اللاجئون السوريون وتأثير النزوح الأوكراني: تهديد بالهجرة العكسية
وكالة أنباء آسيا-
عبير اسكندر:
أكثر من ثمانية ملايين لاجئ خرجوا من سورية بفعل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2011، ونزحوا إلى دول الجوار والعالم خصوصاً الأردن ولبنان وتركيا والعراق وألمانيا والسويد والدنمارك مع وجود مئات الآلاف من اللاجئين غير المسجلين في دول أوروبية أخرى، واليوم بات الالاف منهم مهددين بالتهجير العكسي (إلى سورية) بفعل النزوح الأوكراني جراء الحرب الروسية هناك.
في صيف عام 2015، دخل أكثر من مليون لاجئ هاربين من الحرب السورية إلى وسط أوروبا قادمين من تركيا عبر اليونان، واتجه أغلبهم إلى ألمانيا. ولم تتمكن دول الاتحاد الأوروبي من إيجاد آلية توزيع عادلة ومتضامنة فيما بينها، رغم أن القانون يقول إن المسؤول الأول عن دراسة طلب اللجوء هي دولة الدخول.
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر قالت “لأول مرة تندلع حرب كبيرة في أوروبا، الأمر الذي يدفع الدول الأعضاء إلى التفكير بشكل مختلف”. وترى فيزر أن هناك “نقلة نوعية” في طريقة التفكير.
من جهتها، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وعدت بالترحيب بجميع اللاجئين القادمين من أوكرانيا، وقالت: “أي شخص يهرب من قنابل بوتين أذرعنا مفتوحة له”. في عام 2015 رفعت لافتات كتب عليها “مرحبا باللاجئين” لكن المزاج العام تغير مع ارتفاع عدد اللاجئين.
الأوكرانيون يهربون إلى دول مجاورة بسبب حرب لم تكن أوروبا تتوقعها، وأغلب اللاجئين يلجؤون إلى أقارب لهم أو يسكنون كضيوف عند مواطنين من هنغاريا أو رومانيا أو سلوفاكيا أو بولندا. ووفقا للسلطات البولندية، نادرا ما تستعمل أماكن الإقامة الجماعية في نزل اللاجئين.
ويأتي الترحيب الدنماركي الواسع بالأوكرانيين بعد حثها اللاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها على العودة لوطنهم، رغم الحرب المستمرة في بلادهم.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 2.5 مليون شخص فروا من أوكرانيا حتى منتصف آذار الماضي.
ويقوم نهج عدد من الدول الأوروبية على توفير الحماية لمن هم بحاجة إليها، ولكن عندما تتحسن الظروف في وطنهم، يجب أن يعود اللاجئون السابقون إلى وطنهم ويعيدوا تأسيس حياتهم هناك.
وبصرف النظر عن قانون تصاريح الإقامة المؤقتة للفارين من أوكرانيا، فإن جميع الأشخاص الذين يطلبون اللجوء في دول اوروبية لهم نفس الحقوق في نظام اللجوء لكل دولة وفق القانون الخاص بها.
وحسب خبراء في شؤون الهجرة، فإن الدول الأوروبية تفضل مساعدة اللاجئين الأوكرانيين على الصوماليين والفلسطينيين والسوريين، قائلين: لا أحد يجرؤ على قول السبب كما هو: هذا لأن الأوكرانيين يشبهون الأوروبيين أكثر ولأنهم مسيحيون في المقام الأول.
الخبيرة في شؤون الهجرة واللجوء، لميس عبد العاطي توضح بالقول: ُينظر إلى الأوكرانيين على أنهم من ذوي البشرة البيضاء ومسيحيون، ولا يُنظر إلى السوريين والأفغان وغيرهم على هذا النحو، فالناس يتعاطفون مع اللاجئين الذين يعتقدون أنهم يشاركونهم عرقهم ودينهم وما إلى ذلك”.
وكانت قد حذرت الأمم المتحدة من أن ما يصل إلى خمسة ملايين شخص قد يفرون من أوكرانيا فيما سيكون أكبر أزمة إنسانية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ورغم انعقاد المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين عقد نهاية عام 2020، ودعوة المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المناسب لتوفير السكن للمهجرين وعودتهم للحياة الطبيعية، إلا أن فشل التوصل لحل سياسي شامل في سورية يعرقل عودة باقي المهجرين إلى بلادهم، الذين ينتظرون تنفيذ المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار المبكر، متضمنة المرافق الأساسية للبنية التحتية مثل المياه والكهرباء والمدارس والمشافي وتقديم الرعاية الصحية والطبية والخدمات الاجتماعية، ونزع الألغام، بحسب مضمون دعوة المجتمع الدولي.
وحسب تصريحات رسمية في سورية، فقد عاد عشرات الآلاف من المهجرين في الداخل إلى منازلهم في مدنهم وقراهم، والآلاف من خارج سورية منذ انعقاد المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين الذي عقد في نوفمبر 2020 بدمشق.