المقابلة الكاملة للرئيس الأسد مع شبكة “فوكس نيوز”: سلّمنا روسيا أدلتنا التي تؤكّد استعمال الإرهابيين لغاز السارين
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع شبكة فوكس نيوزالأميركية التزام سورية بجميع متطلبات انضمامها إلى اتفاقية حظرانتشارالأسلحة الكيماوية وموافقتها على تنفيذ مضمونها لجهة عدم تصنيع هذه الأسلحة أو تخزينها أو استعمالها أو توزيعها والتخلص منها وذلك استجابة للمبادرة الروسية وانطلاقا من حاجات سورية وقناعاتها والأمر لا علاقة له بالتهديد الذي لم ترضخ له سورية يوما.
وأوضح الرئيس الأسد أن القيادة السورية تنظر اليوم إلى الثقة التي يوليها إياها الشعب السوري وهي تبحث عن هذه الثقة بالذات مشددا على أن أي تحرك دبلوماسي بخصوص حل الأزمة في سورية من دون تحقيق الاستقرار والتخلص من الإرهابيين سيكون مجرد وهم ولذلك فإن أي تحرك دبلوماسي ينبغي أن يبدأ بوقف تدفق الإرهابيين ووقف الدعم اللوجستي لهم ووقف دعمهم بالمال والسلاح.
وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة التي أجراها الثلاثاء الماضي عضو الكونغرس الأميركي السابق دينيس كوسينيتش والصحافي غريغ بالكوت:
لقد أصدرت الأمم المتحدة التقرير المتعلق بالأسلحة الكيماوية. زميلي غريغ بالكوت سيناقش ذلك معكم بعد دقائق.. لكني أريد أن أتحدث معك حول تطورات رئيسية أخرى في ما يتعلق بالخطة المتعلقة بالأسلحة الكيماوية التي تم الاتفاق عليها من قبل حكومتي الولايات المتحدة وروسيا. هل توافقون على هذه الخطة التي تقضي بتأمين هذه الأسلحة الكيماوية وتدميرها في النهاية؟
ـ في الأسبوع الماضي انضممنا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية.. وتنص هذه الاتفاقية على عدم تصنيع هذه الأسلحة وعدم تخزينها وعدم استعمالها.. وبالطبع عدم توزيعها. كما تنص الاتفاقية أيضا على التخلص من هذه المواد الكيماوية. وبالتالي فعندما ننضم إلى هذه الاتفاقية.. علينا الموافقة على ذلك الجزء.
عليكم الموافقة على…
ـ الموافقة على التخلص من هذه الأسلحة.. أعني تدميرها.
ولماذا توافقون الآن؟
ـ لا.. لم نوافق الآن فحسب. إذا عدت إلى ما قبل عشر سنوات.. عندما كانت سورية عضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2003 قدمنا مقترحا للأمم المتحدة يقضي بأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية تماما من أسلحة الدمار الشامل. وحينذاك.. الولايات المتحدة هي التي عارضت ذلك المقترح. وبالتالي.. فإن لدينا القناعة بأن نرى منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل.. لأن هذه المنطقة متقلبة للغاية.. وهي دائما على حافة الفوضى والحروب. ولذلك لا تستطيع القول إننا وافقنا الآن فحسب.
نعلم أن الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري قالا في الماضي.. وهذه كلماتهما وليست كلماتي.. إنكم تكذبون عندما قلتم إنه ليس لديكم أسلحة كيماوية.
قبل أيام.. وفي مقابلة لكم مع القناة 24 الروسية.. اعترفتم بأن لديكم مخزونات من الأسلحة الكيماوية. أود أن نكون واضحين في هذه النقطة قبل أن نمضي قدما في هذه المقابلة. هل لديكم أسلحة كيماوية أم لا؟
ـ أولا.. في ما يتعلق بما قاله أوباما وكيري.. أتحداهما أن يقولا إننا قلنا إننا لا نملك هذه الأسلحة ولو مرة واحدة. نحن لم نقل ذلك. لم نقل لا ولم نقل نعم. كنا دائما نقول إنها قضية سرية ولا نناقشها وإذا أردنا أن نتحدث عنها نقول «إذا». و«إذا» تعني أنه يمكن أن يكون لدينا أسلحة كيماوية أو ليس لدينا هذه الأسلحة. وبالتالي ما قاله كيري وأوباما كذبة صريحة.
لكن هل تستطيع أن تخبرنا الآن.. هل لديكم أسلحة كيماوية أم لا؟
ـ بالطبع.. عندما انضممنا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية الأسبوع الماضي.. فإن هذا يعني أننا نمتلكها.. وقد قلنا ذلك. الأمر لم يعد سرا .
إذن.. في ما يتعلق بالشعب الأميركي.. أنتم تقرون بأن لديكم مخزونات من الأسلحة الكيماوية؟
ـ بالطبع.. ولذلك انضممنا إلى الاتفاقية الدولية للتخلص منها.
ملتزمون بالاتفاقات التي عقدناها
زملائي السابقون في الكونغرس متشككون حيال موافقتكم على هذه الخطة.. ويقولون إنها مجرد تكتيك للمماطلة. هل هي كذلك؟
ـ تكتيك للمماطلة… تعني الانضمام إلى الاتفاقية.
نعم.. أي إنكم تماطلون الآن للحصول على المزيد من الوقت وإنكم لا تعتزمون المضي في هذه الخطة…
ـ عندما يتم الانضمام إلى الاتفاقية.. هناك آليات.. وعليك أن تلتزم بهذه الآليات. وإذا نظرت إلى تاريخ سورية.. تجد أننا لم نعقد اتفاقا مع أي طرف في هذا العالم إلا والتزمنا بما يترتب علينا بموجب هذا الاتفاق وقمنا بدورنا فيه.
إذن.. تقول إن بوسع الرئيس أوباما أن يثق بكم في المضي قدما في ما يترتب على هذه الاتفاقية.
ـ أولا.. لا أعتقد أن من ينبغي أن يثق بي هو الرئيس أوباما بل ينبغي أن يثق بي الشعب السوري وليس الرئيس أوباما.. هذا أولا. ثانيا.. عندما نتحدث عن الاتفاقيات والعلاقات الدولية.. فهناك آليات. وينبغي أن تستند تلك الآليات إلى معايير موضوعية. فسواء كنت تثق أو لا تثق.. راقب ذلك البلد لمعرفة ما إذا كان يلتزم بتلك الآليات والقواعد أم لا. هذا ما يحدد ما إذا كان ينبغي الثقة بذلك البلد أم لا. المسألة ليست مسألة علاقة شخصية.
أفهم ذلك. لديكم الآن جدول زمني ضيق. سيترتب عليكم بموجب الاتفاقية تقديم قائمة بالأسلحة الكيماوية التي تمتلكونها؟
ـ ينبغي تقديم قائمة بالترسانة التي نمتلكها لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وهل أنتم مستعدون لفتح مواقع الأسلحة الكيماوية أمام التفتيش الدولي؟
ـ لم نقل إننا ننضم جزئيا إلى هذه الاتفاقية أو هذه المنظمة. لقد انضممنا كليا. أرسلنا رسالة أو وثيقة تقول ذلك.. ونحن ملتزمون بجميع متطلبات هذه الاتفاقية.
وهل يمكن أن تسمحوا لكاميرات فوكس نيوز بتصوير بعض مواقع الأسلحة الكيماوية هذه.. بحيث يتمكن الشعب الأميركي من رؤيتها بنفسه… هل هذا ممكن؟
ـ في سورية لدينا مؤسسات ولدينا قواعد وشروط.. وينبغي علينا العودة إلى هذه المؤسسات لنسألهم عن هذا الطلب.. وبعد دراستهم للطلب.. يمكنهم الرد بنعم أو لا. لا يتخذ الرئيس هذا القرار بمفرده. لدينا مؤسسات. وبعد هذه المقابلة.. يمكنكم طلب إذن بذلك.
هل يمكنكم تدمير هذه الأسلحة الكيماوية بسرعة… وإذا كان الجواب لا.. فلم لا؟
ـ أعتقد أنها عملية معقدة للغاية من الناحية التقنية وتحتاج للكثير من المال. وقد قدر البعض ذلك بمليار دولار للتخلص من مخزونات الأسلحة الكيماوية في سورية. لسنا خبراء في هذا الموضوع.. لكن هذا هو التقدير الذي طرح اخيراً. إذن.. لمعرفة مدى سرعة التخلص منها ينبغي سؤال الخبراء.. ماذا يعنون عندما يقولون بسرعة لأن الأمر بحاجة إلى جدول زمني قد يحتاج إلى عام.. أو أقل بقليل أو أكثر بقليل. إذن.. فالأمر يعتمد على ما تعنيه عندما تقول بسرعة.
