اللاجئون يتجاوزون المليون على أبواب 2014…أبو فاعور لـ”النهار”: المخيمات الحل الوحيد…روسو: سيبقون سنة أو أكثر
بعد نحو خمسة أشهر على بداية الثورة السورية في آذار 2011، وبعد تأسيس “الجيش السوري الحر” في تموز من العام نفسه لمواجهة مجازر النظام، تعسكرت الثورة وبدأت معارك لا تزال مستمرة بين مقاتلي المعارضة وجيش النظام السوري وحلفائه. الهروب كان الوسيلة الفضلى للبقاء حياً، ففاضت دول الجوار باللاجئين السوريين. تركيا والأردن اختارا الحل الأمثل باقامة مخيمات لهؤلاء، فماذا عن لبنان؟
تستقبل جمهوريتنا السعيدة سنة 2014 بأكثر من مليون لاجئ سوري. ومنذ بدء موجة النزوح وخيار “المخيمات” في بال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور الذي يقول لـ”النهار”: “مهما هربنا من الموضوع، سنكتشف عاجلاً أم آجلاً أنه الحل الوحيد”، ويتمثل باقامة مخيمات داخل الأراضي اللبنانية، فالأمم المتحدة ترفض تماماً اقامتها على الحدود السورية. “يمكن اختيار مناطق لبنانية لا تثير اي حساسيات وتكون منظمة وتحت سيطرة الأجهزة الأمنية لتفادي المخاطر الأمنية والسياسية والاجتماعية، ولو اعتمدنا الخيار منذ البداية لما وصلنا إلى الأزمة اليوم”، يضيف: “لدينا اليوم 431 مخيماً عشوائيا، وعلى رغم ذلك ما زلنا نناقش قضية المخيمات… لقد باتت أمراً واقعاً”.
أكثر من مليون لاجئ
يعتمد الجميع على أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووفق موقعها الرسمي بلغ العدد الاجمالي للاجئين السوريين في لبنان حتى كانون الأول 849340 لاجئاً. المسجلون منهم 792347، عدد الأسر 181427، أما الذين هم قيد التسجيل فبلغ عددهم 56993.
51% من اللاجئين اناث و49% ذكور، كما أن 44% من اللاجئين اعمارهم بين 18 و59، و40% منهم اعمارهم 11 سنة وما دون. يتطلب اجمالي النداء لاغاثة هؤلاء1,216,189,39 دولاراً، توافر منه842,185,589 دولاراً، والمبلغ المتبقي374,003,804 دولارات، ما يعني 69% من المبلغ المطلوب.
ووفق تقرير خصت به وزارة الشؤون الاجتماعية “النهار”، فإن عدد اللاجئين المسجل لدى الامن العام بلغ 1.065 مليون، يضاف اليه 12% من الذين يدخلون خلسة و51000 فلسطيني نازح من سوريا و41000 لبناني عائد من سوريا، مشيراً إلى أن 65% من اللاجئين موجودون في شمال لبنان ومنطقة البقاع.
تنسيقية في لبنان
للاجئين السوريين تنسيقية في لبنان، موقعها في طرابلس،تأسست مع بداية حركة اللجوء في الشهر السادس من عام 2011 ولها صفحة رسمية على “فايسبوك” بعنوان “تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان”. ووفق الأرقام المتوافرة لدى مدير المكتب الإعلامي للتنسيقية صفوان أبو داني الخطيب فهناك 225000 لاجئ في شمال لبنان، 144000 في جبل لبنان، 249000 البقاع، 18000 بيروت، 96000 جنوب لبنان. ويقول: “التنسيقية تهتم برعاية اللاجئين وايصال معاناتهم الى كل الجهات وتتواصل مع المهتمين بشؤونهم”، إلا أن الخطيب لم يخفِ أن “دور التنسيقية بدأ بالانحسار نظرا الى قلة الامكانات وتوقف الدعم”.
“سنة أو أكثر”
تتوقع المفوضية أن “يبقى اللاجئون في لبنان سنة او أكثر لأن الأزمة في سوريا لا تزال مستمرة، وتحتاج القضية إلى قرار من الحكومة اللبنانية لجهة تحديد مصير هؤلاء”، فالناطقة باسم المفوضية في لبنان روبرتا روسو تضع أمامها احتمال بقاء اللاجئين أكثر من سنة حتى لو تمت معالجة الأزمة في سوريا غداً، “لأنه لا يمكن السوريين العودة ببساطة إلى بلدهم بعدما دمرت منازلهم وفقدوا وظائفهم، ومعالجة هذه المسألة تستغرق وقتاً، وما نستطيع ان نقوم به في هذه الحال المراهنة على دعم المجتمع المحلي لدعم المجتمعات المضيفة، وفي السنة المقبلة سنرفع سقف المطالبات باتجاه الضغط على المجتمعات المضيفة لنيل المزيد من التمويل والإهتمام بشكل أكبر باللاجئين”.
وتقول روسو لـ”النهار”: “في كانون الأول من عام 2012 قدر عددهم بحوالى 175 ألف لاجئ، في حين يكاد يصل العدد في كانون الأول من 2013 إلى حوالى 850 ألف لاجئ”، وتؤكد أن “هذا العدد يشكل عبئاً على الخدمات المحلية والحكومة اللبنانية”. مهمة المفوضية في 2014، بذل الجهود لمساعدة اللاجئين عبر “إعادة تأهيل المباني المهجورة وتشييد التي لم تكتمل منها، كما تسعى للحصول على موافقة الحكومة لإنشاء مواقع عبور رسمية موقتة من شأنها إيواء آلاف العائلات السورية وتوفير الخدمات اللازمة لها”، إلا أن روسو تقول باستياء: “الحكومة لم تعطِ الضوء الأخضر للمضي في تلك المشاريع”.
