المجتمع الدولي والنفاق تحت شعار الإنسانية
جريدة البناء اللبنانية-
جمال محسن العفلق:
ابتلى العالم بطبقة سياسية وصلت بشكل ما الى الحكم وأصبحت تحكم أحزاباً ولديها كتل برلمانية، ويُقال انّ لديها مواقف سياسية، والفضل بذلك يعود للإعلام الذي لمّع تلك الشخصيات وأقنع المشاهد بأنّ هؤلاء يمثلون ضمير الإنسانية وهم النخبة المختارة لتقود العالم.
هذه النماذج التي تمثل اليوم الشرّ المطلق وقمة القمة بانعدام الإنسانية وكلّ ما تطلقه من شعارات تتحدث عن الإنسانية والعدالة ليس إلا نفاقاً وعناوين فارغة في زمن يشاهد العالم بأسره أبرياء يُقتلون بغارات جوية وقصف دموي لا يختلف عن أفعال الصهيونية في فلسطين المحتلة، ولا عن تلك الصور المحفوظة في الذاكرة إبان قصف العدوان الأميركي البريطاني على العراق. نعم يا ساده إنها الشعارات الكاذبة التي يدّعون أنها القيَم الإنسانية، فهذا الصراع يثبت أننا أمام قوى الشر المطلق في العالم.
استطاعت قوى الشر هذه زرع أذرع لها في عالمنا العربي، تلك الأذرع المدرّبة على القتل والنفاق من خلال حركات أصولية أشدّ فتكاً بالإنسانية من الحركة الصهيونية، فمنذ إعلان وعد بلفور المشؤوم وتلك الدويلات والحركات الأصولية تزرع سكينها في ظهر هذه الأمة، وبقيت تلك الحركات والدويلات تعلن عكس ما تبطن، فبعد عدوان تموز سُرّب الى العالم تلك الاتصالات بين الكيان الصهيوني وتلك الدويلات والتي طلبت حينها من الكيان تدمير لبنان وانتزاع سلاح المقاومة، وقبل ذلك كان الدعم الغير محدود للعدوان الأميركي البريطاني على العراق والطائرات التي كانت تتزوّد بالنفط العربي لقتل أهل العراق. ومن ثم دعم الحركات الإرهابية لتدمير سورية وقتل شعبها فكانت التفجيرات وعمليات قطع الرؤوس وأكل الأكباد وكلّ العالم ملتزم الصمت ومتجاهل لكلّ تلك الجرائم، وتجاهل كلّ هؤلاء جرائم داعش في العراق عندما ذبح أبناء العراق على ضفاف دجله وتمّ تصوير تلك المجزرة بدم بارد.
اليوم تكشف تلك الأنظمة السياسية ومعها مجموعات المرتزقة مما يسمّى سياسيين ورؤساء أحزاب عن وجوههم الحقيقية أمام تلك المجازر الدموية بحق اليمن وشعبه، مجازر لا يمكن وصفها إلا بجرائم حرب مع سابق التصميم الهدف منها إبادة اهل اليمن وقتل كل حي في اليمن. وكيف لا وقد سارع كلّ ذيول الصهيونية لإدانة الضربات لمواقع محدّدة في أبو ظبي وكان بإمكان المقاومة اليمينية قصف كلّ أبو ظبي ولكنها اختارت مواقع بعيدة عن المدنيين في رسالة واضحة عنوانها كفوا أيديكم عن شعب اليمن فأنبرت كلّ الألسن مندّدة ومتباكية على عملية محدودة حتى مجلس الأمن انصاع لتلك الإدانة، وكلّ العالم نسي انّ اليمن تحت الحصار والقصف منذ أكثر من ست سنوات ولم يشاهد هذا العالم أطفال اليمن الجياع ولا المستشفيات المدمرة ولم يشاهد الضمير الإنساني أنّ اليمن محاصر وممنوع عنه الغذاء والدواء ولم يشاهد من أدان قصف أبو ظبي حقيقة ما يحدث في اليمن، فهل يتذكر الإنسان العربي – قانا 1 وقانا 2 ومجزرة ملجأ العامرية في بغداد ومذبحة العاصي في سورية واليوم صنعاء وعدن وشبوة ومأرب لا تختلف عن تلك المجازر ولا تختلف الوسيلة ولا اليد…
اليوم قوى الشر تسيطر على وسائل التواصل الاجتماعي وإذا ما نشرنا تضامن إنساني مع أطفال اليمن تغلق حساباتنا ونتلقى تحذير يقول انّ هذا المنشور يخالف المشاعر الإنسانية لمجتمع وسائل التواصل!
فأين نحن اليوم؟
من البديهي ان نعلن صرختنا في وجه هذا الظلم وان يتكاتف أحرار العالم وشرفاء الإنسانية لتسجيل موقف مشرف ومن المعيب أن لا تخرج المظاهرات في كلّ العواصم العربية والعالمية تدين بصوت واحد جرائم تحالف العدوان على اليمن وشعبة المظلوم، ففضح جرائم تحالف العدوان هو اليوم واجب على كلّ حر وكلّ من يدّعي الإنسانية في هذا العالم ولسنا بحاجة لموقف من مجلس الذئاب الدولي ولا من منظمات تمّ تكميمها بالدولار ولا أحزاب ونواب يدّعون حرصهم على الإنسان وفي نفس الوقت يصفقون او يلتزمون الصمت أمام تلك المجازر لأنّ سفير السعودية وضع الأموال في حساباتهم المصرفية. أنّ الإنسانية اليوم مهدّدة وروح الإنسان أصبحت على مذبح الإرهاب إذا لم يتمّ وقف شلال الدم هذا.
فمن يبيع موقفه يبيع روحه وهذا اليوم ما يحدث في عالمنا العربي فهذه الحرب العبثية هي من تخطيط وترتيب الحركة الصهيونية ويعلم تجار السلاح في واشنطن حجم وكمية السلاح الذي بيع لتحالف العدوان في سبيل أحكام الطوق على الدول العربية والإمساك بالممرات البحرية وجعلها جميعا تحت إدارة الشركات الصهيونية ولن يغفر التاريخ هذا الصمت المريب عن هذه الجرائم فدول التطبيع مع الصهيونية تمثل اليوم أسوأ أنواع الانحطاط الأخلاقي والإنساني ففي اليمن قتل وفي لبنان حصار اقتصادي وسياسي وفي سورية دعم للجماعات الإرهابية، واذا كانت تلك الدول تعتقد أنها قادره على انتزاع الكرامة من صدور المقاومين فهي بالتأكيد تعيش الوهم وسوف تنتهي مهمتها ويتخذ القرار بتصفيتها كدويلات مارقة.