“المعادلة البرتقالية”: عون رئيساً أو.. لا انتخابات!
صحيفة السفير اللبنانية –
عماد مرمل:
يخوض العماد ميشال عون معركة رئاسة الجمهورية، بهدوء وصلابة في آن واحد.
يدرك الجنرال أن خوض هذا النوع من الاستحقاقات السياسية يتطلب أعصاباً باردة وإدارة دقيقة، لكنه في الوقت ذاته لا يبدو بصدد المهادنة في كل ما يتصل بجوهر الموضوع، وهو حقه في الوصول الى الرئاسة.
ولأن خيوط الاستحقاق الرئاسي متشابكة ومتداخلة، والممسكون بها متعددو الجنسيات والمصالح، فإن الجنرال يتصرف على أساس أن هذه المعركة “مركبة”، والفوز فيها يتحقق بالنقاط وليس بالضربة القاضية.
ولذلك، يحاول عون تجميع ما أمكن من الأوراق الرابحة، محاولاً المواءمة بين ثوابته وبين متطلبات الانفتاح على الناخبين الكبار، محلياً وخارجياً. إلا أن واقعيته في مقاربة قواعد اللعبة الانتخابية تتوقف عند حد إصراره على أن يأخذ فرصته كاملة في خوض هذا الاختبار الرئاسي، حتى النهاية، من دون أي مساومة أو تسوية.
ويؤكد العارفون بما يدور في كواليس الرابية، أن عون لن يتراجع هذه المرة عن “حقه البديهي” في بلوغ المركز الأول في الجمهورية، مهما كلف الأمر، بل إن بعض المقربين منه يجزمون بأن هناك “معادلة برتقالية” ضمنية تتحكم بمصير الاستحقاق ومساره، وقوامها الآتي: إما أن يكون عون رئيساً وإما لا انتخابات، ونقطة على السطر.
ووفق المطلعين على مناخات الرابية، يعتبر عون أن انتخابه رئيساً للجمهورية هو حق مبدئي، لا يملك أصلاً حرية التفريط به، لأنه مرتبط بضرورات التوازن الوطني، ومتصل بوجدان أكثرية مسيحية ترى في رئيس “التيار الوطني الحر” الممثل الشرعي لطموحاتها وتطلعاتها، وبالتالي لا يستطيع الجنرال أن يساوم على هذه “الأمانة” أو “الوكالة”، ولا يجوز له أن يتصرف بها استناداً الى مزاج شخصي، خصوصاً أن تجربة القبول بالتسويات، كما حصل عند انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجهورية، لم تكن مشجعة بتاتاً، ولا مبرر لتكرارها.
وإذا كان عون قد قبل في المرة الماضية انتخاب شخصية توافقية على حساب حجمه التمثيلي ومشروعيته الرئاسية، كما يرى المحيطون به، فهو الآن ليس بوارد إعادة الكرّة، منطلقاً من أن التنازلات التي قدمها في الماضي لم تؤد الى المرتجى منها، لا سيما لجهة تصحيح الخلل في الشراكة والتوازن على مستوى السلطة.
أكثر من ذلك، يشعر الجنرال أنه خُدع عندما جرى إقناعه بأن يكون “صانع الرئيس” بدل الرئيس، على أن يتعزز في المقابل الدور المسيحي في الحكم، وهو الأمر الذي لم يتم عملياً حتى عندما حصل “تكتل التغيير والإصلاح” على عشرة مقاعد وزارية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بعدما جرى تكبيل حصة عون وتعطيل جانب كبير من مفعولها.
ويؤكد العارفون بحسابات الجنرال أنه لن يقبل بإعادة استنساخ نظرية “الرئيس البديل” الذي يأتي بدلاً عن ضائع، بل إن عون لن يتنازل حتى لشخصية أخرى في “التيار الوطني الحر”، ليس من منطلق الشغف بالسلطة، وإنما على قاعدة أن الثقة الممنوحة له من القاعدة الشعبية المسيحية وممثليها في “تكتل التغيير والإصلاح” لا تُجيَّر لأحد سواه، وهي مُنحت له شخصياً، بحيث لا يستطيع هو نفسه التصرف بها وتجييرها لغيره.
ويجزم المتحمسون لعون أنه لن ينسحب من المعركة الرئاسية مهما كانت الضغوط التي قد يتعرض لها، وأياً كانت مصادرها المحتملة، لافتين الانتباه الى أنه لن يخرج من هذه المعركة إلا رابحاً بشرف أو خاسراً بشرف، أما التراجع في منتصف الطريق تحت شعار تسهيل التسوية فليس وارداً، ولو تأجلت الانتخابات ووقع الفراغ.
ويبدو جلياً أن عون، الذي اكتسح الانتخابات النيابية عام 2005 بنيله 70% من أصوات المسيحيين، وحاز على تمثيل واسع في الحكومة السابقة بحصوله على عشرة وزراء، من دون ان يتمكن في الحالتين من تحقيق ما يتطلع اليه، بات مقتنعاً أن وصوله الى رئاسة الجمهورية هو ممر إلزامي لإعادة بناء السلطة على أسس إصلاحية، مفترضاً أن قوة تمثيله الشعبي وتكتله النيابي تساعد في تعويض نقص الصلاحيات الدستورية.
والمهم في حسابات عون، أن يقف حلفاؤه في “8 آذار” إلى جانبه حتى النهاية، وأن لا يتنازلوا عنه في لحظة الحقيقة، وبعد ذلك هو يتكفل بالباقي.