القطاع الصناعي مدخل أساسي للخروج من الأزمة
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
يعاني لبنان منذ الحرب الأهلية وما بعدها من مشكلة اقتصادية بنيوية تعرف بالنمو غير المتوازن للقطاعات الاقتصادية. سيطر نمو قطاع التجارة والخدمات على حساب قطاعي الزراعةوالصناعة، وتعزّزت السياسات الاقتصادية المتبعة بعد اتفاق الطائف نمو الاقتصاد الريعي على حساب القطاعات الانتاجية، ممّا جعل الاقتصاد اللبناني رهينة للاستيراد الخارجي في شتى المجالات، وهذا ما أعطى الفرصة لمجموعة من المستوردين والمحتكرين، للتحكم والسيطرة على مفاصل الاستهلاك في بلد يستورد أكثر من 80% من حاجاته. كل هذه العوامل جعلت الاقتصاد مدولرًا بامتياز ممّا ساهم في تقهقر القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، علمًا أن الاقتصاد الريعي يتميز بعدم الاستقرار والهشاشة وذلك لارتباطه بعوامل سياسية محلية وخارجية. ولذلك، لبنان بأمس الحاجة الى الاعتماد في الفترة المقبلة على الاقتصاد المنتج والتي تشكل الصناعة فيه أحد أبرز الأعمدة الأساسية من أجل النهوض الاقتصادي والتأسيس لاقتصاد بنيوي متين يعتمد على الانتاج المحلي والاستدامة.
واقع الصناعة في لبنان
تساهم الصناعة في الفترة الحالية بنحو 8.5% من الناتج المحلي الاجمالي وفق منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، علمًا أنها شكلت في فترات سابقة قبل اهمالها حوالي 22% من الناتج المحلي الاجمال، إذ يوجد في لبنان قرابة 6000 آلاف مصنع تتشكل من مؤسسات صناعية تحويلية وخفيفة أو صناعات حرفية، حيث تعتبر صناعة المواد الغذائية والمشروبات من أهم الصناعات اللبنانية وأكثرها استقطابًا للرساميل والاستثمارات المتوجهة نحو هذا القطاع، وتحتوي على أبرز اليد العاملة الصناعية في البلاد وكذلك تعتبر صناعة مواد البناء التي تضم صناعات متعددة ومتنوعة من أبرز أنواع الصناعات وخاصة في مجال الصناعات الخشبية والزجاجية. وتبرز أيضًا في لبنان صناعة المجوهرات وصناعة الطباعة والنشر وصناعة الأنسجة والملبوسات. ويبلغ حجم الصادرات الصناعية في المجمل حوالي 2 مليار و94.5 مليون دولار.
أبرز المشاكل التي يعاني منها القطاع الصناعي:
1- عدم التمويل الكافي من قبل الدولة والقطاع الخاص، إذ تحصل الصناعة على حوالي 11% فقط من مجمل التسليفات.
2- ارتفاع كلفة الانتاج الصناعي بسبب الاعتماد على المواد الاولية المستوردة.
3- غياب أيّ نوع من الحماية الفعلية للانتاج المحلي الصناعي.
4- قلة المناطق الصناعية المجهزة بالبنى التحتية الأساسية والمتطورة.
5- عدم ضبط الحدود البرية وانتشار التهريب مما يؤثر على الانتاج المحلي.
6- وجود منافسة غير مشروعة من قبل مؤسسات غير مرخص لها ولا تستوفي الشروط الضرورية للعمل في هذا القطاع.
7- ارتفاع الأكلاف الاضافية على كاهل المنشآت الصناعية وخاصةً في ظل غياب الكهرباء والاعتماد على المولدات التي تستهلك كميات كبيرة من المحروقات وبكلفة مرتفعة جدًا.
8- عدم وجود يد عاملة مختصة وغياب الآلات الحديثة مما يضعف الانتاجية والقدرة التنافسية لهذا القطاع.
