الفتنة ليست مفاجئة
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
بعض من يشتغل على الفتنة في لبنان لا يهتم كثيرا سواء تفاجأ اللبنانيون ومعهم العرب، ام لم يتفاجأوا طالما ان عناصر الفتنة جاهزة والطريق إليها ممهدة، وعناوينها معروفة، وحتى من سيقوم بها بات اسمه مرشحا لقيادتها، اما التوقيت فما زال سرا عند أهله.
لكن ان يتفاجأ اللبنانيون بما حصل خلال اليومين الماضيين إلى حد الصدمة، فيعني في علم العلوم المعرفية ان التنفيذ تم استعجاله وجاء على غفلة من الجميع بدون استثناء، وان ثمة من يستثمر ما هو أكثر من رجال معينين في قاموس الفتنة، لم تجر الإشارة إليهم، وقد اشعلوها فيما كان الناس ينتظرون حدوثها بطريقة مختلفة.
لن يترك الإسرائيلي لبنان على حاله، كما انه لن يترك سوريا ولا حتى دولة عربية مهما كانت قريبة منه أو بعيدة. اما لبنانيًّا، فإنه قد لا يترك موقعا أو مكانا أو شخصا ما إلا وأدخله في حسابه. ويعنيه أن يكون رجال الفتنة كثرا، وكلما زاد عددهم، زادت قدرتهم، وبالتالي تمكنوا من العمل بسرعة في جر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، والتأثير السريع على الحياة العامة بما لا يدع مجالا حتى لتدخل الجيش في الوقت المناسب.
ما جرى بالأمس من اعتداء على رجلي الدين قد أدخل تحت بند المزيد من تفتيت الحالة المذهبية، والمزيد من الاحتقان الذي كلما زاد حمل في طياته تهديدا للوطن بأكمله، وجعل امكانية انتشار النار بسرعة مذهلة اساسا من أسس اللعبة التي يحضر لها لبنان.
ما جرى بالأمس من مفاجأة لكثيرين كان محرجا، كأنما هي بوادر الفتنة كما خاف منها وزير الداخلية اللبناني مروان شربل وكل العقلاء .. هكذا تفسير رآه الجميع وخافوا ان يفلت من يدهم، فرموا أنفسهم على الحل سريعا كي لا يزيد من وطأة المشكلة، مشاكل.
لن يسلم لبنان في كل الاحوال من الأهوال التي تمر بها سوريا، بل لعله أكثر المتضررين، والذين سيدفعون الثمن، ان هي زادت حرارة الصراع السوري اأ توقفت. فلبنان بمقاييس المرحلة المقبلة هو المكان الذي ستأكله النار السورية سواء أخمدت أو اصطرعت.
جميع من كلمني من بيروت كان هلعا مما يجري، لكأنها أبواب الجحيم قد فتحت كما قال لي أحدهم، فيما أصر آخر على ان المنتظر الذي ننتظره قد بدأ ومعه عداد التفجيرات والقتلى والتدمير والتخريب. صور يراها الجميع قبل ان تبدأ وقائعها.
لن يكتب تهدئة للبنان من الآن وصاعدا، منذ ان قتل الحريري إلى اليوم الذي بدأت فيه الحرب في سوريا، إلى اللحظات التي ستنفجر فيه الأزمة دفعة واحدة لتكون الأصعب في تاريخ المنطقة حيث شهوة القتال في أوجها، والاحتقان المستشري في النفوس في ذروته. ولن تكون هنالك تفاصيل أخرى خارج النص المكتوب للبنان.