القضاء يُغري بالتعامل مع العدو!
موقع إنباء الإخباري ـ
مروان حجازي:
يمكن للعمالة أن تحتمل أكثر من وجهة نظر، فقط في لبنان، على الرغم من أن تبريرها أمر مستحيل، لكن في لبنان يحدث المستحيل، فيبررها البعض، ويجد لها القضاء اللبناني مخارج لا تليق بمن طعن المقاومة في ظهرها.
من هنا لا بد من إعادة النّظر في بعض الأحكام الّتي أصدرها هذا القضاء، بعد أن استطاعت الأجهزة الأمنيّة كشف شبكات تجسّس إسرائيليّة، قامت عناصرها بعمليات تجسس ورصد، كما اغتالت العديد من كوادر المقاومة، آخرهم كان الشهيد الحاج حسّان اللّقيس الذي اغتيل أثناء عودته إلى منزله، بعد أن كمنت له مجموعة في مرآب السيارات حيث كان يركن سيّارته، وأطلقت عليه عدّة طلقات ناريّة ما أدى إلى استشهاده. وبعد تكرار عمليات الاغتيال لعدد من كوادر المقاومة، وكشف أغلب منفذي تلك العمليات وتسلميهم إلى القضاء المختصّ لمحاكمتهم، طالعتنا في الفترة الأخيرة أحكام قضائيّة مثيرة للاستغراب والدّهشة، حيث تمّ تجاوز جميع المواد القانونيّة الّتي تنصّ بشكل واضح على إنزال أشدّ العقوبات بكلّ من يثبت تورطه بالإتصال بالعدو الإسرائيليّ، وإعطائه معلومات، أو القيام بعمليات تهدّد أمن الوطن.
وكمثال على ذلك، تأتي قضية عميل الاتصالات شربل قزّي، الّذي تمّ إخلاء سبيله من قبل القاضية أليس شبطيني، بعد مرور حوالي سنتين على اعتقاله، من دون أي تبرير لذلك، علماً أنّ المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن نزار خليل قد حكمت عليه وجاهياً بتاريخ 21 كانون الأوّل 2011 بعقوبة الأشغال الشاقة مدّة خمس سنوات قبل أنْ ترفعها إلى سبع سنوات، بناء على نصّ المادة 283 من قانون العقوبات، بعد إدانته بالاتصال بالمخابرات الإسرائيلية كما هو منصوص عليه في المادة 278 من القانون نفسه، وتجريده من الحقوق المدنية، بعد أن توفرت الأدلّة الدامغة والقرائن الموثّقة التي تؤكد تورّطه بالعمالة لصالح العدو الإسرائيلي، حيث زوّده بأسماء الموظفين في شركة “ألفا” ووظائفهم، وبمعلومات عن الكوابل البصرية وبملف عن السنترالات اللبنانية وزوّده أيضاً باتجاه الاتصال نحو الجنوب، وبجدول سري بالـ IP العائد لموظفي شركة “ألفا” وسحب داتا الاتصالات وإرسالها إلى العدو.
إذاً، هل يهدف القضاء اللّبناني إلى ردع من تسوّل له نفسه التّعامل مع العدو، من خلال تعاطيه مع ملف محاكمة العملاء، أم يساهم في تشجيع ضعاف النّفوس على مزيد من التّورط في العمالة؟
لقد ثبت من خلال التّحقيقات مع العديد من العملاء، أن عددًا كبيرًا منهم تلقّى أموالاً طائلة من العدو مقابل تعاملهم معه.
وحتّى لا تصبح العمالة في لبنان وجهة نظر غير خاضعة للمساءلة والمحاكمة كما يفترض منطق الأمور، ينبغي التّعاطي مع قضية العملاء بمزيد من القسوة، وإنزال أشدّ العقوبات بحقّهم كما ينصّ القانون دون أي تدخّل من أي جهة كانت، لأنّ العملاء لا طائفة لهم ولا دين، ولأنّ كلّ من يقوم بالبحث عن أسباب تخفيفيّة بحقّ العملاء هو كمن يقوم بدعوة المزيد من الأشخاص إلى المضي قدما في تعاملهم.. وإراقة المزيد من الدماء.