أبرز المقترحات التي تساهم في تنمية الصناعة المحلية:
1- رفع معدل التمويل الصناعي من خلال زيادة التسليفات الى حدود 25% من مجمل التسليفات من خلال اعطائها للصناعيين على شكل قروض ميسرة بفوائد معقولة ولمدة مريحة في السداد.
2- العمل على تحسين القدرة التنافسية من خلال منح اعفاءات ضريبية مناسبة للمصانع الناشئة والصغيرة مما سيساهم في تخفيض كلفة الانتاج الصناعي.
3- تعزيز الكفاءة والمهارة لدى القوى العاملة من خلال تعميم التكنولوجيا والتدريب عليها مما سيعزز الانتاجية والانتاج الصناعي.
4- دعم الصادرات الصناعية من خلال اعتماد سياسة التشجيع على التصدير المبنية على اعفاء الصادرات الصناعية المحلية من أي رسوم جمركية.
5- فرض رسوم جمركية على السلع الصناعية المنتج مثلها محليًا مع تخفيض الرسوم الجمركية على المواد الأولية المستخدمة في الانتاج المحلي الصناعي.
6- العمل على اطلاق الصناعات الجديدة وخاصة الرقمية والتكنولوجية منها من أجل البدء في عملية التشجيع على الابداع والتجديد مما سيقدم فرصًا مهمة للعمل الصناعي المحلي.
الخلاصة
أثبتت التجارب العالمية أن الصناعة هي الركيزة الأولى لأيّ اقتصاد ناجح ومستدام، لذلك وجب على الحكومة اللبنانية أن تضع القطاع الصناعي ضمن أهدافها الاستراتيجية في أيّة خطة تعافٍ اقتصادي محتملة، مما سيساهم بشكل كبير في الحد من نسبة “الدولرة” وخلق نمو اقتصادي متوازن غير هشّ يستطيع مواجهة الصعوبات المستقبلية. ولتحقيق ذلك على الحكومة تأمين بنى تحتية متينة تبدأ بحلّ جذري لمشكلة الكهرباء والتي من دونها لا امكانية لتحقيق أيّ نمو يذكر في أيّ مجال وقطاع اقتصادي.
القطاع الصناعي مدخل أساسي للخروج من الأزمة
د. محمود جباعي
يعاني لبنان منذ الحرب الأهلية وما بعدها من مشكلة اقتصادية بنيوية تعرف بالنمو غير المتوازن للقطاعات الاقتصادية. سيطر نمو قطاع التجارة والخدمات على حساب قطاعي الزراعةوالصناعة، وتعزّزت السياسات الاقتصادية المتبعة بعد اتفاق الطائف نمو الاقتصاد الريعي على حساب القطاعات الانتاجية، ممّا جعل الاقتصاد اللبناني رهينة للاستيراد الخارجي في شتى المجالات، وهذا ما أعطى الفرصة لمجموعة من المستوردين والمحتكرين، للتحكم والسيطرة على مفاصل الاستهلاك في بلد يستورد أكثر من 80% من حاجاته. كل هذه العوامل جعلت الاقتصاد مدولرًا بامتياز ممّا ساهم في تقهقر القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، علمًا أن الاقتصاد الريعي يتميز بعدم الاستقرار والهشاشة وذلك لارتباطه بعوامل سياسية محلية وخارجية. ولذلك، لبنان بأمس الحاجة الى الاعتماد في الفترة المقبلة على الاقتصاد المنتج والتي تشكل الصناعة فيه أحد أبرز الأعمدة الأساسية من أجل النهوض الاقتصادي والتأسيس لاقتصاد بنيوي متين يعتمد على الانتاج المحلي والاستدامة.
