الكلمة الفيصل: سلطات الخليج وسياسة الجبناء
موقع إنباء الإخباري ـ
فيصل الأشمر:
ساهم اللبنانيون منذ ظهور النفط في بلاد الخليج في إعمار ونهضة هذه البلاد مع من ساهم من غيرهم من القادمين من البلاد العربية الأخرى. فنشأت واستمرت هذه النهضة على حساب جهدهم وعرقهم دون أن ننكر أن هذه النهضة ساهمت في نهضة لبنان بسبب ما جلبه هؤلاء اللبنانيون من أموال استحقوها وبنوا بها منازلهم ومعاملهم وعاشوا من مداخيلها.
كان هذا منذ عشرات السنين وما زال مستمراً. وكان اللبنانيون العاملون في الخليج من كل الطوائف اللبنانية، ومن كل المناطق. ويقدر بعض المصادر عدد اللبنانيين هؤلاء بنحو خمسمائة ألف لبناني، كما يقدر أن دول الخليج مصدر لستين في المائة من تحويلات اللبنانيين.
هؤلاء اللبنانيون معرّضون اليوم للطرد، أو، على أقل تقدير، للمساءلة، أو لعدم الاستقرار الوظيفي بسبب ما تسميه سلطات دول الخليج، حيناً، بتدخل حزب الله في الأحداث السورية، وتدخل ما سمتها “حكومة حزب الله” في هذه الأحداث وعدم اعتماد سياسة النأي بالنفس حيناً آخر.
هذه السلطات التي توزع المصاحف في المطارات بطبعات فاخرة مكتوب عليها “هدية صاحب الجلالة” أو “هدية صاحب السمو” لا تهتم بالآية القائلة: “ولا تزر وازرة وزر أخرى”. مضحك أن أورد هذه الجملة، أعرف هذا، لكن لا بد من إيرادها لنسخر من هذه السلطات أكثر. وكأن زعماء هذه الدول يعنيهم القرآن وآياته، وكأنهم يعملون بها في سلوكياتهم السياسية في القضايا العربية والإسلامية.
من حق قطر والسعودية مثلاً دعم المسلحين السفاكين لدماء المدنيين السوريين، بينما ليس من حق حزب الله أن يتدخل في حماية المواطنين اللبنانيين في القرى اللبنانية الداخلية في حدود الجمهورية السورية. هذا على فرض إثباتهم أنه يفعل.
وعلى فرض تدخل حزب الله وعمله داخل الحدود السورية، أية علاقة لهذا بالعمال اللبنانيين في الخليج؟ هؤلاء لبنانيون من طوائف ومناطق مختلفة، وربما أكثرهم لا يؤيد سياسة حزب الله، أو سياسة “حكومة حزب الله”، فكيف نحمّلهم أوزار الحزب أو حكومته؟
لا يمكن بأي حال من الأحوال توصيف تهديد السلطات في دول الخليج بطرد العمال اللبنانيين سوى أنه سياسة دنيئة، يلجأ إليها الجبناء، ولا غرابة، فطالما تعودنا على جبن هكذا سلطات في القضايا المصيرية.