الكلمة الفيصل: هم والآخرون
موقع إنباء الإخباري ـ
فيصل الأشمر:
لديهم حائط مبكى خاص بهم، يجتمعون للبكاء والنواح عنده في بعض المناسبات الهامة، فيحضرون في كامل الأناقة الحزينة، من أوشحة بلون شعار الحزب ونظارات سوداء ومناديل لمسح البكاء الغزير، وعلى وجوههم نظرات الحزن الماكر.
قتلاهم شهداء بالضرورة، وممنوع أن تذكرهم بغير لقب “الشهداء”. وقتلى الآخرين قتلى فقط، لا حق لهم بعيد أو نُصُب أو ضريح رمزيّ يذكّر الناس بهم.
يستعطون عطف الناس على كبير لهم راحل، لم يكن كبيراً إلا في أنظار أمثالهم، ولم يكن كبيراً في عيون الوطن. ويستدرون دموع الدول عليهم لأنهم مساكين مغلوبون على أمرهم مطارَدون بلا مأوى.
وحدهم حملة شعار حب الحياة والعلم والحضارة، وغيرهم أصحاب ثقافة الموت واللون الأسود. فكأن البلد قسمان، قسم البشر، هم، وقسم غير البشر، الآخرون.
كَتَبتهم فقط مسموح لهم بإهانة الآخرين، ووسائل إعلامهم مفتوحة لكل من يجيد السباب، أما الآخرون فممنوعون من أن يكتبوا أو ينطقوا، فإن فعلوا فهم شبيحة أو دعاة إلى القتل، وشموليون مأمورون.
وحدهم الوطنيون ومحبو الوطن، والآخرون تابعون للخارج، لهم “أجندات” ينفذونها له، ولا وطنية لديهم ولا وطن.