بما أن الولايات المتحدة هي التي طالبت بتخليكم عن الأسلحة الكيماوية.. هل أنتم مستعدون للتخلي عن أسلحتكم الكيماوية للولايات المتحدة لأغراض تدمير تلك الأسلحة بشكل آمن؟
ـ كما قلت.. العملية تحتاج إلى الكثير من المال.. نحو مليار دولار.. وهي ضارة جدا بالبيئة. إذا كانت الإدارة الأميركية مستعدة لدفع ذلك المبلغ من المال وتحمل مسؤولية نقل هذه المواد السامة إلى الولايات المتحدة.. فلماذا لا يفعلونها… لكن ينبغي أن يتم ذلك بالتعاون مع المنظمة المعنية في الأمم المتحدة.
هل أنتم مستعدون لتسليم هذه الأسلحة عند نقطة معينة كي يتم تدميرها بشكل آمن؟
ـ كما قلت.. لا يهم أين يتم تدميرها. إذا كنا نريد تدميرها.. لا يهمنا أين تذهب.
من دون أي شروط؟
ـ لا.. ليس لدينا أي شروط في ما يتعلق بإرسالها إلى أي مكان. إذا كانت ستدمر.. يمكن أن تدمر في أي مكان. كما قلت.. إنها ضارة جدا بالبيئة.. فأي بلد مستعد للمخاطرة المتعلقة بهذه المواد.. يمكنه استلامها.
الدور الروسي كان كفؤاً
لدي سؤال أخير قبل أن أعطي الكلام لزميلي المراسل غريغ بالكوت. هل لديكم اتفاق أمني مع الحكومة الروسية يقضي بأنه عندما تتخلون عن الأسلحة الكيماوية.. وإذا تخليتم عنها.. فإنكم ستتمتعون بالحماية.. ولا تكونون عرضة للهجمات. لأننا نعرف أن هناك دولا أخرى تخلت عن أسلحتها ومن ثم تمت مهاجمتها؟
ـ تعرفون أن الدور الروسي كان كفؤا جدا سياسيا خلال الأزمة في سورية.. خلال العامين والنصف العام الماضيين. وقد استعملوا حق الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن. وبالتالي.. فإن روسيا حمت سورية سياسيا.. ولا ينبغي أن تكون هناك اتفاقية أمنية بهذا الخصوص. الأمر لا يتعلق بالجيش والحرب وحسب.. بل يتعلق بالسياسة أولا وقبل كل شيء. إنهم يقومون بعملهم دون وجود هذه الاتفاقية.
إذن.. وكي أوجز ما قلت.. لديكم أسلحة كيماوية.. وأنتم مستعدون للمضي قدما في خطة تدميرها.. وأنتم مستعدون للتعاون مع المجتمع الدولي بهذا الصدد؟
ـ مرة أخرى.. ما قلته هو جزء من الاتفاقية الدولية.. وعندما نوافق على الانضمام إلى هذه الاتفاقية.. فإننا سنتعاون بشكل كامل مع هذه الاتفاقية.. وليس بشكل جزئي. أعتقد أن هذا واضح جدا.
هذا أمر مهم جدا.. ولذلك دعني أتابع بشأن نقطة أو نقطتين ثم أنتقل إلى مواضيع أخرى. ليس لديكم أي شروط. ستوافقون على هذه الخطة لتدمير أسلحتكم الكيماوية. كنتم قد وضعتم شروطا في الماضي.. خلال الأسبوع الماضي. ليس لديكم أي شروط؟
ـ شروطنا الوحيدة هي التي تنص عليها الاتفاقية. الآن سنناقش التفاصيل مع المنظمة الدولية. ليس لدي جميع التفاصيل لأناقشها معكم الآن. كما أني لست خبيرا في هذا الموضوع.. ينبغي مناقشة هذا الأمر من قبل المختصين. لكن بشكل عام.. وفي العناوين.. فعندما ننضم إلى اتفاقية.. كسورية.. فإننا نلتزم دائما بتلك الاتفاقيات.
سورية لم ترضخ يوما للتهديد
كانت مشكلتكم وجود تهديد باستعمال القوة من قبل الولايات المتحدة. ولا تزال هناك نقاشات بشأن اللجوء إلى قرار بموجب الفصل السابع في الأمم المتحدة يتضمن إمكانية استعمال القوة. هل من شأن ذلك أن يفسد هذا الاتفاق بالنسبة لكم إذا تم التحرك في ذلك الاتجاه؟
ـ ما الذي سيفسد الاتفاق؟
إصدار قرار من الأمم المتحدة بموجب الفصل السابع يسمح لجهات في الأمم المتحدة باستعمال القوة إذا لم تلتزموا بالاتفاق؟
ـ هناك سوء فهم مفاده اننا وافقنا على هذه الاتفاقية بسبب التهديدات الأميركية. في الواقع.. إذا عدت إلى الوراء.. قبل انعقاد مؤتمر مجموعة العشرين وقبل المبادرة الروسية.. ترى بأن التهديد الأميركي لم يكن يتعلق بتسليم الترسانة الكيماوية.. بل كان بمهاجمة سورية لمنعها من استخدام ترسانتها مرة أخرى. إذن.. الأمر لا يتعلق بالتهديد. سورية لم ترضخ يوما للتهديد. في الواقع.. لقد استجبنا للمبادرة الروسية ولحاجاتنا وقناعاتنا. وهكذا.. فسواء لجأوا إلى الفصل السابع أم لم يلجأوا.. فهذه تحركات سياسية بين الدول العظمى.
إذن هذا لا يهمكم؟
ـ لا.. لا يهمنا نحن نلتزم لأننا نريد الالتزام.. ولدينا دوافع مختلفة تماما.
وفي ما يتعلق بالإطار الزمني الذي ذكره دينيس.. أسبوع واحد لتقديم قائمة كاملة بأسلحتكم الكيماوية.. وقدوم طلائع المفتشين الدوليين في تشرين الثاني وأواسط عام 2014 كموعد نهائي لتدمير جميع أسلحتكم الكيماوية. هذا جدول زمني طموح حتى بمعايير الخبراء. لكن هل تعتقدون أنتم أنه يمكن القيام بذلك؟
ـ لكن ينبغي أن نناقش هذه التفاصيل مع المنظمة أولا.
عليكم مناقشة ذلك أولا؟
ـ نعم.. هذا أولا. ثانيا.. الوقت ليس مشكلتنا نحن.. بل مشكلة المنظمة.. مقدار الوقت الذي يحتاجونه لتنفيذ هذه الاتفاقية.
إذن.. لا ينبغي بالضرورة التوقيع على هذا الجدول الزمني بالذات؟
ـ لا.. الأمر الوحيد الذي ينبغي أن نفعله هو تقديم المعلومات ونتيح وصول المفتشين إلى مواقعنا.. وهذه ليست مشكلة. بوسعنا أن نفعل ذلك غدا. ليس لدينا أي مشكلة.
يمكنكم فعل ذلك غدا؟
ـ نعم.. بالطبع.. ليس هناك أي مشكلة. المشكلة هي في مدى سرعتهم في التخلص من أي مادة كيماوية.. لأن هذا الوضع معقد جدا. الأمر لا يتعلق بالإرادة بل بالتقنيات. الخبراء وحدهم هم الذين يستطيعون الإجابة عن سؤالك.
وهو ما يقودني إلى سؤالي الأخير حول الموضوع الذي طرحه دينيس.. أي هذا تماما ما يقوله البعض.. إن هذه مجرد خدعة أو لعبة لأن الأمر صعب للغاية. يقول الخبراء إن ثمة صعوبة بالغة في التخلص من هذه الأسلحة الكيماوية وخصوصا في حالة حرب كهذه ما يجعلكم تكسبون الكثير من الوقت؟
ـ حتى لو لم يكن هناك حرب.. فإن الأمر صعب. حتى لو كان لديك كل المتطلبات المقدمة من جميع الأطراف.. فالأمر يستغرق وقتا للتخلص منها.
تقول إن الأمر قد يستغرق سنوات؟
ـ كما قلت.. ليس لدينا خبرة في هذا المجال. البعض يقول إن ذلك يستغرق عاما. أنا لم أقل سنوات. كما سمعت.. الأمر يستغرق عاما أو أقل بقليل أو أكثر بقليل. لكن في النهاية علينا أن نلتقي الخبراء.. وهم سيخبروننا.
