القوات الأميركية في سوريا مكمن ضعف لواشنطن!
موقع الخنادق:
يقول مستشار السياسات عن العراق وسوريا في مكتب المبعوث الأميركي الخاص، كريستوفر الخوري، ان “السياسية الأميركية في سوريا، مع تولي جو بايدن السلطة، كانت منفصلة عن الواقع”. اذ ان الادارة قد قررت، والحالة هذه، إعادة تشكيل الأهداف الأمريكية، وتراجعت عن تأمين المنشآت النفطية السورية، والرغبة بإخراج كل القوات المرتبطة بإيران، بعدما لمست عدم قدرتها على ذلك.
ويناقش الخوري، الذي عمل مستشاراً في السياسة بمعهد توني بلير للتغيير العالمي، إستراتيجية الخروج الأمريكية من سوريا، مشيراً إلى ان التعديل في سياسة الإدارة جاءت بناء على رؤية تقول إن “القوات الموالية للولايات المتحدة، وإن سيطرت على مناطق واسعة في البلاد، إلا أن التأثير الأميركي فيها يظل محدوداً. إضافة إلى أن البدائل الأخرى تظل قائمة، مثل استثمار مصادر مالية وعسكرية كبيرة، على أمل تحقيق نتيجة سياسية غير واضحة، ولا يمكن أن تتجاوز جوهر التحدي الرئيسي في سوريا، وهي أن نظام بشار الأسد قد انتصر في الحرب، واستثمار كهذا لا ينصح به، وليس قابلا للتحقيق”.
إلا أن قراراً أمريكياً لسحب القوات، بعضها أو كلها، من سوريا لن يكون جيداً في ضوء الانسحاب الفوضوي من أفغانستان وسيهز الثقة الدولية بالولايات المتحدة. ولكن الحفاظ على الوضع الراهن يحمل معه مخاطره. فساحة المعركة في سوريا معقدة، وتعمل القوات الأمريكية وروسيا والقوات السورية قريبا من بعضها. يضاف إلى هذا زيادة الهجمات من الجماعات الشيعية الموالية لإيران، وتستهدف بشكل متزايد المواقع الأمريكية، بالإضافة لتهديدات جديدة من تركيا باستهداف الأكراد، وفق ما يذكر خوري. ومن هنا فإن إدارة بايدن تحتاج لأن تعالج أسئلة مثل: هل استمرار الوجود العسكري الأمريكي في سوريا ضروري؟ وإن كان الجواب بنعم، فهل يستحق الكلفة؟
ويبدو أن إدارة بايدن تتمسك بأمل تحسن الأوضاع بشكل يفتح الباب أمام تسوية سياسية. والحقيقة أنه مع مرور كل يوم تتزايد المخاطر وتضعف أوراق المقايضة الأمريكية فيما يتعلق بما يمكن لواشنطن الحصول عليه من الأسد وروسيا مقابل رحيلها. ويرى خوري أن إدارة بايدن بحاجة للتفاوض على إستراتيجية خروج وبأسرع وقت ممكن وتأمين هدفيها الأساسيين في سوريا: الحصول على منفذ بالأجواء السورية، وحماية السوريين الذين قاتلوا إلى جانبها.
وبهذا الصدد تقول منظمة أرمد كونفليكت لوكيشن وإيفنت داتا، أن سوريا تتحول، وبشكل متزايد، لمناخ خطير للعمل، فإن أحداث العنف، مثل القصف المدفعي، زادت بنسبة 20% في هذا العام. العنف جاء من لاعبين دوليين، بمن فيهم تركيا.
وأعلن تنظيم داعش عن 201 هجوم في الفترة ما بين 1 نيسان/إبريل و30 حزيران/يونيو، وهي أقل بنسبة 60% عن نفس الفترة قبل عام. ورغم استمرار تهديد التنظيم في سوريا والعراق إلا أنه فقد القدرة على تنسيق عمليات واسعة فيهما أو التخطيط لهجمات في الخارج.
كل هذا يعني أن نشاطات 900 جندي أمريكي في سوريا قد تراجعت عن الذروة. ولا تزال القوات الأمريكية تقدم الدعم لبعض القوى، بمن فيهم “قوات سوريا الديمقراطية”، بما في ذلك من دعم استخباراتي ومراقبة واستطلاعات ودعم لوجيستي. وبحسب خوري فقد قدمت القوات الأمريكية في كانون الثاني/ يناير دعماً لـ “قوات سوريا الديمقراطية” من أجل السيطرة على سجن في الحسكة، شمال- شرق سوريا، بعد سيطرة مقاتلي تنظيم داعش عليه لتحرير المقاتلين فيه. وقتل في العملية أكثر من 500 شخص، بمن فيهم 21 عنصرا من القوات.
وبحسب مجلة فورين أفيرز، فإن عدد من العمليات التي استهدفت قادة للتنظيم يثبت أن “الولايات المتحدة قادرة على ملاحقة وقتل عناصره في أماكن لا يوجد لها وجود عسكري فيها. وربما كان هذا جيدا، فالوجود العسكري على الأرض ربما كان مفيدا، لكنه لا يخدم بالضرورة مصالح الأمن القومي”. وتتابع المجلة انه “لو خرجت الولايات المتحدة بطريقة غير منسقة فالنتيجة هي عملية عسكرية تركية لتحقيق أهداف أردوغان المعلنة، تدخل قد يؤدي لتشريد مئات الآلاف”.
فيما يستخلص خوري النقاش بضرورة انسحاب القوات الأميركية من سوريا، ويرى بأنه يجب أن تقوم واشنطن بكل ما بحوزتها لتحديد تحرك النظام عبر الدبلوماسية والضغوط الاقتصادية. وعليها أن تطالب الشركاء العرب، الإمارات العربية تحديداً، التي طبّعت العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد للأمر نفسه. وأثبتت إسرائيل قدرة على الدخول للأجواء السورية عبر الدبلوماسية والقوة الغاشمة ضد الأسد. ومن هنا فإن خروجاً أمريكياً فضفاضاً سيكون مهماً وتحصل فيه الولايات المتحدة على منفذ للأجواء السورية والحق بالدفاع عن مصالحها لو تعرضت لتهديد من النظام أثناء قيامها بعمليات ضد التنظيم وبعد سبع سنوات من دخول القوات الأمريكية سوريا حان الوقت لواشنطن لكي تسحب قواتها، فالوجود الأمريكي في سوريا ليس رصيدا إستراتيجياً، إنه مكمن ضعف”.