مراكز الاستقبال
بالنسبة إلى أبو فاعور فإن “المجتمع اللبناني قام بأكثر مما يستطيع، والدولة قامت بجهود كبيرة كان يمكن أن تكون أكبر لجهة اتخاذ بعض القرارات الجريئة، لكن الخذلان الأكبر جاء مما يسمى المجتمع الدولي”، ويتوقع “إذا لم يحصل تغيير في سوريا سياسي أو غيره فالأزمة في لبنان إلى ازدياد واخشى ان تصبح فوق قدرة احتمالنا، فأنا لا اتحدث عن كارثة لكن عن أزمة كبيرة قد يعجز لبنان عن التعامل معها”.
ماذا عن تجربة مراكز الاستقبال الموقتة في 2013؟ يجيب أبو فاعور: “في منطقة المصنع لم يتم استخدام المركز في شكل كامل لأنه لم يكن هناك حاجة كبيرة اليه، خصوصاً بعد احتمالات توقف الضربة العسكرية، أما في عرسال، فساعد المخيمان إلى حد ما في استيعاب الصدمة الأولى لكنها لم تلغ التداعيات السلبية”. ولا جديد في شأن مساعدات الدول المانحة للبنان، وينتظر أبو فاعور المؤتمر الثاني السنة المقبلة ليطلق الصرخة.
7٫5 مليارات دولار خسائر
بالعودة إلى تقرير الوزارة، تقدر الخسائر الاقتصادية من جراء هذه القضية بـ 7.5 مليارات دولار ممتدة من الفترة ما بين 2012 و 2014، وتقدر حاجات لبنان من الدعم المباشر للمحافظة على البنية التحتية والخدماتية المتوافرة بمليارين ونصف مليار دولار الى اواخر 2014. كما تتوقع الوزارة ان يتزايد اعداد الفقراء في لبنان من جراء ازمة اللجوء بـ 170000 شخص اضافي (ممن يعيشون باقل من 4 دولارات في اليوم)، اما البطالة فستصل الى 20% مع ازدياد اعداد العاطلين من العمل بـ 324000 شخص معظمهم من الفئات الشبابية غير المتعلمة.
155 ألف طفل في خطر
يتمثل الأثر الاجتماعي للجوء، بتفشي ظاهرة الدعارة على نحو مخيف في مختلف المناطق اللبنانية مع تزايدها ما بين القاصرين وتفشي ظاهرة الزواج المبكر للفتيات، فضلاً عن تزايد حوادث السرقة وظاهرة التسول وعمالة الاطفال واطفال الشوارع، إذ يقدر عدد الاطفال المتسولين في بيروت بنحو 3000 طفل. ووفق معلومات المفوضية فإن عدد الاطفال القاصرين والمنفصلين عن ذويهم بلغ 2300 طفل، اما المصابون باعاقات فبلغ عددهم 7840 طفلا سورياً وعدد الاطفال المهددين والمعرضين للخطر باكثر من 155 الف طفل.
أما في الأثر الصحي، فإن معدل الأسرة في لبنان 3.5 لكل 1000 شخص، وتسببت الازمة بزيادة عدد السكان 30% من دون اي زيادة مماثلة في الطاقة الاستيعابية. كما نتج من حركة النزوح ظهور حالات صحية كانت اعتبرت منقرضة في لبنان مثل الحصبة (9 حالات في 2012 ثم ازداد هذا العدد الى 1456 حالة في تموز 2013)، أما مرض اليشمانيا غير الموجود في لبنان فقد بدأ بالظهور وسجل 420 حالة حتى تموز 2013. وازداد خطر انتشار الامراض المعدية والاوبئة بسبب ازدياد حالات الاكتظاظ السكاني للاجئين، وقد اصبح الضغط على المستشفيات والمرافق الصحية امرا طارئا بحيث ان 40% من المرافق الصحية يستعملها اللاجئون السوريون، ما تسبب بارتفاع اسعار الادوية 34% في منطقة البقاع.
عرسال بعد القلمون
لعرسال وضعها الخاص، فمنذ 14 تشرين الثاني الماضي واثر الاضطرابات في منطقة القلمون السورية الحدودية حدثت حركة نزوح كثيفة وسريعة الى منطقة عرسال، على اثرها سارعت وزارة الشؤون الى الوجود اليومي في عرسال بهدف تفعيل عملية التنسيق واستجابت الهيئات الدولية بسرعة للأزمة و تم خلق خلية تنسيق وتسجيل 3478 عائلة جديدة (17390) شخص حتى 25 تشرين الثاني. وتقوم الوزارة بالتعاون مع المفوضية بانشاء منطقة استقبال بسعة 70 خيمة ويتم البحث مع دار الفتوى لاستحداث ارض جديدة في عرسال بسعة 100 خيمة اضافية للمساعدة في احتواء الاعداد المتوافدة.
يشكر الخطيب “لبنان رئاسة وحكومة وشعباً على تحمل اعباء اللاجئين السوريين وما ترتب عليه من ضغوط على مختلف المستويات”، ولا يعتبر أن هذا الكلام من أجل التسويق “انما نابع من ايمان بحريتنا وأمل بعودتنا اليوم قبل غد. وننتظر من سنة 2014 ان نعود الى بلادنا لأننا لن نبقى لاجئين ولنا وطن سنعود إليه”، ويأمل “الاهتمام بشؤون اللاجئين السوريين” ويطلب من المفوضية أن “تراعي ظروفهم، خصوصا أنه تمت ازالتهم من قائمة المساعدات الشهرية”.
محمد نمر – صحيفة النهار اللبنانية