شكرا سيادة الرئيس. لننتقل إلى آخر الأخبار.. وبالطبع هناك الكثير من الأخبار العاجلة. في هذه المنطقة الآن وآخرها صدور تقرير الأمم المتحدة حول الهجوم بالأسلحة الكيماوية الشهر الماضي في ضواحي دمشق. وطبقا لهذا التقرير.. وهو التقرير الذي قلتم إنكم تنتظرونه. قلتم إنكم لا تريدون أن تستمعوا للولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو فرنسا. تريدون للأمم المتحدة أن تتحدث.. وها هي قد تحدثت. وقالت.. وأنا اقتبس.. «هناك أدلة واضحة ومقنعة على أن غاز الأعصاب السارين قد استخدم». وقد استندوا في ذلك إلى عينات بيئية.. وكيماوية.. وطبية.. وقالوا إن ذلك أدى إلى حالات وفاة على نطاق واسع نسبيا.. وان عمليات القتل شملت أطفالا. هل تتفقون مع هذا التقييم؟
ـ لديهم العينات.. ويفترض أن يكونوا موضوعيين. لم يصلنا أي تقرير رسمي. المسألة هي أني إذا اتفقت مع أن غاز السارين قد استعمل…
لكن هل تتفقون مع التقييم القائل بأن هجوما بالأسلحة الكيماوية قد حدث في ضواحي دمشق في 21 آب؟
ـ تلك هي المعلومات التي بحوزتنا.. لكن المعلومات تختلف عن الأدلة.
تختلف… إذن.. أنتم لا تتفقون مع تقرير الأمم المتحدة؟
ـ لا.. أنا لا أختلف مع التقرير. علينا الانتظار حتى نحصل على الأدلة. نتفق أو نختلف عندما نحصل على الأدلة.
لديهم الأدلة. لقد التقوا أربعين أو خمسين شخصا على الأرض؟
ـ نعم.. علينا أن نناقش الأدلة معهم لأنهم سيعودون. فهم لم يكملوا مهمتهم بعد. سيعودون.. وعلينا مناقشة الأدلة معهم لنرى التفاصيل. لكننا لا نستطيع الاختلاف مع التقرير من دون أن تكون لدينا أدلة معاكسة. لا أحد يقول بأنها لم تستعمل.. لأننا في آذار دعونا وفدا للقدوم إلى سورية بسبب استعمال غاز السارين. كانت لدينا الأدلة بأن هذا الغاز استعمل في ذلك الوقت في حلب. عندما أتحدث كمسؤول.. أتحدث عن الأدلة التي أمتلكها.
لقد وضعوا تقريرا من ثلاثين صفحة وظهر على الانترنت ليلة أمس.. ولا أعلم ما إذا كانت قد أتيحت لكم الفرصة لقراءته؟
ـ لا.. ليس بعد. علينا أن نقرأه ونناقشه قبل أن نقول إننا نتفق أو نختلف معه. لقد صدر مساء أمس فحسب.
لنتحدث افتراضيا إذن. لقد قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.. إن هذه في الواقع جريمة حرب.. وإنها شنيعة.. وانتهاك صارخ للقانون الدولي. إذا كان ذلك قد حدث.. كما يقولون إنه حدث.. فهل هو عمل شنيع.. وهل تعتبرونه انتهاكا للقانون الدولي؟
ـ هذا بديهي.. بالطبع. إنه أمر شنيع. إنها جريمة.
أنا متأكد أنكم رأيتم الفيديوهات التي رأيناها والأطفال والكبار يتقيؤون على الأرض؟
ـ نعم.. لكن لم يتحقق أحد من مصداقية هذه الفيديوهات وهذه الصور. لم يتحقق أحد من ذلك. الأمر المحقق الوحيد يتكون من عينات أخذها الوفد.. عينات دم وعينات من التربة وما إلى ذلك.
وهذا ما قالوا إنهم حصلوا عليه؟
ـ لكن لا تستطيع وضع تقرير استنادا إلى لقطات فيديو لم يتم التحقق منها.
هناك الكثير من التزييف والفبركة
لكنهم وضعوا التقرير استنادا إلى عينات الدم وغيرها؟
ـ وخصوصا أننا نعيش في عالم من التزييف والفبركة منذ عامين ونصف العام في ما يتعلق بسورية. هناك الكثير من التزييف والفبركة على الانترنت.
عنصر أخير ومهم في تقرير الأمم المتحدة هذا.. وفي حين أن المفتشين لم يحملوا المسؤولية عن الهجوم لأي طرف.. فإن العديد من الخبراء الذين انكبوا على تحليل هذا التقرير.. وقد تحدثت إليهم خلال الـ 12 ساعة الماضية.. وأكدوا بصراحة أن هذا الهجوم يبدو أن حكومتكم قد شنته.. الحكومة السورية. يشيرون إلى عدد من الأشياء فيقولون إنه كانت هناك كمية كبيرة من غاز السارين.. نحو طن.. وما كان للمتمردين أن يمتلكوا مثل تلك الكمية. وقالوا إن نوع الصاروخ ومدفعية ام14 من عيار 33 ملم لم يستعملها المتمردون من قبل لأن إطلاق تلك الصواريخ بحاجة إلى عربات كبيرة.. والمتمردون لا يملكون ذلك. وقد يكون الأمر الأهم هو أنهم تتبعوا مسار الصاروخ من نقطة وقوعه إلى نقطة انطلاقه. وطبقا للأمم المتحدة فإن نقطة الانطلاق كانت من جبل قاسيون حيث مقر الحرس الجمهوري. ما قولكم في ذلك؟
ـ هل كل ما قلته جزء من التقرير…
عذرا.. سيدي
ـ هل كل ما ذكرته.. كل هذه النقاط جزء من التقرير…
جميعها جزء من التقرير. هذه كلها وقائع؟
ـ لا.. التقرير لم يذكر شيئا عن الحرس الجمهوري أو أشياء من هذا القبيل.
قالوا إنهم تتبعوا مسار وسمة الصاروخ واستنتجوا إن هذا هو الموقع الذي انطلق منه الصاروخ شمال غرب دمشق؟
ـ أولا.. غاز السارين يسمى عادة غاز المطبخ. هل تعلم لماذا… لأن أي شخص يستطيع صنع غاز السارين في منزله.
قالوا إن الغاز المستعمل عالي الجودة.. وأعلى جودة حتى من الغاز الذي استخدم في العراق من قبل صدام حسين.. جاركم في ذلك الحين؟
ـ أولا.. يمكن لأي متمرد أن يصنع السارين. ثانيا.. نعلم أن جميع أولئك المتمردين مدعومون من قبل حكومات. إذن.. أي حكومة تمتلك هذه المواد الكيماوية يمكنها تسليمها إلى أولئك المتمردين.
المجموعات الإرهابية استعملت غاز السارين
يقول الخبراء إنهم لم يسبق وتتبعوا شيئا بهذا الحجم.. نحو طن من غاز السارين.. إضافة إلى منصات الصواريخ والصواريخ.. أسطول كامل. مثل هذه الأسلحة والذخائر موجودة في قواعدكم بين الحين والآخر؟
ـ هذا غير ممكن من الناحية الواقعية. لا تستطيع استخدام السارين بالقرب من جنودك.. هذا أولا. ثانيا.. لا تستخدم أسلحة الدمار الشامل وأنت تحقق تقدما.. ولا تعاني هزيمة ولست في حالة انسحاب. الوضع بمجمله كان لمصلحة الجيش. ثالثا.. لم نستعملها عندما كنا نواجه مشاكل أكبر العام الماضي. رابعا.. عندما يتحدثون عن أي مجموعة من الجنود أو أي وحدة في الجيش السوري بأنها استعملت هذا النوع من الأسلحة.. فإن هذا كذب لسبب واحد هو أن الأسلحة الكيماوية يمكن أن تستعمل من قبل وحدات متخصصة فحسب. لا يمكن استعمالها من قبل أي وحدات أخرى كالمشاة وغيرها من الوحدات التقليدية. كل ما ذكرته غير واقعي وغير صحيح. من المؤكد أننا في سورية.. كحكومة سورية.. لدينا أدلة بأن المجموعات الإرهابية استعملت غاز السارين وأن تلك الأدلة سلمت إلى الروس. ثانيا.. رصدت الأقمار الصناعية الروسية منذ ظهور هذه المزاعم في 21 آب أن الصاروخ أطلق من منطقة أخرى. إذا.. لماذا يتم تجاهل وجهة النظر هذه… الرواية برمتها غير متماسكة وغير واقعية. بكلمة واحدة.. إننا لم نستعمل الأسلحة الكيماوية في الغوطة.. لأننا لو استعملناها لكنا ألحقنا الأذى بجنودنا وبعشرات آلاف المدنيين في دمشق.
