الليرة اللبنانية إلى أين؟
موقع العهد الإخباري-
د. زكريا حمودان:
تكثر الأقاويل عن واقع الليرة اللبنانية وندخل أحيانًا عالم التكهنات فيما خص قيمتها مقارنة بالدولار. جميع هذه التكهنات لا تعطي نتيجة حقيقية للواقع المالي المتخبط على مختلف المستويات والذي يصعب تجاهله.
اللاعبون في السوق
لا يخلو السوق من اللاعبين بتحريك قيمة الليرة صعودًا ونزولًا من خلال أدوات متعددة منها العرض والطلب ولكن خارج الاطار العلمي، مما يعني أنه عرض وطلب وهمي أو للمضاربة الغير شرعية. كما يوجد دور لما يسمى تدخل حاكم مصرف لبنان في السوق السوداء، وهذا الأمر يعني بأننا أمام أزمة مفهوم مالي حقيقي للواقع الذي نعيشه بحسب وجهة نظر حاكم مصرف لبنان، من جهة، وأزمة تشريع لما هو غير شرعي، أي ما يسمى السوق السوداء عبر الاعتراف الضمني بها من خلال التدخل للجمها.
مالية الدولة العامة
تعيش مالية الدولة حالة من التخبط بالتوازي مع سوء إدارة أو سوء فهم لحقيقة الواقع المالي. ففي بعض المواقف نستشعر خطر وجود أزمة لدى بعض المسؤولين في تحديد واقع الأزمة المالية والحلول المقترحة لحلها. وفي مواقف أخرى نتأكد بأن بعض المسؤولين يحاولون الضحك على اللبنانيين من خلال تقديم الأزمة على أنها آنية، بالاضافة إلى تقديم الحلول وكأنها غير قابلة للتنفيذ إلا كما هو مكتوب في إحدى الصفحات القديمة طالما تناسب طروحات الرئيس أو الوزير أو النائب أو المسؤول الفلاني.
كما لا بد والنظر إلى بدعة ما يسمى صندوق النقد الدولي وتركيز الحكومة اللبنانية وأجهزتها على مدى سنوات على تنفيذ ما يطلبه الصندوق، بالرغم من أن طريقه هي طريق للاستسلام والسير في طريق الـ”لا حل” للأزمة اللبنانية.
ودائع اللبنانيين
أما الشق المالي المهم كذلك هي ودائع اللبنانيين التي باتت عرضة للخطر بعد وضوح عملية الاحتيال في شرح الأزمة من قبل مختلف أجهزة الحكومة. فجهة تتحدث عن عدم المس بالودائع وتعتبرها مقدسة وسيتم اعادتها ضمن خطة يقول رئيس الحكومة انها موجودة. أما الجهة الاخرى فتقول بأنه سيتم المس بالودائع ولا يمكن أن يكون هناك حلول بدون تحميل المودعين جزءا من الخسائر.
الأخطر في بعض الأحيان هي تلك التسريبات التي توحي بأن حقيقة الأمر أنه لا يمكن أن يكون هناك حل في حال لم يتم المس بالودائع بنسبة عالية.
علميًا، طالما أننا لا نعلم حقيقة مالية الدولة لا يمكننا تحديد اذا ما سيتم المس بودائع اللبنانيين من عدمه، خاصة أن نسبة الهايركات التي حصلت على الوداع غير محددة ولا يمكننا بالتالي معرفة ماذا تبقى من الودائع.
ما هي نسبة تأثر الليرة في كلٍ من العناوين المذكورة أعلاه؟
يشكل سعر صرف الليرة الحالي (والذي هو بحدود الـ٤٣ الف) واقع اللعب في السوق مما يعني بأن عملية التلاعب بالسوق تخفض سعر الصرف حينًا ولكن ترفعه احيانًا، بالتالي فإنَّ تأثير اللاعبين في السوق كان سلبيًا بشكل دائم وساهم في رفع سعر الصرف بشكل تدريجي، وهو مستمر في هذه المهمة التي يقوم بها.
أما مالية الدولة العامة المتخبطة وتحديدًا بعد اقرار الموازنة الحالية، فستلعب كذلك دورًا سلبيًا تجاه الليرة وستقوم برفع سعر الصرف لانها لم تقدم خطة حقيقية منذ عدة اشهر حتى يومنا هذا.
وودائع اللبنانيين هي عبارة عن إطفائي يحاول منع دخول لبنان في الانهيار الأكبر بالرغم من أن استخدام حاكم مصرف لبنان لهذه الودائع ضمن تعميماته هو أمر غير قانوني ولكنه بات أمرًا واقعًا.
اليوم الليرة اللبنانية في خطر، وهي تتجه إلى المزيد من الانهيار ولا يوجد أي رادع لوقف هذا الدمار المالي الذي يعيشه لبنان لان الواقع الحالي يؤكد بأنه لا يوجد طروحات مالية حقيقية في المدى المنظور. وبالتالي، لا يمكن لأحد أن يحدد فعليًا الليرة اللبنانية إلى أين.