الكيان الصهيوني: الحقيقة لا تنفى
صحيفة الخليج الإماراتية ـ
افتتاحية الخليج:
الحقيقة لا تحتاج إلى بيان حتى يثبتها، فهي تتحدث عن نفسها، ونفيها ليس إلا مبارزة لطواحين الهواء . فبيانها كما نفيها يوضح شخصية مؤكدها أو نافيها . فالقول بأن “إسرائيل” هي كيان عنصري قد يكون تخفيفاً للحقيقة، لأن الحقيقة هي أنه يذهب في سياساته إلى مدى أبعد، أي إلى التطهير العنصري . فليس هناك إنسان يحترم الحقيقة لا يقول أو لا يدرك أن الكيان الصهيوني مبني على أساس الاستلاب للأرض والموارد الطبيعية للشعب الفلسطيني من أجل تمكين اليهود الذين جلبهم من أجل الانتفاع بها .
وهو يمارس كل أساليب التمييز العنصري، وهو يعمل منذ بداية نشأته من أجل تطهير فلسطين من أهلها . منذ البداية كان الرجاء لدى القيادات الصهونية أن يختفي الشعب الفلسطيني من الوجود، أو أن يبتلعهم البحر لأن مجرد الوجود هو شاهد نفي صارم لكل الإدعاءات الصهيونية . كيف يمكن لأي منصف ألا يرى العنصرية في تحويل الأرض المحتلة إلى جزر منفصلة عن بعضها بعضاً . وكيف له ألا يرى العنصرية وهو يشاهد كيف يتم منع الفلسطينيين من استغلال مياههم بينما يسمح للمستوطنين أن يسبحوا فيها، أو تشييد الطرق للمستوطنين ولا يسمح لأهل البلاد باستخدامها . وأنى له أن ينكرها وهو يرى سرقة الأرض التي يزرعها الفلسطينيون من أجل أن تبنى فوقها عمارات المستوطنين .
لقد تجاوز الكيان الصهيوني مرحلة التمييز العنصري ودخل في مرحلة التطهير العنصري . قد لا يرى الذي عميت بصيرتهم الأدوات الخبيثة لإجبار الفلسطينيين على ترك قراهم ومدنهم ومن ثم مغادرة الأرض المحتلة كلها . ولعل أكبر برهان على ذلك، أن هذا الاعتراف قد جاء ممن هو أكبر سند للكيان الصهيوني . ولذلك، كانت الضجة على ما قاله جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة حول ذهاب “إسرائيل” في طريق العنصرية في حال لم يقبل بحل الدولتين .
كيري كان يشفق على “إسرائيل” لأنه كان يرى أن هذه الصورة إن باتت مرئية لكل العالم فليس بإمكان أحد درء المخاطر عنها . والقادة الصهاينة رأوا في هذا القول تعاظماً في الرؤية لدى العالم حول حقيقة الكيان الصهيوني . ومهما فعل كيري من جلد للذات على ما ارتكب من خطيئة قول الحقيقة فإن ذلك لن يغير من الطبيعة العنصرية لهذا الكيان أو أن يبطئ من رؤية العالم لهذه الحقيقة .
فالصهاينة يرون ارتفاع الستار عن حقيقة كيانهم كل يوم من خلال الكثير مما يقال أو يعمل . ولهذا يجمعون في ردود أفعالهم الغضب إلى الحماقة .