لإنهاء هذا الجزء من المقابلة.. سيادة الرئيس.. هل ستسمحون بإجراء المزيد من التحقيقات… هل ستسمحون لمحققي الأمم المتحدة بالدخول واستكمال تحقيقاتهم في هذا الهجوم وهجمات أخرى.. حيث يقال إن هناك أربعة عشر هجوما مختلفا.. وأطلقت الاتهامات من قبل الطرفين.. وحتى استقبال فريق من الأمم المتحدة لتحديد المسؤول عن هذه الهجمات… هل ستسمحون لفرق الأمم المتحدة بالدخول؟
ـ نحن دعوناهم للقدوم إلى سورية في البداية في آذار ونحن طلبنا منهم العودة إلى سورية لاستكمال تحقيقاتهم لأن لدينا المزيد من الأماكن التي ينبغي التحقيق فيها. الولايات المتحدة هي التي ضغطت عليهم للمغادرة اخيراً قبل أن ينهوا مهمتهم. عندما دعونا هذا الفريق.. أردنا أن يتمتع بسلطة كاملة للتحقيق في كل شيء.. وليس فقط في استعمال السارين أو الأسلحة الكيماوية.. بل التحقيق بكل شيء يتعلق بمن استخدم هذه الأسلحة وكيف. لكن الولايات المتحدة مارست ضغوطا لاقتصار المهمة على تحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيماوية قد استعملت أم لا. لماذا… أعتقد لأن الإدارة الأميركية تعرف بأنهم إذا حققوا في تحديد من استعملها وكيف.. فإنهم سيتوصلون إلى استنتاج مفاده أن المتمردين أو الإرهابيين هم من استعملها وليس العكس.
هل تعتقد أن موقع سورية كدولة علمانية يمكن أن يكون في خطر في هذا الصراع؟
ـ بالطبع.. عندما يكون لدينا هذا النوع من التطرف والإرهاب والعنف.. فإن هذا سيجعل المجتمع برمته أكثر انغلاقا وأكثر تعصبا أيديولوجيا. وهذا ما يفعله المتطرفون.
ما يعنيه المجتمع العلماني
لكن ما معنى أن يكون في سورية دولة علمانية… هناك أسئلة حول وضعكم كدولة سلطوية.. وما إذا كنتم تؤمنون بالقيم الديمقراطية. ما الذي تعنيه الدولة العلمانية لسورية؟
الرئيس الأسد: الدولة العلمانية تعني التعامل مع المواطنين بصرف النظر عن دينهم وجنسهم وعرقهم لأن سورية مزيج من الثقافات المختلفة. إذا لم تكن لدينا دولة علمانية تعكس مجتمعا علمانيا.. فإن سورية ستتفكك. هذا ما يعنيه المجتمع العلماني.
إحدى الأفكار المتعلقة بهذا الصراع الخطر جدا هو أن هناك حربا أهلية. هل تتفقون مع هذا التشخيص بأنكم تخوضون حربا أهلية؟
ـ لا.. فالحرب الأهلية تبدأ بالمجتمع.. تبدأ من الداخل.
إذن.. أنت تحمّل المسؤولية للمصالح الخارجية؟
ـ إنها بحاجة لخطوط واضحة.. خطوط جغرافية وخطوط اجتماعية وخطوط طائفية غير موجودة لدينا في سورية. الحرب الأهلية لا تعني وجود ثمانين أو ثلاث وثمانين جنسية تحارب داخل بلدنا تدعمها دول أجنبية. ما يحصل عندنا ليس حربا أهلية.. ما لدينا هو حرب لكن نوع جديد من الحرب.
إذن.. أنت تحمّل المسؤولية لمصالح خارجية عن تسارع هذه الحرب. الآن.. هناك بعض الإحصاءات الصادرة عن آي اتش اس جينز المتخصصة في تحليل الشؤون الدفاعية.. وهي تقدر المعارضة بمئة ألف من بينهم ثلاثون ألفا من المتعاطفين مع الإسلاميين المتشددين وعشرة آلاف من الجهاديين المرتبطين بالقاعدة. هل أي من هؤلاء سوري… هل جميعهم غير سوريين ومن أين يحصلون على المال؟
ـ أولا.. لا أحد يمتلك هذه الأرقام الدقيقة. هذه مبالغة.. لأن معظم الجهاديين.. عندما يأتون إلى سورية.. لا يأتون من خلال بلدان ولا من خلال منظمات بل يأتون بالطائرة إلى بلدان مجاورة ومن ثم يعبرون الحدود كأي شخص آخر.. ويأتون إلى سورية من أجل الجهاد وحسب لينضموا إلى جهاديين آخرين. لا أحد يمتلك هذه الأرقام الدقيقة.. نعلم أن لدينا عشرات آلاف الجهاديين.. لكننا موجودون على الأرض ونعيش في هذا البلد. ما أستطيع قوله لك هو أن ثمانين إلى تسعين بالمئة.. من الصعب توخي الدقة هنا لأنه لا أحد يمتلك بيانات واضحة ودقيقة.. ثمانون إلى تسعين بالمئة من المتمردين ينتمون إلى القاعدة أو المنظمات المرتبطة بها.
هؤلاء هم المتمردون… أنت لا تقول إن جميع خصومك جهاديون؟
ـ لا.. ليس جميعهم. هناك مجموعات مختلفة لكنهم يشكلون أقلية. في البداية كان الجهاديون أقلية.. لكن في نهاية عام 2012 وخلال هذا العام.. أصبحوا الغالبية بسبب تدفق عشرات الآلاف من مختلف البلدان.
ومن أين يحصلون على المال… هل تستطيع أن تخبرنا هذا الآن؟
ـ بشكل أساسي من التبرعات.
لكن تبرعات من أين… هل لك أن تسمي بلدانا؟
ـ إنها من كل مكان في العالم الإسلامي وتأتي من أشخاص مرتبطين بالقاعدة وليس بالدول. لا نعلم إذا كانت بعض الدول تدعمهم مباشرة. لا نعرف ذلك وليس لدينا معلومات. علي أن أكون دقيقا جدا. إن الأموال تأتيهم على شكل تبرعات من أفراد يحملون الايديولوجيا نفسها في أذهانهم.
ذكرت من قبل أن بعض الأرقام مبالغ بها. هل لك أن تخبرنا كم هو عدد السوريين الذين ماتوا في هذا الصراع؟
ـ لدينا عشرات الآلاف من السوريين الذين ماتوا في هذا الصراع بشكل أساسي نتيجة الهجمات الإرهابية والاغتيالات والتفجيرات الانتحارية.
وما عدد الجنود الحكوميين الذين قضوا في هذا الصراع؟
ـ أكثر من خمسة عشر ألفا.
وعدد القتلى من المتمردين أو الجهاديين؟
ـ ليس لدينا أرقام لأننا لا نستطيع عدهم.
لكن هناك أشخاص أبرياء يقتلون في هذا الصراع.. وتقول التقارير إن حكومتك قصفت قرى قتل فيها أبرياء. ماذا عن ذلك سيادة الرئيس؟
ـ معظم الأبرياء قتلوا من قبل الإرهابيين وليس من قبل الحكومة. ما من حكومة حكيمة في العالم تقتل شعبها. كيف لك أن تصمد لعامين ونصف العام إذا كنت تقتل شعبك.. بينما الغرب ضدك والعديد من دول المنطقة ضدك.. وشعبك ضدك وأنت تقتله. هل هذا واقعي…
إذن.. أنت تقول إنك لا تقتل شعبك.. لكن قواتك شنت هجمات على قرى قتل فيها أفراد من شعبك؟
ـ لا.. في الواقع فإن ما تتحدث عنه يحدث عندما يتسلل الإرهابيون إلى المناطق السكنية في القرى والضواحي أو إلى المدن الكبرى ويترتب على الجيش الذهاب إلى تلك المناطق للتخلص من أولئك الإرهابيين. على الجيش أن يدافع عن المدنيين وليس العكس. لا تستطيع أن تتركهم أحرارا يقتلون ويغتالون الناس ويقطعون رؤوسهم ويأكلون قلوبهم.. وعندما تذهب للدفاع عنهم يقال إنك تقتل شعبك. لكن هناك ضحايا في كل الحروب. هذه حرب.. وليس هناك حرب نظيفة أو حرب ناعمة أو حرب جيدة.
المعارضة لا تعني حمل السلاح وقطع الرؤوس
يذكر المجتمع الدولي أن قوات المتمردين في سورية المعارضة لك تبدي القدر نفسه من القلق الذي تبدونه الآن.. إن لم يكن أكثر حيال المقاتلين الجهاديين.. أكثر مما كانوا قلقين من حكومتكم. في هذا التطور الجديد.. هل هناك فرصة لك لتحقيق المصالحة مع خصومك السوريين؟
ـ نعم.. وهنا عليك التمييز بين ما يسمى المعارضة والإرهابيين. المعارضة هي تعبير سياسي. عندما تعارض شخصا.. كما في بلادكم أو في أي بلاد أخرى في العالم.. يكون لديك برنامجك ورؤيتك وقواعدك وتقترح ما تريده في ما يتعلق بالنظام السياسي أو أي شيء آخر.. وبوسعك تغيير ذلك النظام إذا كنت تعارض الحزب الآخر. المعارضة لا تعني حمل السلاح وقتل الناس وقتل الأبرياء.. وتدمير المدارس وتدمير البنية التحتية وقطع الرؤوس. ما العلاقة بين المعارضة وقطع الرؤوس…
كمتابعة لذلك.. دعني اسألك عن الدبلوماسية ما التحركات الدبلوماسية التي يمكن أن تقوم بها كإجراءات بناء ثقة للتحرّك نحو السلام في بلدك؟
ـ أيّ تحرّك دبلوماسي من دون تحقيق الاستقرار والتخلص من الإرهابيين سيكون مجرّد وهم ولهذا فإن أي تحرك دبلوماسي ينبغي أن يبدأ بوقف تدفق الإرهابيين ووقف الدعم اللوجستي لأولئك الإرهابيين ودعمهم بالمال والسلاح. ومن ثم لدينا خطة كاملة يمكن بموجبها للسوريين أن يجلسوا إلى الطاولة ويناقشوا مستقبل سورية.. والنظام السياسي.. والدستور.. وكل شيء.