واقع الصناعة في لبنان
تساهم الصناعة في الفترة الحالية بنحو 8.5% من الناتج المحلي الاجمالي وفق منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، علمًا أنها شكلت في فترات سابقة قبل اهمالها حوالي 22% من الناتج المحلي الاجمال، إذ يوجد في لبنان قرابة 6000 آلاف مصنع تتشكل من مؤسسات صناعية تحويلية وخفيفة أو صناعات حرفية، حيث تعتبر صناعة المواد الغذائية والمشروبات من أهم الصناعات اللبنانية وأكثرها استقطابًا للرساميل والاستثمارات المتوجهة نحو هذا القطاع، وتحتوي على أبرز اليد العاملة الصناعية في البلاد وكذلك تعتبر صناعة مواد البناء التي تضم صناعات متعددة ومتنوعة من أبرز أنواع الصناعات وخاصة في مجال الصناعات الخشبية والزجاجية. وتبرز أيضًا في لبنان صناعة المجوهرات وصناعة الطباعة والنشر وصناعة الأنسجة والملبوسات. ويبلغ حجم الصادرات الصناعية في المجمل حوالي 2 مليار و94.5 مليون دولار.
أبرز المشاكل التي يعاني منها القطاع الصناعي:
1- عدم التمويل الكافي من قبل الدولة والقطاع الخاص، إذ تحصل الصناعة على حوالي 11% فقط من مجمل التسليفات.
2- ارتفاع كلفة الانتاج الصناعي بسبب الاعتماد على المواد الاولية المستوردة.
3- غياب أيّ نوع من الحماية الفعلية للانتاج المحلي الصناعي.
4- قلة المناطق الصناعية المجهزة بالبنى التحتية الأساسية والمتطورة.
5- عدم ضبط الحدود البرية وانتشار التهريب مما يؤثر على الانتاج المحلي.
6- وجود منافسة غير مشروعة من قبل مؤسسات غير مرخص لها ولا تستوفي الشروط الضرورية للعمل في هذا القطاع.
7- ارتفاع الأكلاف الاضافية على كاهل المنشآت الصناعية وخاصةً في ظل غياب الكهرباء والاعتماد على المولدات التي تستهلك كميات كبيرة من المحروقات وبكلفة مرتفعة جدًا.
8- عدم وجود يد عاملة مختصة وغياب الآلات الحديثة مما يضعف الانتاجية والقدرة التنافسية لهذا القطاع.
أبرز المقترحات التي تساهم في تنمية الصناعة المحلية:
1- رفع معدل التمويل الصناعي من خلال زيادة التسليفات الى حدود 25% من مجمل التسليفات من خلال اعطائها للصناعيين على شكل قروض ميسرة بفوائد معقولة ولمدة مريحة في السداد.
2- العمل على تحسين القدرة التنافسية من خلال منح اعفاءات ضريبية مناسبة للمصانع الناشئة والصغيرة مما سيساهم في تخفيض كلفة الانتاج الصناعي.
3- تعزيز الكفاءة والمهارة لدى القوى العاملة من خلال تعميم التكنولوجيا والتدريب عليها مما سيعزز الانتاجية والانتاج الصناعي.
4- دعم الصادرات الصناعية من خلال اعتماد سياسة التشجيع على التصدير المبنية على اعفاء الصادرات الصناعية المحلية من أي رسوم جمركية.
5- فرض رسوم جمركية على السلع الصناعية المنتج مثلها محليًا مع تخفيض الرسوم الجمركية على المواد الأولية المستخدمة في الانتاج المحلي الصناعي.
6- العمل على اطلاق الصناعات الجديدة وخاصة الرقمية والتكنولوجية منها من أجل البدء في عملية التشجيع على الابداع والتجديد مما سيقدم فرصًا مهمة للعمل الصناعي المحلي.
الخلاصة
أثبتت التجارب العالمية أن الصناعة هي الركيزة الأولى لأيّ اقتصاد ناجح ومستدام، لذلك وجب على الحكومة اللبنانية أن تضع القطاع الصناعي ضمن أهدافها الاستراتيجية في أيّة خطة تعافٍ اقتصادي محتملة، مما سيساهم بشكل كبير في الحد من نسبة “الدولرة” وخلق نمو اقتصادي متوازن غير هشّ يستطيع مواجهة الصعوبات المستقبلية. ولتحقيق ذلك على الحكومة تأمين بنى تحتية متينة تبدأ بحلّ جذري لمشكلة الكهرباء والتي من دونها لا امكانية لتحقيق أيّ نمو يذكر في أيّ مجال وقطاع اقتصادي.