المعسكر الغربي بين تصعيد عاجز وتوافق حتمي مع روسيا
صحيفة الوطن السورية-
تحسين الحلبي:
بدأت التساؤلات والمخاوف من وقوع حرب عالمية ثالثة أو حرب نووية بين المعسكر الروسي الصيني والمعسكر الأميركي- الغربي، يزداد ظهورها في العديد من مراكز الأبحاث العالمية وبعض الصحف واستطلاعات الرأي، وفي الخامس من شهر نيسان الجاري نشر الموقع الإلكتروني لقناة «سي إن بي سي» تحليلاً حول هذا الموضوع تضمن نتائج لاستطلاع رأي أجرته «الجمعية السايكولوجية الأميركية – APA» بعنوان «70 بالمئة من الأميركيين تقريبا قلقون من احتمال وقوع حرب عالمية ثالثة أو نووية»، وكان أمين عام الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش قد أعلن في 14 آذار الماضي أن «إمكانية وقوع نزاع نووي تعود الآن إلى عالم الاحتمال بعد أن كان من غير المحتمل التفكير بها في السابق».
ويضيف التحليل الذي أعدته شارلوت مارابيتو بأن رجال الأبحاث يقدرون وجود 12700 رأس نووي في أقصى الحالات موزعين على تسع دول من بينها روسيا والولايات المتحدة اللتان تحتفظان بمعظم هذا العدد.
ومع ذلك يرى عدد من رجال الأبحاث والمسؤولين الرسميين في حكومات العالم أن «وقوع حرب نووية بسبب ما يجري بين روسيا وأوكرانيا غير محتمل» وهذا ما أكدته الناطقة باسم البيت الأبيض جين بساكي في 28 شباط الماضي.
لكن هناك باحثون آخرون ومن بينهم أليخاندرا موزون المسؤولة في «منظمة السلام الهولندية» يعتقدون أن «استمرار وجود هذه الأسلحة النووية عند هذه الدول سيؤدي دوما إلى احتمال استخدامها عمليا» وهناك من يلجأ إلى الافتراض النظري باستخدامها للتحذير من نتائجها الأشد تدميراً لكل البشرية، لأن استخدامها بهذا الشكل الواسع لن يحمل الدمار الشامل للدول التي ستصيبها بل أن مضاعفات نتائجها ستفرض ثمناً باهظاً على بقية دول العالم والبشرية جمعاء.
ومع انعدام أي احتمال لاستخدام الأسلحة النووية سينتقل العالم أثناء تطورات الصراع المتصاعدة بين معسكرين متناقضين، إلى حالة الحرب الباردة التي ستكون أشد ضراوة من الحرب الباردة السابقة ويبدو أن استمرار تصعيد العقوبات الأميركية والغربية الجاري في هذه الأوقات سيؤدي إلى انقسام حاد متفجر بين عالمين أحدهما الأميركي- الغربي وحلفاؤه والآخر الروسي – الصيني وحلفاؤه.
وفي ظل واقع كهذا من سيضمن عدم وقوع حروب إقليمية في مناطق مختلفة تشعل واشنطن نيرانها بين دول عديدة لتوسيع سيطرة معسكرها ومحاصرة المعسكر المناهض لها؟ ويبدو أن الدول الأوروبية الرئيسة بدأت تفكر منذ هذه اللحظة بتأمين حاجاتها من الطاقة من مصادر غير روسية بل من مصادر طاقة لا تعتمد فيها على البترول والغاز وهذا ما يدل على أن أي مساع دبلوماسية للحل بين روسيا وأوكرانيا هي مجرد نشاط دبلوماسي تكتيكي بانتظار زيادة التصعيد ضد روسيا في الزمن الذي تختاره الدول التي تقف ضد روسيا.
وعلى المستوى العالمي ستفرز هذه المواجهة في خضم مختلف أشكالها بين الغرب وروسيا نسبة مصالح قومية خاصة لعدد من الدول تتناقض مع المصلحة الشاملة الغربية في داخل القارة الأوروبية وفي منطقة الشرق الأوسط وستجد الصين نفسها في أغلب الاحتمالات القوة الاحتياطية الحليفة لروسيا عند تطورات هذه المواجهة بل القوة الحليفة لعدد من الدول الإقليمية إلى أن يتحقق توازن في ميزان القوى العالمية يجبر الغرب والولايات المتحدة على الاتفاق على نظام عالمي جديد ومن الواضح أن كل ما يجري الآن من تطورات لن ينتهي إلى هزيمة حاسمة لهذا المعسكر أو ذاك بقدر ما سوف يؤدي إلى التغلب على المعسكر الغربي بالنقاط وهي النتيجة التي يمكن استخلاصها من المقدمات الجارية حتى الآن ومن تمسك روسيا بأهدافها الإستراتيجية ومحافظتها على تعزيز تحالفاتها.