وهل يتضمن ذلك المستقبل مفاوضات مع المعارضة السورية؟
ـ تماماً.. لكن ذلك لا يعني التفاوض مع الإرهابيين.
أفهم ذلك.. لكن هل يعني ذلك أنك مستعد لإطلاق برنامج مصالحة مع معارضيك… هل أنت مستعد لذلك؟
ـ بالطبع.. لقد أعلنا ذلك مطلع هذا العام. قلنا إننا مستعدون لإجراء نقاشات مع أيّ حزب سياسي داخل سورية أو خارجها.
لننظر إلى المستقبل إلى العام المقبل هل ستكون مستعداً لتقديم العفو عن جميع أولئك السوريين الذين عارضوا حكومتك؟
ـ إذا كانوا لم ينتهكوا القانون إذا كانوا يعارضون الحكومة فإن بوسعهم القدوم إلى سورية من دون عفو العفو يُمنح للأشخاص الذين يخرقون القانون السوري فقط المعارضة ليست جريمة.. ولدينا معارضة داخل سورية.
لكن هل تؤمن بمنح العفو كمسار نحو تحقيق السلام؟
ـ ذلك يعتمد على من ينبغي أن يشملهم هذا العفو إذا كان الأمر يتعلق بأولئك الذين لطّخوا أيديهم بدماء السوريين.. فإن ذلك يمكن أن يكون جزءاً من المصالحة الوطنية.
هل يمكن أن يشمل ذلك تعويضات لعائلات الذين قتلوا؟
ـ ليس الرئيس هو من يضع هذه التفاصيل أعتقد أن الاجتماع الذي يضمّ جميع الفصائل والأحزاب يمكن أن يحدد جميع هذه التفاصيل.
ماذا تقول.. سيادة الرئيس.. لملايين السوريين الذين أصبحوا الآن لاجئين مع تحرككم نحو عملية السلام.. ما الذي يمكن أن تفعله لتقنعهم بالعودة؟
ـ بالطبع نريدهم أن يعودوا إلى قراهم ومدنهم ومنازلهم.. وعلينا أن نساعدهم في التخلص من المجموعات الإرهابية.. لأن غالبية هؤلاء اللاجئين غادروا بسبب الإرهابيين وليس بسبب الحكومة لدينا مهجّرون في سورية تساعدهم الحكومة.
دعني أطرح عليك السؤال التالي.. هل تحدثت إلى الرئيس أوباما؟
ـ لا.. أبداً.
هل تحدثت إليه في أيّ وقت من الأوقات؟
ـ لا.. أبداً.
هل أنت مهتم بالتحدث إلى رئيسنا؟
ـ ذلك يعتمد على محتوى الحديث فأنا لست مهتماً بالدردشة.
إذا أردت أن تبعث له برسالة الآن فماذا تقول له؟
ـ استمع إلى شعبك واتبع الحس السليم لشعبك.. وهذا يكفي.
البابا فرنسيس وجه المجتمع الدولي للتخلي عن المسعى العبثي نحو حل عسكري هل تعتقد أن نصيحة البابا يمكن أن تنطبق على حكومتك كما تنطبق على حكومات بلدان أخرى كذلك؟
ـ بالطبع.. فقد دعونا جميع من يحمل السلاح في سورية للتخلي عن سلاحه وقدمنا العفو عن كل من يسلمه ويرغب بالعودة إلى حياته الطبيعية كمواطن سوري نحن بالطبع نؤمن بذلك.
أريد أن أطرح عليك سؤالاً يقلقني كما يقلق غيري من الأميركيين.. ليس كل من يشاهد هذه المقابلة اليوم يعرف أنك طبيب وأنك كنت تمارس الطب قبل أن تصبح رئيساً وكما تعرف فإن الأطباء يُقسمون على عدم إلحاق الأذى بأي شخص هذا مقتبس حرفياً من قسم أبقراط. هل يتخلى الطبيب عن ذلك القسم عندما يشغل منصباً سياسياً؟
ـ أولاً وقبل كل شيء.. الطبيب يقسم على اتخاذ القرار الصحيح لحماية حياة المريض ولذلك لا نستطيع القول إنه لا يمكنه إلحاق الضرر الجسدي في بعض الأحيان قد يتوجب عليهم استئصال العضو السيئ الذي يمكن أن يقتل المريض يمكن أن نستأصل عيناً أو ساقاً أو غير ذلك. لكنك لا تقول إن هذا طبيب سيئ.. إن كل ما يفعله هو عمل إنساني. والأمر ذاته ينطبق على السياسي لكن على نطاق أوسع.. فالطبيب يعالج مريضاً واحداً.. أما السياسي فيتعامل مع جمهور واسع يتكوّن من ملايين أو عشرات الملايين. السؤال هو ما إذا كان القرار سيساعد حياة السوريين أم لا في مثل هذا الوضع لا أحد يحبّ العنف نحن ضد العنف لكن ماذا تفعل عندما يهاجم الإرهابيون بلدك ويقتلون الناس… هل تقول أنا ضد العنف أم تدافع عن الشعب لديك جيش ولديك شرطة وعليهم أن يقوموا بواجبهم بموجب الدستور وهذا دور أيّ حكومة ماذا فعلت الإدارة الأميركية في لوس انجلوس في التسعينات عندما كان هناك متمرّدون… ألم تنزلوا الجيش إلى الشوارع… لقد فعلتم هذه مهمة الحكومة الأمر الأكثر أهمية هو أنه عندما تتخذ قراراً.. سواء كان يلحق بعض الضرر أم لا.. المهم أن يكون لمصلحة غالبية الناس من الأفضل بالطبع اتخاذ قرار يساعد الجميع.. لكن في بعض الأحيان وفي ظروف صعبة.. لا تستطيع ذلك ولذلك يجب عليك اتخاذ القرار الأقل ضرراً.
الإصلاح عملية اجتماعية
سيادة الرئيس.. وقتنا محدود.. لكني أريد أن أعود إلى الماضي باختصار كنت هنا عام 2000 في جنازة والدك ثم أصبحت رئيساً.. وفي ذلك الحين علق البعض آمالاً عليك كمصلح يمكن أن تغيّر في الأمور وتحدث درجة أكبر من الديمقراطية في هذا البلد. لكن منتقديك وبعض المحللين يقولون إنك تراجعت إلى حدّ أنك بتّ توصف بأشياء أخرى غير المصلح بت توصف بالديكتاتور وبأشياء أسوأ بكثير كيف يجعلك ذلك تشعر عندما يقول بعض الناس.. بالتعبير الأميركي.. انك خرجت عن المسار الذي كان يمكن أن تسلكه حينذاك وكان يمكن أن يجنبك كل ما يحدث الآن…
ـ أولا وقبل كل شيء.. إذا أردت التحدث عن الأمل.. فأنا أمل السوريين لا يهمني أن أكون أمل أي شخص أجنبي سواء كان مسؤولاً أو أي شخص آخر. وهكذا.. ينبغي إحالة جميع التعابير والمفردات التي استخدمتها في سؤالك إلى الشعب السوري لترى إذا كانوا يوافقون على هذه التعابير أم لا. في المحصلة فإن الأمر لا يتعلق بالمصطلحات بل بالمحتوى لا يهم أن يقولوا ديكتاتور أو مصلح اليوم هناك حملات دعائية. هل يقولون الشيء ذاته عن حلفائهم في دول الخليج… هل يتحدثون عن الديكتاتورية في دول الخليج…
نحن نتحدث عن سورية؟
ـ أعرف ذلك.. لكن من حقي أن أتحدث عن الدول الاخرى الأبعد كثيراً عن الديمقراطية من الدولة السورية وبالعودة إلى سؤالك.. فإن الإصلاح ليس مسؤولية شخص معين في البلد.. سواء كان الرئيس أو الحكومة أو الشعب. يمكن للرئيس أو الحكومة قيادة الإصلاح.. لكن الإصلاح عملية اجتماعية تتأثر بأمور مختلفة كثيرة بما في ذلك العوامل الخارجية.. فيما إذا كان هناك حرب.. أو إذا كنت تتمتع بالاستقرار.. أو بالظروف الاقتصادية أو ما إذا كنت تواجه إيديولوجيات سيئة للغاية تأتيك من الخارج وهكذا.. بالتحدث عن الإصلاح بالطريقة التي قدمتها في البداية.. وحيث نؤمن بنفس القيم والمبادئ والمفاهيم.. ينبغي أن يكون لدينا ديمقراطية تعكس تقاليدنا. لكن الديمقراطية ليست هدفاً بل أداة لتحقيق الرخاء.. وينبغي أن تستند الديمقراطية إلى القبول بالآخر عندما يكون لديك إيديولوجيات منغلقة والعديد من المحظورات التي تمنعك من قبول الآخر.. والثقافات الأخرى في بلدك.. فإنك تتراجع بصرف النظر عما يفعله الرئيس بهذا الصدد.. لا الدستور ولا القوانين ولا أي عملية أخرى يمكن أن تجعل الديمقراطية حقيقية وواقعية في مثل هذا المجتمع المجتمع وحده هو الذي ينتج مثل هذه الديمقراطية ويمكن أن نتحدث عنها إنها مسألة ثقافة. وبالتالي.. فإني ما زلت مصلحاً.. وما زلت أؤمن بالقيم نفسها لكن إذا عدت إلى تاريخ العقد الماضي تجد أن حوادث معقدة جداً قد حصلت.. وهذه أحد الأسباب التي جعلت الديمقراطية.. ليس في سورية وحسب.. بل في المنطقة برمتها.. أكثر بعداً وليس أكثر قرباً.
