القمة العربية.. حينما تتناقض المتون مع العناوين
موقع العهد الإخباري-
ايهاب شوقي:
حينما تتناقض المتون مع العناوين فإننا أمام حالة تستدعي التأمل والتحليل للفصل بين أمرين. هل هو تناقض بسبب الخداع والمناورات السياسية، أم تناقض مأزقي بسبب العجز عن تحقيق ما جاء في العناوين من اعلانات لا تتسق مع الممارسات والتوجهات والتي تعجز الأطراف أو النظام العربي الرسمي عن الاعتراف بها وبالتالي يعلنون عكس ما يفعلون؟
القمة التي اتخذت عنوانًا اسمه “لم الشمل” بدا اعلانها النهائي انعكاسًا للفرقة والتنازع والحرص على تضمين مصالح الفرقاء بشكل يجهض مغزاها وهدفها المعلن.
والقمة التي حرصت على ابراز القضية الفلسطينية كأهم عنوان لها، غاب عنها قادة التطبيع العربي مع الصهاينة ليتنصلوا من أي التزامات، كما بدا الكثير من بنود اعلانها النهائي خادمًا لمصالح العدو الاسرائيلي ومناقضًا لمصالح كل من يقاوم وخادمًا لدول التطبيع التي سيطر ظلها على القرارات وبدا الغائبون أقوى من الحاضرين.
هنا لا نوجه النقد للجزائر التي لا تعترف بالعدو الاسرائيلي والحريصة على الثوابت ودعم الفضية الفلسطينية ولم شمل الفصائل، ولكننا نوجه الاتهام للنظام الرسمي العربي الذي عجز عن بلورة طرح يفصل بين مصالح الأنظمة الضيقة وبين الأهداف العربية والثوابت ولو حتى بالحد الادنى الذي يضمن كرامة الشعوب.
وكالعادة غابت سوريا قلب العروبة النابض فيما حضر ممثلون غير شرعيين كالذي أطلق عليه صفة ممثل اليمن، في دلالة مباشرة على اهتراء الشرعية العربية وعدم جدية القرارات ولا حتى قابليتها للتنفيذ ولا سيما مع تطور التوازنات والمستجدات بالإقليم وايضًا بالوضع الدولي.
إن القمة التي تأجلت لثلاث سنوات لسبب معلن وهو جائحة كورونا رغم أن السبب الحقيقي كان هو التطبيع المجاني، تم استئنافها مع غياب كورونا ولكن مع بقاء السبب الحقيقي وهو ما يعني انه استئناف شكلي بحت.
وهنا يبرز سؤال مركزي، هل انعقاد القمة العربية هو هدف في ذاته ويصب في صالح الأنظمة دون القضايا؟ وهو ما يترتب عليه سؤال لاحق، عن طبيعة هذه المصلحة وما هي الثمرة التي تجنيها هذه الأنظمة من وراء بيان تهافت مواقفها الرسمية بخصوص القضايا المصيرية؟ وهل تلاشت الشعوب تمامًا من مخيلة وحسابات هذه الأنظمة وأصبحت صفرًا في توازنات معادلاتها السياسية؟
كان لافتًا للغاية الموقف الرسمي اللبناني الذي بدا مستغيثًا بالأنظمة العربية التي تخلت عنه ولم تسانده في قضيته المقاومة ولا قضايا الحدود مع فلسطين المحتلة، وكأنه يستغيث بها من الوضع الجديد الذي كان عنوانه الكرامة والتفاوض من موقع القوة، وكأنه يريد اعادة الاعتبار للأنظمة التي تراجعت هيبتها ومكانتها لحساب المقاومة.
إن انعقاد القمة بشكلها المهترئ ومضمونها المخالف لحقيقة التوازنات على الارض، والخلل الفادح في شرعية الممثلين وتشكيل القرار العربي واختطافه من قبل الدول العميلة والمطبعة هو بمثابة اعلان عن قرب وفاة النظام الرسمي العربي السائد في العقود الأخيرة وخاصة بعد الطوارئ والمستجدات في الوضع الاقليمي والدولي.
ولن يجدي نفعًا الحرص الشديد على اختطاف القرار شكليًا في واقع عنوانه التغيير العملي لتوازنات القوى وصراع الإرادات.
إن لفظ القمة جاء مخالفًا لحقيقة القاع والهوة السحيقة التي سقط فيها النظام الرسمي العربي.