القصير.. مدينة فَــصْل الخطاب
جريدة العرب اليوم الأردنية ـ
العميد الأردني المتقاعد: ناجي الزعبي:
تقع القصير، هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها مع محيطها من القرى، حوالي خمسين ألف نسمة في القلب من سورية، ولبنان ، وعلى مسافة35كم من حمص و3 كم من الحدود اللبنانية، الهرمل. وتعتبر عقدة مواصلات من الغرب اللبناني للشرق السوري، ومن الشمال إلى الجنوب.
تمتاز بقربها من حمص، العقدة الإستراتيجية وممر خطوط الغاز القطرية المفترضة لتركيا، وحوض المتوسط وميناء جونيه، الذي يخضع لسيطرة سمير جعجع زعيم القوات اللبنانية، المعروف بولائه وارتباطه بالعدو الصهيوني، وتيار المستقبل بزعامة الحريري، وقد تزودت القصير عبر ميناء جونيه بما يزيد عن ثلاثة بواخر من الذخائر والأسلحة قدمت من ليبيا، وعشرات الآلاف من المرتزقة والإرهابيين.
كانت مقراً لغرف عمليات للناتو والعدو الصهيوني وتركيا وقطر والسعودية، وقد أعدت لاستقبال المرتزقة والأسلحة عبر شبكة أنفاق داخلية، وأخرى تمتد بطول يبلغ 3كم عبر الحدود اللبنانية، لتفادي أقصى مدى للأسلحة المتوسطة. وكانت غرف العمليات تُــعد للتنصت على الاتصالات العسكرية السورية، وتوجيه الإرهابيين في الداخل السوري وتؤمنهم بالإمدادات، وقد أهلها توسطها الجغرافي لأن تصبح عقدة مواصلات، ولهذا اختيرت وأعدت لتلعب هذا الدور. اتخذت القيادة السورية قرارها بحسم المعركة، فقواتها المسلحة تتعزز بربع مليون مقاتل من مقاتلي الجيش الشعبي، المُــعدين والمدربين تدريباً متقدماً، والأسلحة تتدفق عبر الموانئ والمطارات والطرق السالكة والخاضعة للسيطرة السورية شبه المطلقة، والتحالفات الإقليمية والدولية تزداد تماسكاً “وقوةً وإصراراً” بفعل التفوق والصمود السوري، وبفضل تصدع أركان المؤامرة، بفعل الوهن العسكري والاقتصادي والردع الدولي وانتهاء القطب الأوحد.
كانت القصير في مقدمة الأولويات والأهداف المطلوب حسمها لتقطيع أوصال الإرهابيين، ووقف الإمدادات البشرية واللوجستية، والسيطرة وتوجيه العمليات ووقف التنصت والتدخل في الاتصالات للجيش السوري، بعد ضبط الحدود الأردنية والتركية ومن ثم اللبنانية، فكان لابد من تطويقها والسيطرة على الأنفاق وخصوصاً من الجانب اللبناني.
خاض الجيش السوري معركته في القصير بشكل مفاجئ للإرهابيين وأطراف المؤامرة، واستطاع خلال ساعات من الوصول إلى وسط المدينة، والسيطرة على جهاتها الشرقية والغربية والجنوبية، وانحسر تواجد الإرهابيين في المنطقة الشمالية بعد عزلهم ومنع الإمدادات وإغلاق الأنفاق وقطع الاتصالات عنهم، وإلقاء القبض على الخبراء، والعملاء الصهاينة والأمريكيين والأوربيين، ومصادرة المعدات والأجهزة المتطورة.
هي فقط مسألة وقت قليل لتحسم بعدها معركة القصير بعد التطهير والاستئصال النهائي لبؤر الإرهابيين وفلولهم، وبعد تأمين الحدود الأردنية وإنهاء خربة غزالة وممرها البالغ عرضه 50كم والممتد من القواعد الصهيونية إلى طهران وأصفهان حسب الخطة المعدة من قبل أركان المؤامرة.
قلبت هذه المعركة طاولة أطراف المؤامرة رأساً على عقب، وغيرت من قواعد التفاوض القادم في جنيف2، ومن لهجة التصعيد الأمريكية وحيّــدت قطر وتركيا، ومهدت للنصر الذي يخرج لسان السخرية السوري بعد أن كان رد سورية على العدوان الصهيوني، بفتح جبهة الجولان وتزويد المقاومة بالأسلحة الإستراتيجية، وعززت من مكانة الحلفاء الإقليميين والدوليين.
وهي البشائر للعالم الخالي من شرور المركز الإمبريالي الأمريكي- الأوروبي وأدواته.