لكن مرة أخرى.. وبالتحدث عن بلدكم.. وتاريخ الأحداث الأخيرة إذا عدنا إلى ما قبل عامين ونصف العام وعند ظهور أول الاحتجاجات في هذا البلد.. قال البعض إن تلك كانت علامة على أن الناس لم يكونوا راضين.. وهنا أتحدث عن السوريين.. الذين لم يكونوا راضين عن تحرككم نحو الديمقراطية وأن ذلك كان ما يطالبون به.. المزيد من الديمقراطية والمزيد من الإصلاح.. ولم يكونوا يطالبون في ذلك الحين بتنحيك عن السلطة يقول منتقدوك إنك تحركت بسرعة وبقسوة حيث استهدفت الدبابات المتظاهرين واستُعمل التعذيب إلى آخر ما هنالك. هذه هي الانتقادات التي توجّه إليك.. ومرة أخرى أضعت فرصة أخرى كيف تشعر حيال ذلك بعد عامين ونصف العام؟
ـ دعنا نطرح سؤالاً بسيطاً.. إذا أردت أن تقمع أولئك الناس لأنك لا تقبل بمطالبهم فلماذا يقول رئيس ما قلته في أحد خطاباتي في بداية الصراع «إن لدى هؤلاء الناس مطالب مشروعة».. هذا أولاً ثانياً.. إذا كنت تريد استعمال القوة.. لماذا غيرت الدستور لماذا غيرنا القوانين. لدينا الآن أكثر من خمسة عشر حزباً سياسياً جديداً في سورية… لماذا غيرت قوانين كثيرة لم يطالبوا هم بتغييرها… لأننا كنا نعلم أن الأمر لا يتعلق بالديمقراطية.. لو كانوا يطالبون بالديمقراطية فكيف قتل بعض أولئك المتظاهرين وأنا هنا لا أعمم لأن بعض الناس تظاهروا للأسباب التي ذكرتها.. لكن آخرين قتلوا جنوداً ورجال شرطة في أول أسبوع من الصراع. ما العلاقة بين المطالبة بالديمقراطية والقتل والاغتيال… ولهذا علينا أن نكون دقيقين في التمييز بين الناس الذين يطالبون بالديمقراطية والإرهابيين.. هذا أولا. ثانياً.. جزء من هؤلاء الناس الذين كانوا يعارضون الحكومة في البداية يدعمون الحكومة اليوم ضد الإرهابيين لأنهم طالبوا بالإصلاح لكنهم لم يطالبوا بالإرهاب وبالتالي.. فأنت تتحدث عن حالتين مختلفتين تماماً عند بداية الصراع والآن. وهكذا.. ما زلنا نتقدم في مسارنا نحو الديمقراطية. وجزء من الحل هو الذي ذكرته قبل دقائق.. فعندما نجلس إلى الطاولة يقرّر الشعب السوري ما الدستور الأفضل وما النظام السياسي الأفضل. هل يريدون نظاماً برلمانياً.. أم رئاسياً.. أم شبه رئاسي أو ما إلى ذلك.. ما القوانين التي يريدونها. إذن ليس الرئيس هو من يضع هذا النظام إذا أراد الناس وضع نظام جديد فهذه هي الديمقراطية.
لكنك تذكر نقطة تقود إلى سؤالي التالي سيقول بعض الناس إنك تشن حرب استنزاف وانك انتظرت وانتظرت وقمعت الناس وان أولئك الذين أرادوا تحقيق تغيير سلمي نحو الديمقراطية في البداية باتوا الآن.. وبعد عامين ونصف العام من القتال.. مستعدين للتراجع قليلاً. في البداية تحدثت عن دخول الإرهابيين.. والآن خلقت وضعاً على الأرض أو سمحت بظهور هذا الوضع الذي سمح بدخول أولئك الإرهابيين بسبب هذه الفترة الطويلة من الزمن. هذا يعني أنك لم تغير تفكير الناس بل إنك تحصرهم في هذا الصندوق.. فبعد عامين ونصف العام ومقتل 110 آلاف شخص ودمار المدن.. فأنت تأمل في أن يستسلم شعبك لهذه الفكرة وحسب. هل هذا ما كنت تهدف إليه من كل هذه العملية؟
ـ جوهر ما تقوله هو اني أنا من دعوت الإرهابيين وأنا من هيأت الظروف لقدوم الإرهابيين إلى سورية.
تمسكت بموقفك لفترة طويلة في مواجهة مطالب الناس السلمية بتحقيق الديمقراطية؟
ـ لا.. لقد قبلنا بمطالبهم منذ البداية.
قبلت بمطالبهم؟
ـ منذ البداية وقبل قدوم أولئك الإرهابيين أو الأجانب إلى سورية في عام 2011 بعد ستة أيام من بداية الصراع.. قلنا إننا سنجري تغييرات.. وبدأنا عملية تغيير الدستور بعد شهرين أو ثلاثة أشهر من بداية الصراع.. لست أنا من غير الدستور.. فقد صوت الناس في استفتاء شعبي على دستور جديد. كان ذلك في بداية عام 2012 في شباط.. وقبل مرور عام على بداية الصراع. وبالتالي.. فإن ما تقوله بعيد جداً عن الواقع إنها رواية مختلفة جداً ولا تتعلق إطلاقاً بما يحدث في سورية لا شيء من هذا يحدث في سورية ربما تتحدث عن بلد آخر ما حدث في سورية أننا منذ البداية قلنا إنه إذا كان هناك أي مطالب فإننا مستعدون لتغيير أي شيء. ماذا يمكن للرئيس أن يفعله.. أو كيف يمكن أن ينجح إذا كان الشعب ضده. كيف له أن ينجح… هل يريد البقاء رئيساً من أجل أن يكون رئيساً وحسب… هذا ليس واقعياً.. بل هو مستحيل.
ماذا عن التكتيكات التي تستعملها في حربك… كنا نقف في حمص.. إحدى المدن العظيمة في سورية.. وراقبنا مدفعيتكم تحيط بالمدينة وتقصف باستمرار مركز المدينة. تقول إنكم تلاحقون الأعداء أو الإرهابيين. لكن قد يقول البعض إن هذا قصف غير تمييزي ترك العديد من المدنيين قتلى وترك تلك المدينة بصراحة.. كالعديد من المدن العظيمة الأخرى في سورية.. مثل حلب ومدن أخرى.. في حالة من الدمار. هل هذه طريقة لملاحقة بعض الإرهابيين أو أعداء الدولة؟
ـ تبدو وكأنك تقول انه إذا تسلل الإرهابيون إلى منطقة معينة أو هاجموا جزءاً معيناً من مدينة.. فإن المدنيين يبقون فيها هذا مستحيل حالما يدخل الإرهابيون إلى منطقة.. فإن المدنيين يغادرونها ما لم يستعملوهم كدروع بشرية. لكن في معظم الأحيان فإن المدنيين يغادرون مناطقهم.. ولهذا هناك الكثير من اللاجئين وبالتالي.. ففي معظم الأحيان يهاجم الجيش السوري مناطق لا يوجد فيها أي مدنيين في معظم الأحيان لا تستطيع العثور على مدنيين يتعايشون مع الإرهابيين.
لكن التقديرات التقريبية.. سيادة الرئيس.. التي تقول بمقتل 110 آلاف شخص تعني أن بين هؤلاء نحو 50 ألف مدني هل تقول إن الإرهابيين استعملوا 50 ألفا كدروع بشرية؟
ـ أولاً.. ما مصدر معلوماتك…
هذه تقديرات المحللين الذين نظروا إلى هذه الأرقام؟
ـ محللون من الولايات المتحدة ويعيشون في الولايات المتحدة أم ماذا… يمكنك أن تتحدث عن الوقائع فحسب دعنا لا نتحدث عن التقديرات والمزاعم.
