“الكوليرا” تضرب الزراعة.. وتكشف ثغرات البنية التحتية في لبنان
وكالة أنباء آسيا:
ماذا نأكل وماذا نشرب؟!، هذا هو لسان حال الشعب اللبناني الذي لم يطو بعد صفحة وباء كورونا، ليهلع مجددا من الكوليرا.
فمع انتشار الكوليرا في لبنان وارتفاع عدد الإصابات، بدأ الاختصاصيون والأطباء بنشر سبل الوقاية منه، تفادياً لالتقاط هذه العدوى البكتيرية التي تساهم المياه الملوثة بشكل أساسي في انتقالها.
وعلى الرغم من ان الكثير من اجراءات الوقاية قد تآلف الناس معها، الا انه حين يحصل التفشي فلا رادع امامه، لا سيما حين يكون وضع المستشفيات في لبنان صعب، وكذلك القدرات المادية “على قد حالها” لدى مختلف شرائح المجتمع اللبناني.
وانطلاقاً من هذا، بدأ الناس بالسؤال أي مياه تستخدم لري السهول والمناطق الزراعية الداخلية؟ واي مياه سنشرب، وما هو المصدر الذي سنعتمده في مياه الاستخدام اليوم في ظل الانقطاع المستمر للمياه؟.
في غضون ذلك، أكّد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، أنّه خلال جولاتنا رأينا وجود مياه ملوثة تستعمل لريّ المزروعات ما يشكل خطراً على صحة الناس”، مشيرًا إلى أنّه “على وزارة الزراعة أن تتابع الفحوصات اللازمة ومتابعة وضع الموزرعات التي يتم تناولها”.
ولفت إلى “أننا أرسلنا كتاب لوزارة الداخلية والبلديات، للقيام ومساعدة البلديات بفحص المياه في المختبرات للتأكد من عدم وجود مياه ملوّثة”، مشيرًا إلى “ضرورة التأكد من وضع الكلورين في صهاريج المياه”.
وأكّد “أننا وجهّنا رسالة لوزارة الإعلام طلبنا فيها نشر الوعي بين المواطنين، والقيام بحملات على كافة وسائل الاعلام، لتوعية وتشجيع اللبنانيين والمقيمين على اتباع الإجراءات وأخذ اللقاح حين توفّره”، مشددًا على “أننا على استعداد كوزارة صحّة عامّة، لتقديم الفحوصات بالمجّان للمدارس كافّة، من أجل فحص المياه المستخدمة وكذلك تقديم الكلور اللّازم لتعقيم المياه الموجودة في المدارس”.
من جهته، كشف رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك أن الحشائش كانت الأكثر تأثراً بسبب حملات التخويف، خصوصاً أن مصدرها غير معروف، ما أدى إلى انخفاض نسب استهلاكها وبالتالي تدنت الأسعار نتيجة تراجع الطلب، فسعر 24 ربطة بقدونس مثلاً كان يتراوح ما بين الـ150 والـ200 ألف ليرة لبنانية، أما اليوم فتراجع إلى ما بين الـ40 والـ100 ألف ليرة.
واوضح أن “تلوث المياه في لبنان ثلاثة أنواع: الأول هو البكتيري الممكن أن يتسبب بأمراض معدية مثل الكوليرا، تعقيم المياه بالكلور قد يقتل البكتيريا، إلا أن من غير المحبذ استخدامه لأن بقاياه خطرة على الصحة. النوع الثاني هو التلوث بالمعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والحديد وغيرها من المعادن التي تفرزها المعامل الصناعية وهي تدخل الجسد من دون ان تخرج منه، لذلك تراكمها يتسبب بمشاكل صحية خطيرة. أما النوع الثالث فهو بقايا المستشفيات، في البقاع مثلاً حوالي 10 مستشفيات من اصل 12 ترمي نفاياتها في الأنهر. إذاً، مخلفات المنازل التي تؤدي إلى الكوليرا أقل خطورة من النوعين الآخرين اللذين يؤديان إلى أمراضٍ سرطانية”.
بدوره، دعا رئيس لجنة الصحة النيابية السابق الدكتور عاصم عراجي الى عدم الخوف المبالغ، قائلا: في مقارنة مع كورونا كنا امام وباء جديد انتشر بسرعة كبيرة بين مختلف دول العالم ولم يكن لدينا الكثير من المعلومات عنه، مما ادى الى اعداد كبيرة من الوفيات على مستوى العالم، وقد استمر الامر لسنتين لنعرف المزيد عن تركيبة هذا الفيروس.
واضاف: الكوليرا ليس مرضا جديدا بل لدينا المعلومات الكافية بشأنه منذ زمن طويل، وموجات منه ضربت دولا عديدة من العالم على مدى العقود السابقة، وهو لغاية اليوم يستوطن في عدد من دول العالم لا سيما الفقيرة منها في افريقيا وافغانستان، داعياً الى غسل الخضار والفواكه جيدا.
تفشي الكوليرا في لبنان، كشف عن ثغرات عدة في البنى التحتية ساهمت في انتشار الوباء، ويرد الخبراء تفاقم الأمر إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ عام 2019.
واكد مصدر في مجلس الإنماء والإعمار أن البنى التحتية في لبنان ليست معدومة، كما يعتقد البعض، مرجعا تفشي الكوليرا إلى الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي عن البلاد من أقصى جنوبها إلى أقصى الشمال منذ أكثر من سنة، وأدى هذا الانقطاع إلى توقف ضخ المياه وعدم تشغيل محطات التكرير، وبالتالي توقف تكرير مياه الشرب التي باتت تصل المنازل عبر الصهاريج الملوثة.
بدوره، كشف الناشط والخبير البيئي جورج عقل انه من بين 78 محطة تكرير للصرف الصحي موزعة في معظم المحافظات اللبنانية بسعة 664 متر مكعب/، هناك 11 محطة تعمل فقط على المعالجة الأولية للمياه المبتذلة، بينما تصرّف الكمية بأكملها نحو المسطحات المائية المفتوحة المجاورة لها في ظل ارتفاع أسعار شراء قطع الغيار والأجهزة المشغل لقطاع المياه.