الفيروسات لا تعرف حدوداً وطنية
صحيفة البعث السورية-
سمر سامي السمارة:
حثّ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس دول العالم على ضرورة إبرام اتفاق دولي لتجنّب أزمة مستقبلية، مؤكداً أن ما حدث سيحدث مرة أخرى ما لم تجتمع دول العالم لتقول بصوت واحد: “لن يحدث ذلك مرة أخرى”.
كما حذرت منظمة الصحة العالمية من خطر عالمي “مرتفع للغاية” يمثله متحول “أوميكرون”، حيث اجتمع ممثلو الدول الأعضاء في المنظمة والبالغ عددهم 194 دولة في جنيف لصياغة قرار يهدف إلى تكثيف الجهود وإعداد العالم لمواجهة حالات للوباء الطارئة، محذرين علناً من أن ظهور “أوميكرون” يجب أن يدفع الحكومات إلى دعم التضامن العالمي لتجنّب أزمة صحية كارثية أخرى.
ولهذا الغرض عقد علماء منظمة الصحة العالمية اجتماعات لصياغة مشروع قرار تفاوضت عليه الدول الأعضاء سابقاً لإضفاء الطابع الرسمي على القرار في جنيف الذي يوضح بالتفصيل كيف سيمنع العالم، ويستعد ويستجيب لمواجهة الأوبئة.
وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن ظهور “أوميكرون” -المتحول شديد التغيّر الذي تمّ اكتشافه في عدد من البلدان كـ البرتغال واسكتلندا- يؤكد مدى خطورة الوضع وهشاشته، حيث لا تزال جرعات اللقاح بعيدة عن متناول مليارات الأشخاص في جنوب الكرة الأرضية.
وأضاف أن المتحور “أوميكرون” يُظهر مدى حاجة العالم إلى اتفاق جديد حول الأوبئة، فلا ينبغي أن نحتاج إلى نداء إيقاظ آخر، علينا أن نكون متيقظين لتهديد هذا الفيروس، فظهور “أوميكرون” ذاته بمثابة تذكير لنا بأن الفيروس لم ينته بعد. وتابع: “سيحدث كل هذا مرة أخرى ما لم تجتمعوا أنتم، دول العالم، لتقولوا بصوت واحد: لن يتكرر ذلك أبداً”.
وبموجب الاتفاق، ستتمّ دعوة الدول الأعضاء لتبادل البيانات، بما في ذلك تسلسل الجينوم، المتعلق بالفيروسات المستجدة، بالإضافة إلى اللقاحات والعلاجات التي طورتها شركات مثل “موديرنا وفايزر”، حيث ذهبت معظمها إلى الدول الغنية.
وبحسب تيدروس فإن الإتفاق، الذي سيدخل حيّز التنفيذ عام 2024، يجب أن يوفر الإطار الشامل لتعزيز تعاون دولي أكبر وتوفير منصة لتعزيز الأمن الصحي العالمي في أربعة مجالات، بما في ذلك:
تحسين الإدارة لتوفير قيادة سياسية رفيعة المستوى لاتخاذ إجراءات سريعة ومنسقة.
تمويل أفضل يكون حقاً إضافياً قابلاً للتنبؤ به، عادلاً ومتماشياً مع الأولويات الوطنية والإقليمية والعالمية، مثل صندوق مالي وسيط يتمّ إنشاؤه في البنك الدولي، وتموله البلدان والمنظمات الإقليمية على أساس تقاسم الأعباء وتدعمه أمانة مقرها منظمة الصحة العالمية.
أنظمة وأدوات أفضل للتنبؤ بالأوبئة المحتملة والوقاية منها والتصدي لها بسرعة، مثل مركز الصحة العالمية لمكافحة الوباء، والمركز الدولي لمكافحة الأوبئة في برلين، ونظام مركز السلامة الحيوية التابع لمنظمة الصحة العالمية، ومركز منظمة الصحة العالمية الممولة على نحو مستدام في مركز الهيكل الصحي العالمي.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: أكثر من أي وقت سبق في تاريخ الإنسانية، لدينا القدرة على توقع الأوبئة، والاستعداد لمكافحتها، وكشف الجينات الوراثية المسبّبة للأمراض، واكتشافها في مراحلها الأولى، ومنعها من التحول إلى كوارث عالمية، والاستجابة لها عند وقوعها.
وأضاف مسؤولو الصحة العامة، بمن فيهم تيدروس، منذ أكثر من عام، خلق رفض الدول الغنية التنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات كوفيد-19 والذي من شأنه أن يسمح لجنوب الكرة الأرضية بتطوير نماذج عامة من اللقاحات الأكثر فاعلية ظروفاً مكنت المتحولات من الظهور والانتشار، إذ تستمر دول من بينها المملكة المتحدة وكندا وألمانيا في معارضة التنازل عن اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية.
كما أشار تيدروس إلى أن حصص اللقاحات ليس صدقة، إنه في مصلحة كل بلد، مؤكداً أن البلدان منخفضة الدخل تلقت أقل من 1٪ من جرعات اللقاح، أي أنه لا يمكن لأي بلد إيجاد طريقه للخروج من جائحة كوفيد-19 بمفرده.
عقد وزراء الصحة من أغنى سبع دول العالم -مجموعة السبع- اجتماعاً طارئاً لمناقشة انتشار “أوميكرون”، حيث قام أعضاء المجموعة التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا بتقييد المسافرين من عدة دول في جنوب إفريقيا بعد إعلان علماء جنوب إفريقيا الأسبوع الماضي أنهم حدّدوا المتحول، لكن دعاة المساواة في اللقاحات حثوا الحكومات الغنية على التركيز على وضع استراتيجية عمل عالمية حول الصحة العامة.
وفي كلمته قال تيم كول، المدير التنفيذي ومدير الحملة الأول، سيراقب العالم وزراء صحة مجموعة السبع اليوم إذا كانوا سيتخذون قرارات لإنهاء الوباء والحدّ من ظهور متحولات جديدة أو الاستمرار في قصر النظر وتخزين اللقاحات؟.
جدير بالذكر، أن دولاً، بما فيها الولايات المتحدة والبرازيل، كانت مترددة اعتباراً من الأسبوع الماضي في صياغة معاهدة ستكون ملزمة قانونياً، والتي تدعمها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي و70 دولة أخرى.
قال تيدروس: “إن الآليات الطوعية مثل التبرع بجرعات اللقاح لم تتوصل إلى حل التحديات التي يفرضها الوباء، مضيفاً أن أفضل طريقة يمكننا معالجتها ستكون من خلال اتفاقية ملزمة قانونياً بين الدول”.