الجميع متفقون على الرقم 110 آلاف؟
ـ قلت إن عشرات الآلاف قتلوا ولم أذكر رقماً محدداً لأن هناك آلاف المفقودين.. ولذلك لا يمكن أن تحسبهم مع القتلى لأنك لا تعرف إذا كانوا قتلى هناك حرب الآن ولهذا ينبغي أن نكون دقيقين عندما نتحدث عن الأرقام.. أنت تتحدث عن الأرقام وكأنك تتحدث عن جدول إحصائي من دون أن تعرف أن لهؤلاء عائلات وأن هذه مأساة. نحن نعيش مع هؤلاء الناس هذه مأساة إنسانية. الأمر لا يتعلق بالأرقام بل يمس كل أسرة في سورية فقدت شخصاً عزيزاً عليها.. بما في ذلك عائلتي.. نحن فقدنا أفراداً من عائلتنا.. وفقدنا أصدقاء.. ولهذا السبب نحارب الإرهاب. إذا سمحنا للإرهابيين بالاستمرار من دون محاربتهم فإن هذا العدد.. إذا كان قريباً من الرقم الحقيقي.. سيكون أضعافاً مضاعفة وبالملايين وليس بمئات الآلاف.
لا نريد أن نضيع في الأرقام.. لكن كما قلت.. وهذا صحيح.. فإنها قضية إنسانية. لكنك مرة أخرى استعملت رقم 90 في المئة لتقول إن هذه النسبة من المعارضة أو من المتمردين هم من القاعدة. هل تؤكد على هذا الرقم؟
ـ 80 إلى 90 في المئة. لا أحد يعرف الرقم الدقيق لأن هؤلاء يدخلون ويتدفقون بشكل غير منتظم.
ألا تعتقد أن هذا الرقم مرتفع جداً. كثيرون يقدرون بأن النسبة هي 50 في المئة.
ـ من هم هؤلاء… أنا متأكد أنهم ليسوا سوريين لا أحد في سورية يقول إن نسبتهم هي 50 في المئة. في الخارج قد يكون لهم تقديراتهم الخاصة.. لكن في المحصلة فإن هذا صراعنا.. ونحن نعيش هنا.. وهذا بلدنا. نستطيع أن نعرف نسبتهم. كيف توصلوا إلى نسبة 50 في المئة…
لكن مرة أخرى دعني أوجز ما تقوله.. وأقتبس أنك قلت مرة إن المعارضة مصنعة في الخارج هل تعتقد فعلاً أن المعارضة لحكومتك مصنعة في الخارج؟
ـ هذا ليس شعوري والمسألة لا تتعلق بالمشاعر الأمر يتعلق بالحقائق التي نراها. إذا لم يكن لديهم قواعد شعبية في سورية.. لأن لدينا معارضة في سورية ولديها قواعد شعبية.. لماذا يعارضون من الخارج… كيف يعيشون… من يقدم لهم المال… كيف يمولون… جميعنا يعرف أن بعضهم ينتمي إلى الولايات المتحدة وبعضهم لبريطانيا وبعضهم لفرنسا ولقطر والسعودية. المعارضة الحقيقية تنتمي إلى الشعب السوري وحسب. وطالما أنهم لا ينتمون إلى الشعب السوري فإن هذه المعارضة هي من صنع بلدان أخرى.. هذا دليل بسيط.
استمعت إلى أجوبتك على غريغ بالكوت وأريد أن أتأكد من أمر واحد هل تقلل من شأن عدد القتلى بقولك إن العدد ليس 50 ألفاً أو 40 ألفاً…
ـ لا طبعاً. لا تستطيع التقليل من شأن هذه الخسائر لأن كل بيت في سورية يشعر بالألم الآن. كل بيت يشعر بالحزن.. لا تستطيع التقليل من شأن ذلك.. سواء كان العدد أكثر أم أقل إنها مأساة. نحن نعيش في سورية لكن علينا التحدث عن الأسباب. من قتل هؤلاء… ليست الحكومة بل الإرهابيون. نحن ندافع عن بلدنا.. وإذا لم نفعل ذلك فإن هذا العدد سيكون أضعافاً مضاعفة. هذا ما عنيته.
أردت فقط أن استوضح نقطة إذا نظرنا إلى الصورة الأوسع.. يبدو أن هذه لحظة مفصلية بالنسبة للعالم وموقف العالم من سورية.. قد تكون هناك خارطة طريق جديدة نحو السلام العالمي قيد التطوير. بداية بتخليكم عن الأسلحة الكيماوية والمضي قدماً لخطة ملموسة لتحقيق السلام في سورية.. هل تعتقد أننا وصلنا إلى مثل تلك اللحظة؟
ـ هل تتحدث عن الوضع داخل سورية… ليس هناك علاقة مباشرة بين قضية الأسلحة الكيماوية والصراع داخل سورية. الأمر مختلف تماماً. وبالتالي.. إذا أردنا أن نتحرك إلى الأمام نحو حل سياسي.. نستطيع فعل ذلك.. لكن لا علاقة لذلك بالاتفاق حول الأسلحة الكيماوية.
أفهم ذلك.. لكن كون قضية الأسلحة الكيماوية دفعت العالم أجمع أخيراً للانتباه.. هل تستطيعون البناء على هذه اللحظة؟
ـ هذا يعتمد إلى حد بعيد على الدول التي تدعم الإرهابيين في سورية.
جوهر مؤتمر جنيف
هناك عدد كبير من البلدان التي باتت ضالعة في هذه العملية.. وليس فقط الولايات المتحدة وروسيا.. بل كذلك إيران.. و»إسرائيل».. وتركيا وحتى الصين. الكثير يعتمد على تعاون سورية مع عملية جنيف هل أنتم مستعدون لضمان ألّا تتداعى هذه الفرصة؟
ـ لقد دعمنا عملية جنيف منذ البداية. تعاونا مع مبعوثي الأمم المتحدة الذين أتوا إلى سورية. في الواقع.. إن الجهة التي وضعت العقبات لم تكن سورية ولا روسيا ولا الصين.. بل الولايات المتحدة.. ولأسباب عديدة مختلفة. أحد الأسباب هو أنه ليس هناك معارضة حقيقية في الخارج. إنهم يعرفون هذا وهذه إحدى مشاكلهم الرئيسة لأن جوهر مؤتمر جنيف ينبغي أن يستند إلى إرادة الشعب السوري.. وكل ما نتفق عليه في جنيف سيطرح على الشعب السوري.. فإذا لم يكن لديك قواعد شعبية.. لا تستطيع إقناع الشعب السوري بالتحرك معك. هذه مشكلة الولايات المتحدة مع الدمى التابعة لها بكل صراحة ووضوح.
متابعة لذلك.. سيادة الرئيس.. يعتقد آخرون أن ثمة مجالاً للتحرك للأمام هنا وأنك للمرة الأولى خلال العامين ونصف العام الماضيين تتحدث بجدية إلى المجتمع الدولي حول مسار تفاوضي. صحيح أنه مسار ضيق في ما يتعلق بالأسلحة الكيماوية.. لكن في الواقع هناك إمكانية لإجراء محادثات أبعد مدى هل يمكن أن تكون جزءاً من ذلك… وكيف سيكون موقفك إذا شعر حلفاؤك الأقوياء.. وبشكل أساس راعية هذه الموجة الجديدة من النقاشات والمفاوضات أي روسيا أنه قد يكون من الأفضل ألّا تكون في منصبك هل ستتابع في هذا المسار حتى النهاية أم انك إذا وجدت أن تنحيك سيسهل الأمور من أجل مصلحة البلد.. فهل ستفعل ذلك أيضاً؟
ـ إن وجودي أو عدم وجودي في هذا المنصب.. كرئيس.. ينبغي تحديده واتخاذ قرار بشأنه من قبل الشعب السوري وعبر صناديق الاقتراع. لا أحد آخر سواء كان صديقاً أم خصماً أم أي أحد آخر يمكن أن يكون له كلمة في تلك القضية إذا أراد الشعب السوري أن تبقى رئيساً.. ينبغي أن تبقى. إذا لم يردك الشعب السوري.. فعليك أن ترحل مباشرة.. بمؤتمر أو من دونه. هذا بديهي ولا نناقشه.. وقد قلت ذلك مرات عديدة. ولذلك.. لا ينبغي لأحد أن يقول ذلك.. كما ان روسيا لم تحاول أبداً التدخل في الشؤون السورية. هناك احترام متبادل بين سورية وروسيا ولم تحاول أبدا إقحام نفسها في تلك التفاصيل السورية. وحدها الإدارة الأميركية.. وحلفاؤها في أوروبا.. وبعض دماها في العالم العربي تكرّر هذه الكلمات فيما إذا كان على الرئيس أن يرحل.. وما ينبغي على الشعب السوري أن يفعله ونوعية الحكومة التي ينبغي أن تكون له. هذه المجموعة وحدها التي تتدخل في شؤون بلد ذي سيادة.
