المعذبون يلتقطون "سيلفي" مع صيدهم الخطير
أعلنت وزارة الداخلية البحرينية في 28 أبريل/ نيسان 2015، أنها قبضت على 28 بحرينياً اتهمتهم بالتورط في عمليات إرهابية. بين هؤلاء طفل لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره. إنه الطفل أحمد العرب. هددوا والدته يوم اعتقاله أنها لن تراه بعد الآن وبأن مصيره سيكون مشابها لمصير خاله علي هارون.
وافاد موقع “مرآة البحرين” انه قبل يوم من موعد زيارته الأولى المقررة في 4 مايو/ آيار 2015، وصلت شهادة من أحد المعتقلين المفرج عنهم بأن الطفل أحمد العرب عُذب في سجن جو تعذيبا صم آذان المعتقلين. صوت “الهوز” الذي كان يجلد به جسده الضئيل أبكى المعتقلين. وجهه ” المشخّط بـ” الهوز” عكس وحشية الجلادين الذين يستمتعون برسم أخاديد سياطهم على الأجساد البضّة.
لم يكن ما قيل عن تعذيب أحمد مبالغ فيه، فعندما زارته عائلته أدهشها ما رأت على طفلها الصغير. تغير شكله تمامًا، لم تكد والدته تتعرف عليه، احترقت بشرته البيضاء وتسلّخ جسده من قوة الشمس الحارقة، بان الضعف والهزال على جسده الصغير، أنفه المكسور غيّر ملامح وجهه الجميل، لم يبق فيه سوى ابتسامته البريئة. بقى واقفاً أثناء الزيارة، وعندما ألحت عليه عائلته بالجلوس أخبرهم أنه لا يقدر على الجلوس من شدّة الوجع في أجزاء جسده، حاول الجلوس بعد جهد جهيد من أجل عائلته.
منذ الساعات الأولى لاعتقال أحمد، أظهر الجلادون احتفاءً استثنائياً ونشوة من انتصر على مجرم خطير أو حقق فتحاً تاريخياً عظيماً. اخذوه إلى «مركز الخيّالة» في شارع البديع ليحتفلوا باعتقاله، تناوب المعذبون على جسده الصغير مرددين “أخيرًا صدناك”. وكمن يوثق لحظة فتح تاريخية نادرة، التقط بعضهم صورة “سيلفي” مع أحمد وهو خائر القوى. رفعوا هواتفهم كمن يرفع كأسه نشواناً بالنصر. بعد أن شبع الجميع من تفريغ أمراضهم على جسد أحمد، نقلوه إلى مبنى التحقيقات.
عشرة أيام قضاها أحمد في مبنى التحقيقات ذاق فيها صنوفاً من التعذيب الشرس. صمّدت عيناه طوال الفترة التي قضاها هناك، صعق بالكهرباء في كامل أجزاء جسده بما في ذلك المناطق الحساسة. تضررت “خصيتاه” وصار يتبول دمًا. قاموا بتعليقه فتضرر ظهره. كما قاموا بصفعه على وجهه فتأثرت أذناه وانكسر أنفه. ركل بالهراوات و”الهوز” على وجهه وجسمه طيلة فترة وجوده هناك.
بعد نشر الصحف الرسمية لبيان الداخلية الذي شهّر بصورة أحمد مع عدد من الـ28 المتهمين بالتورط في عمليات إرهابية، عمد جلادو التحقيقات إلى إحضار الصحف وقالوا له: “انظر إلى صورتك في الجريدة” قبل أن ينهالوا عليه بالضرب. ثم عرضوا عليه تغريدات والدته والتغريدات المطالبة بالكشف عن مصيره والفعاليات التي أقيمت تضامناً معه، وقاموا بضربه: ” لماذا أنت مشهور، ولماذا الجميع يكتب عنك؟” لم يتركوه إلا فاقداً للوعي.
نقل أحمد إلى سجن جو مقيداً بالسلاسل مع اثنين من مجموعة الـ28 هما حسين راشد وأحمد معتوق. كانت المرة الأولى التي يشاهدهم فيها. عندما وصل سجن جو قال له الضابط هناك: “نحن ننتظر قدوم أحمد العرب، اسمك وصلنا منذ مدة طويلة لكن لم نتوقع أن نرى طفلا”.
تم وضع أحمد في الخيام التي ما زال المعتقلون يقبعون فيها منذ أحداث 10 مارس الماضي. هناك لا شيء ينتظرهم سوى الشمس والحر بعد ارتفاع درجة الحرارة ودخول فصل الصيف اللاهب. قوات الدرك الأردني المتحكمة في سجن جو تعمد إلى إخراج المعتقلين منذ ساعات الفجر الأولى وحتى المساء. تتركهم يجلسون فوق الأسفلت الذي يأكل أجسادهم، والشمس اللاهبة التي تحرق جلودهم. وهكذا احترق جلد أحمد.