدو أنه أخيراَ قرر التصريح بسبب رحيله من سوريا لكن عن طريق «نسيبه الإيرلندي» سام، أو حسام نجار كما صرح في مقابلة لمجلة النيوزويك الأميركية.
«حسام نجار أو «سام الإيرلندي
سام، أو حسام أجاب على سؤال النيوزويك له حول «السبب الذي قد يدفع شخصا مسلما للذهاب و القتال في سوريا؟، قائلاً «هو الوطنية».
النيوزويك التي عرفت عنه بأنه «نصف ليبي ونصف ايرلندي، أمه اعتنقت الاسلام منذ ثلاثين عاما و هو ابن أول امرأة ترتدي الحجاب في ايرلندا، ترعرع في ايرلندا كمسلم ملتزم كما أنه عانى من أزمة انتماء». نقلت عنه اعترافه : «عانيت من أزمة هوية، فقد كنت مسلماً يترعرع في ظل الحضارة الغربية»
كما أوضحت أنه وبعد متابعته لاحداث الربيع العربي عام 2011 و مطالعته لعدد من صفحات الفيس بوك المتطرفة توجه الى ليبيا.
«ما الذي جعلني أقرر أن أشتري تذكرة الى ليبيا الممزقة بالحرب؟ يجيب حسام أن «نقطة التحول لديه كانت عندما سمع بأن المرتزقة الأجانب يقومون باغتصاب النساء الليبيات».
النيوزويك التي التقت حسام نجار في بيته في دبلن ذكرت أن نسيبه مهدي الحاراتي الذي توجه الى سوريا قبله، كان قد شكل كتيبة طرابلس، الكتيبة التي ساهمت بإسقاط القذافي، وأن نجار كان مرغوباً أكثر نظراً لمهاراته المتعددة، فهو يتحدث الانكليزية والعربية و يمتاز بخبرة قتالية بالاضافة الى البراغماتية.
الشاب الذي عاد الى ايرلندا بعد الاطاحة بالقذافي، وألف كتاباً عن تجربته الليبية بعنوان “جندي الصيف”، بدأ يشعر بالمزيد من اللانتماء الثقافي ، إلى أن قرر عام 2012، وخلال احدى أشرس المعارك في سوريا أن يطير الى تركيا ومنها الى ادلب من أجل الانضمام الى الحاراتي و تشكيل كتيبة من المقاتلين الليبيين القادمين لنصرة أشقائهم «السُنة» كما يقول، “كنت أعلم أن لدي ما أقدمه، بناء على ما تعلمناه من تجربة طرابلس، أردنا أن نعلم السوريين الذين لا يملكون خبرة في القتال، وان استطعت أن أقوم بذلك ساستطيع النوم هانئاً».
و لكن حال وصوله الى ادلب صدم نجار بقلة عدد المقاتلين المدربين، فالعديد من المقاتلين في الجيش الحر عديمي الخبرة ويحملون أسلحة قديمة من العراق، أسلحة لا تعمل ويمتلكون معدات مدمرة».
ويضيف «حاولنا أن نجعل اسلحتهم فعالة، ولكن مع مرور الوقت أصبح من الخطير بقاء الليبيين في سوريا نظراً لنشاط المخابرات السورية، فقد تحرك النظام لمراقبتنا عن كثب».
بعد مرور أربع أشهر من القصف الجوي و الكمائن، شق طريقه الى تركيا ومن ثم ايرلندا، والان يتابع مجريات الأمور بينما تتجه الحركات لمزيد من التطرف، ويهتم لمن ينضم الى القضية بدافع من الأفكار الشعرية (رومانسية)، فهذه ليست الحرب الأهلية الاسبانية، فالجيش السوري الحر يتفكك، و يتعرض للاضعاف من قبل المجموعات المتطرفة بالرغم من كونه جيش الشعب».
اهتمام نجار الاخر الآن، يتركز على الشباب غير الخبير بالحرب والذي يتحمس و يسافر الى سوريا ثم يواجه مقاتلي حزب الله المدربين و المتحالفين مع النظام.
«مقاتلو حزب الله أقوياء ومعتادون على قتال الشوارع، رسالتي الى الشباب الذين ينتظرون للمشاركة في القتال في سوريا: «لاتذهبوا الى هناك، لا تفكروا بالذهاب الى هناك فالجيش ليس بحاجة الى الجنود، هنالك الكثير من الأعمال الانسانية، لكن القتال انتحار».
هل سيكرر ما فعله يسأله مراسل النيوزيك؟ يفكر بالضربات الجوية و الأسلحة الصدئة و الغارات وكفاءة قوات الأسد ثم يقول:
«أظن أننا قمنا بما يجب، ثم حان وقت الرحيل، أكملنا مهمتنا».
المصدر: موقع سلاي نيوز