أعلم أنك قلت إن هناك انتخابات على الأقل عام 2014 وإنك سترشح نفسك لتلك الانتخابات وسترى ما يقرره الشعب معك أو ضدك. هل يمكن لهذه الانتخابات أن تجرى في هذا المناخ؟
ـ عليك أن تختبر مزاج الناس.. وإرادة ورغبة الشعب في ذلك الحين لمعرفة ما إذا كان ينبغي الترشح للرئاسة أم لا. إذا وجدت أن المناخ غير إيجابي.. لا تترشح. وبالتالي فمن المبكر جداً التحدث في هذا الموضوع لأن هناك شيئاً جديداً كل يوم. يمكنني اتخاذ القرار قبل الانتخابات.
سيادة الرئيس طبقاً لنيويورك تايمز فإن الرئيس أوباما قال إن الهدف الأكبر في ما يتعلق بسورية هو منع استعمال الأسلحة الكيماوية وانتشارها عالمياً. هل تعتقد أن هذه فرصة لإعادة صياغة العلاقات السورية مع الولايات المتحدة؟
ـ هذا يعتمد على مصداقية الإدارة أي إدارة ويعتمد على الإدارة الأميركية.
لكنك لا تقول إن رئيسنا لا يتمتع بالمصداقية أنا أسألك أنت إذا كانت هذه فرصة بالنسبة لك لإعادة صياغة العلاقات مع الولايات المتحدة؟
ـ كما قلت إن العلاقات تعتمد على مصداقية الإدارة نحن لم ننظر إلى الولايات المتحدة أبدا كعدو.. ولم ننظر للشعب الأميركي أبداً كعدو. نحن نريد دائما أن تكون علاقاتنا جيدة مع أي بلد في العالم وفي المقدمة الولايات المتحدة لأنها دولة عظمى هذا طبيعي وبديهي لكن هذا لا يعني أن علينا المضي في الاتجاه الذي تحدده لنا الولايات المتحدة. نحن لنا مصالحنا.. ولنا حضارتنا.. ولنا إرادتنا. عليهم أن يقبلوا وأن يحترموا ذلك. ليس لدينا مشكلة عندما يكون هناك احترام متبادل. نحن نريد أن يكون بيننا علاقات جيدة بالطبع.
دعني أسألك عن بعض التفاصيل في ما يتعلق بخطواتكم نحو المستقبل.. هل تسعون لوضع دستور في سورية يضمن حرية الشعب السوري… هل ستعملون فعلاً لتحقيق ذلك؟
ـ دستورنا اليوم يضمن مزيداً من الحريات.. لكن ذلك يعتمد على ماهية هذه الحرية. هذا ما يمكن للأحزاب السورية أن تناقشه على الطاولة إنه ليس دستور الرئيس.. وليس رؤيتي ولا مشروعي. بل ينبغي أن يكون هذا مشروعاً وطنياً. وبالتالي يجب أن يحدّد السوريون تماماً ما يريدونه وعلي أن أقبل بذلك.
ما رأيك.. على سبيل المثال.. بالانتخابات الحرة؟
ـ بالطبع دستورنا ينص على إجراء انتخابات حرة.. سنجري انتخابات حرة العام المقبل.. في أيار 2014.
هل يمكن لشخص آخر أن يصبح رئيساً لسورية؟
ـ بالطبع.. أي شخص يرغب بذلك يمكن أن يكون رئيساً.
إذن.. لست الشخص الوحيد الذي يمكن أن يكون الرئيس؟
ـ لا.. لن أكون الشخص الوحيد.
إذن.. تعتقد أنه يمكن لسورية أن تمر بمرحلة انتقالية سلمية من دون أن تكون موجوداً في السلطة… هل هذا ممكن؟
ـ ماذا تعني بالعملية الانتقالية.. أي انتقال…
انتقال نحو تسوية الصراع وإنهاء الحرب هل هذا ممكن من دون وجودك في السلطة؟
ـ إذا كان الشعب السوري لا يريد أن أكون في المرحلة الانتقالية أو الدائمة أو الطبيعية أو أي وضع كان.. فهذا يعني أنه سيحدث بطريقة سلمية. وأي شيء لا يريده الشعب لا يمكن أن يكون سلمياً.
دعنا ننظر إلى المستقبل بعد خمس سنوات كيف ستبدو سورية حينها؟
ـ لدينا العديد من التحديات إذا انتهينا من هذا الصراع.. وسيكون التحدي على المدى القصير التخلص من الإرهابيين كما قلت.. لكن الأمر الأكثر أهمية هو إيديولوجية هؤلاء. لا شك لدينا أن وجود إرهابيين من جميع أنحاء العالم.. إرهابيين متطرفين.. ترك الكثير من الآثار الجانبية في قلوب وعقول الشباب على الأقل. ماذا تتوقع من طفل حاول قطع رأس أحدهم بيده… ماذا تتوقع من أطفال يشاهدون قطع الرؤوس وشيها ومشاهدة أكلة لحوم البشر في سورية على شاشات التلفزيون وعلى الانترنت… أنا متأكد أن لهذا الكثير من الآثار النفسية والجانبية والآثار السيئة في المجتمع. ولذلك علينا إعادة تأهيل هذا الجيل كي يكون منفتحاً مرة أخرى كما كانت سورية دائماً. أنا أتحدث بالطبع عن بؤر محلية ستكون.. إذا تركناها.. شبيهة بالأثر الذي يُحدثه رمي حجر في بركة ماء حيث تتوسع لتشمل المجتمع كله.. هذا أولاً ثانياً.. علينا أن نعيد بناء بنيتنا التحتية التي تمّ تدميرها.. وإعادة بناء الاقتصاد.. وكما قلت أن نبني نظاماً سياسياً جديداً يناسب الشعب السوري ونظاماً اقتصادياً.. وجميع القضايا الفرعية النابعة من العناوين الرئيسة.
كمراسل.. أريد أن أخبرك بما أراه وأنا أتجول في أنحاء بلدكم. لقد رأيت هذه الأزمة خلال تطورها. الآن.. عندما تنظر إلى بلادك وترى أن 60 أو 70 في المئة من أراضيك خارج سيطرتك.. وربما 40 في المئة من سكان البلاد خارج سيطرتك.. مع وجود 6 ملايين مهجر.. أي ان ثلث سكان البلاد قد هجّروا. إضافة إلى عدد القتلى والجرحى. هل ترى مجالاً للعودة… هل تستطيع أن ترى أي طريقة يعود بها الشعب بمجمله ليقف وراءك… هل تستطيع أن ترى أي شيء في هذه اللحظة يعوّض عن العامين ونصف العام من الرعب ومن الحرب الدامية والساحقة التي تعرض لها هذا البلد؟
ـ اليوم.. وبعد أن عرف غالبية الشعب السوري معنى الإرهاب وأنا أتحدث عن بلد كان أحد أكثر بلدان العالم أماناً.. حيث كانت سورية تحتل المرتبة الرابعة عالمياً من حيث الأمان وبعد أن عانوا مباشرة من الإرهاب والتطرف.. فإن هؤلاء الناس يدعمون الحكومة. إذن.. هم خلف الحكومة. لا يهم إذا كانوا خلفي أم لا. الأمر الأهم هو أن تكون غالبية الشعب وراء المؤسسات. في ما يتعلق بالنسب التي ذكرتها.. فهي ليست صحيحة بالطبع. على أي حال.. فإن الجيش والشرطة لا يوجدون في كل مكان من سورية.. والمشكلة ليست في أن هناك حرباً بين بلدين أو جيشين بحيث تقول إني سيطرت على أراض معينة أو حررت أراضي معينة وما إلى ذلك. الأمر يتعلق بتسلل الإرهابيين. حتى لو تخلصنا منهم في منطقة معينة.. فإنهم سينتقلون إلى منطقة أخرى من أجل التدمير والقتل وفعل ما يفعلونه عادة. المشكلة الآن هي في تسلل أولئك الإرهابيين إلى سورية. والمشكلة الأخطر التي نواجهها هي إيديولوجيتهم.. وهذا أهم من نسبة المناطق التي نسيطر عليها نحن أو التي يسيطرون عليها هم. في المحصلة فإن أعداداً كبيرة منهم أجانب وغير سوريين وسيغادرون يوماً ما أو سيقتلون داخل سورية.. لكن إيديولوجيتهم ستظل مصدر القلق الأكبر لسورية والبلدان المجاورة. وينبغي أن يكون هذا مصدر قلق لأي بلد في العالم.. بما في ذلك الولايات المتحدة.
سيادة الرئيس شكرا لك لمنحنا هذه المقابلة.
ـ شكرا لكم لقدومكم إلى سورية.
المصدر: صحيفة البناء اللبنانية