المرأة في فكر الإمام الخميني
موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا*:
يَعلم المنصف، ان الإمام الخميني ارتقى في مستوى خطابه للمرأة ورفعها إلى أعلى مصاف الإنسانية… وقدَّمها في رتبة الصالحين والقادة السياسيين الذين خططوا طوال العقود وما زالوا لمستقبل الأمم والشعوب وإدارة مصالحها… ونزَّهها وكرَّمها أفضل التكريم، وأعانها وحذرها بأسلوبه البليغ الذي صاغت حروفه عمق شخصيته وبُعد معرفته المتأصلة والمتجذرة، ونهاها عن الانحراف والاستماع إلى الدسائس والمؤامرات، التي يحوكها أعداء الإنسانية لطمس المكانة الراقية للمرأة من أجل إبعادها عن دورها الرئيسي في الحياة وعن ساحة القدسية، وحصرها في قمقم خدمة رأس المال الجشع والتجارة.
وبرغم فكر الامام الخميني التقدمي تجاه المرأة، إلا أن التاريخ لم ينصف الامام. وبرغم من ان الخميني أبدع في الفكر والعقيدة الاسلامية وفي مجالات اخرى كثيرة، إلا أنه جعل للمرأة مكانة خاصة في تعاليمه التي تتصل بالمجتمع الاسلامي المعاصر ودورها ومستقبلها، لكن معاهد الاستشراق ودراسات “الشرق الاوسط” ابتعدت عما قدّمه الخميني للبشرية من افكار تحظى بالكثير من الاحترام والتقدير في العالمين العربي والاسلامي ولدى الانسانية المنصفة. ولعل تجاهل فكر الامام تجاه المرأة سيّما في الغرب السياسي، يعود الى رغبة بتحجيم مكانة ايران الجديدة في العالم، والتعتيم على النجاحات التي تحققها في علوم الاجتماع والأنسنة، والعلاقات الدولية، والعلوم عامة ومنها البيولوجيا والكيمياء والطب.
في فكر الإمام الخميني، الذي أحيت إيران الاسلامية مؤخراً الذكرى ال26 لرحيله، عرض لإنسانية المرأة، طاقاتها التي لا تنضب، ومطالبه بضرورة تفجير إنسانيتها المدفونة، وتفعيل طاقاتها التي وأدتها الجاهلية فكراً وأخلاقاً وممارسةً، لتعود المرأة قلب المجتمع النابض بالكمال، وهو دورها الطبيعي الذي أراده الله تعالى لها ومكّنها فيه .
لكن، كيف ينظر الإمام الخميني إلى المرأة؟ وما هو دورها الذي رآه لها في المجتمع؟
لعل ابنة الخميني زهراء مصطفى روح الله الموسوي الخميني، هي أحق مَن يتحدث عن المرأة في فكرالامام، أبيها، فهي تقول الكثير الذي لا يعرفه ملايين الناس. ففي أحدى المقابلات الصحفية معها، لفت انتباهي ما قالته إبنة الامام الخميني رحمه الله، عن أن من حق المرأة أن تكون رئيسة جمهورية، وترفض زواج المتعة. زهراء – كما تقول المراجع المتاحة عنها – هي أستاذة جامعية تحمل درجة الدكتوراة في الفلسفة والمنطق وعلم الكلام، وتعمل في التدريس بجامعة طهران، كما ترأس إحدى الجمعيات النسائية الإيرانية، وهي زوجة لسفير إيراني سابق ويعمل أو عمل رئيسًا لقسم حوار الحضارات، لذا، تتحدث إبنة زعيم ايران الاسلامية الاول ومؤسس ايران الحديثة بثقة وعِلم عن أبيها وفكره، وهي تسير عليه وتسترشد به..
تقول زهراء، “أبي لم يكن له سوى زوجة واحدة.. لم يتزوج زواج متعة أبدأ ولم يتزوج بغير زوجته الأولى قط.. وأيضا أولاده (أخواي) أحمد ومصطفى، فعلاَ كما فعل الوالد.. لقد كان الإمام رحمة الله يتعفّف عن هذه المسائل.. لقد كان على مستوى فكري واجتهادي رفيع”. وتستطرد: بعض العلماء عندنا كانوا يقولون بتحريم الموسيقى بينما قال والدي بأنها حلال.. وللمرأة حضور في شتى المجالات في الجامعات كأستاذة وعالمة، وفي السياسة في البرلمان، وكمستشارة لرئيس الجمهورية، وفي الإسلام عمومًا لا فرق بين الرجل والمرأة في المشاركة في خدمة المجتمع، ولقد تحققت للمرأة في سنوات الثورة نهضة كبيرة، وتلاحظ زهراء: لقد كانت المرأة على عهد الشاه مجرد أنثى، حضورها كان لا يتعدى النوادي وأماكن اللهو والترفيه، أما الآن فهي حاضرة في التعليم والسياسة والاقتصاد وكل ما هو مفيد للمجتمع، وإيران تجربة إنسانية.. تحتمل النقد.. والتقويم”.
الامام الخميني رحمه الله نجح في ثورته على الظلم والاستبداد بدعم المرأة ايضاً، لذا أفرد لها مكانة خاصة في فكره، ويومياته، ولم ينس المرأة في كل نقلات حياته السياسية والدينية، بل اعتنى بها، ورفع من شأنها، كي يرفع الظلم الذي لحق بها ولينتشلها من جديد، فبيّن ما لها من حقوق وعليها من واجبات، وهو إذ يتحدث عن النساء- الزوجة، الأم، المرأة، المربية، العاملة الخ بيّن خطورة أدوارهنَّ، والمهام العظيمة التي أولاهن اللّه تعالى إياها لهن، إذا نفّذن وصاياه على أكمل وجه..
• كاتبة روسية أردنية ورئيسة تحرير سابقاً.